إن صدور القرار الملكي الكريم من قِبل سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - القاضي بمعاقبة المشاركين في أعمال قتالية خارج الوطن قرارٌ تُوّج بالحكمة، وتدثر بالحفاظ على فكر وأرواح أبناء الوطن، فلا يمكن أن يرضى الوالد الحاني رؤية أبنائه لقمة سائغة وكبش فداء لحروب وقتال لأنظمة دولية أخرى. وفي الوقت نفسه يعد ذلك القرار مغلقاً لباب التهم التي طالما أُلصقت بأبناء البلد، وصاروا محل تهم وشبهة أينما ذهبوا، بسبب انتماء ثلة من أفراده لتنظيم القاعدة الذي أعلن في أعقاب كثير من عمليات التخريب والترويع مسؤوليته عن تلك الأعمال الإجرامية التي تنفر منها الفِطَر السوية والعقول السليمة. وتأتي تلك العقوبات والأحكام التي حملها نص القرار الملكي بمنزلة الرحمة لفئة من أغلى فئات المجتمع، وهم الشباب، عماد الأمة وعمودها الفقري، ومصدر نهضتها، وسر تقدمها وتطورها، بعد أن وقعوا ضحايا للمحرضين على الجهاد من قِبل أناس حظوا بشعبية كبيرة عبر وسائل الإعلام التقليدية والحديثة؛ ليزجوا بهم في مَوَاطن القتال في بلد قامت ثورته منذ ثلاثة أعوام. ولعل كل عاقل ورشيد من عالم، وحتى الرجل البسيط، يعلم بداهة مفاهيم الجهاد وشروطه ودوافعه، بما يجعل الجميع يبارك هذا القرار الذي أصاب الحكمة. وبدأت الجهات المعنية بالأمر في استقبال العائدين من تلك البلاد الثائرة. ولن تنحصر المسؤولية في الجهات المعنية بالأمر ومتابعة عودة أبناء الوطن بل يجب أن تمتد المسؤولية لوسائل الإعلام المتعددة والمؤسسات التربوية والرياضية والاجتماعية لإيضاح مضامين وثمار ذلك القرار، فيكفي استنزافاً لطاقات الشباب وقدراتهم التي يحتاج إليهم وطنهم وأهلوهم وذووهم.
اللهم احفظ لنا ولاة أمرنا، وسددهم في الأقوال والأفعال، واجعلهم رحمة للبلاد والعباد. ومن الله المبتدأ، وإليه المعاد.