لم أبتكر وصفاً كهذا ليكون عنواناً لمقالي إنما سمعته من أحد المحبين لذلك الرجل العظيم الذي أثَّر في الظروف ولم تؤثِّر فيه، إذ هو رجل في أمة وأمة في رجل، أحبه وأثنى عليه من حكم ضدهم من أكثر الناس عناداً وأشدهم بأساً اجتمع فيه من الخصال ومكارم الأخلاق ما تفرّق لدى غيره ذلكم هو العالم العابد الشيخ إبراهيم الراشد الحديثي، رئيس محاكم منطقة عسير سابقاً، عرفه الناس هناك على مدى نصف قرن بعدله وورعه ونصحه وتواضعه للجميع على حد سواء، إذ كان يحترم الجميع ولا يحتقر منهم أحداً أبداً على الإطلاق.
أدرك الملك فيصل - رحمه الله- عظمته وشجاعته فاختاره لمهمة توفيقية صعبة قام بها خير قيام منتصف عام 1384هـ مع عدد آخر محدود من المشايخ الفضلاء الشجعان في ظروف صعبة مرّت بها بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية فأصبح منذ ذلك الحين يحظى بمكانة متميزة لدى ولاة الأمور.
كان يحج كل عام منذ شبابه، وحينما صدرت تنظيمات جديدة للحج مازحه أحد مرافقيه وهو في طريقه إلى المشاعر محرماً يوم التروية بأنه لن يسمح له هذا العام بدخول منى فأجابه قائلاً: إن سمح لي بالدخول أكملت النسك وإن لم يسمح لي فسأقول سمعاً وطاعةً وأعود.
طلب منه أحد أقاربه الشفاعة له والاعتذار نيابةً عنه لإحدى إمارات المناطق فوافق له على الشفاعة ورفض الاعتذار قائلاً إنني لا أدافع عن المخطئين!! حازم في سماحة مهيب في بساطة قوي في لين وجيه في كرم، كان بلا شك من عظماء العصر ورجاله الأفذاذ من العيار الثقيل أحب الناس فأحبوه فكتب الله له القبول بينهم حتى توفي في مدينة أبها بمنطقة عسير أواخر شهر ذي القعدة من سنة 1424هـ عن عمر يناهز المائة عام.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.