مع الشروط المعقدة والتكاليف الباهظة التي تتطلبها القنوات الفضائية والشبكات التلفزيونية في الولايات المتحدة سواء كانت عن طريق الستالايت أو الكايبيل «الاشتراك المدفوع»، اتجه العديد من المنتجين لبعض المواقع على الإنترنت من أجل إنتاج مسلسلاتهم بعيداً عن عيون الرقيب في القنوات.
العديد من القنوات المفتوحة في الولايات المتحدة مثل ABC و NBC بدأت تؤمن في مواقعها على الإنترنت برامج خاصة بالشبكة العنكبوتية ولا تعرض على القنوات، وتحولت بعض القنوات المدفوعة مثل HBO و TNT إلى مستثمرين في عدد من البرامج والتي ستعرض لاحقاً في مواقعها على الإنترنت، لكن تواجه هذه القنوات بعض البيروقراطية التي تؤخر سرعة التنفيذ.
بانسيابية مثيرة للاهتمام وبسرعة إنتاج مذهلة أسست مواقع آبل عن طريق تليفزيونه مع إمبراطورية قوقل وشركة آمزون الشهيرة، والأهم موقع نيتفليكس في إنتاج أفلام ومسلسلات شبابية متميزة بدأت تهدد هيمنة الشبكات العملاقة في أمريكا.
موقع نيت فلكيس على سبيل المثال بدأ الموجة بصناعة مسلسلات خاصة به برسوم رمزية للمشتركين لا تتجاوز سبعة دولار شهرياً.
موقع نيتفلكيس وعلى الرغم أن يعرض أفلامه ومسلسلاته فقط في 40 دولة حول العالم إلا أنه تصدر بلا منافس المواقع التي تحظى بعدد مشتركين داخل الولايات المتحدة وحول العالم.
أنتج المسلسل واحد من أهم المسلسلات المتميزة والناجحة هذا العام وهو «House of Cards» ذو الطابع السياسي والمثير على مستوى التصعيد الدرامي، والمسلسل من بطولة كيفين سبايسي والذي ساهم في إنتاج المسلسل مع المخرج الطليعي التقدمي ديفيد فينشر.
مسلسل بسيناريو جريء ومتصاعد يقدم كواليس عالم السياسة الداخلية في الولايات الأبيض من خلال شخصيته الرئيسية «فرانسيس آندروود» والذي يشغل مقعداً في مجلس الشيوخ.
يقدم لنا المسلسل بتفاصيل دقيقة قصص وعدة خطوط بتقاطعات مذهلة، لكل شخصية في هذا المسلسل علاقة بالشخصية الأساسية «فرانسيس»، والتي تمثِّل هرم القوة والجبروت والسيطرة.
يتميز «فرانك» أيضاً بعلاقاته المتينة مع عدد كبير من الإعلاميين، السياسيين، والأهم أصحاب النفوذ داخل البيت الأبيض وخارجه.
لهذا المسلسل قيمة كبيرة خصوصاً في موسمه الثاني والذي بدأ مؤخراً تتمثّل في صراحة المضمون في نقل عالم السياسيين بشكله
الواقعي للمشاهد بلا أية محاولات رخيصة سواء للمبالغة في التشويه، أو في التطرف في تلميع الصورة. كما تفعل بعض قنوات
المينستريم ميديا واستوديوهات هوليود.
قوى أخرى لهذا المسلسل وهي الإمكانيات الرفيعة التي يمتلكها طاقمه التمثيلي خصوصاً الجانب الثانوي منه، أكرر الثانوي لأننا
نلاحظ دائماً في المسلسلات التلفزيونية الشهيرة أن الممثلين الثانويين مستواهم أقل من الأساسيين، في هذا المسلسل الجميع
متساوٍ في التميز الأدائي التمثيلي، بل هناك من الممثلين المساعدين من يتفوّق على نجوم العمل الكبار.
أحدث المسلسل ربكة في عالم المسلسلات على اعتبار نجاحاته الضخمة على مستوى المشاهدة في موقع نيت فلكيس، والأهم مستوى الجوائز التي حصدها المسلسل على مستوى الإيمي وجوائز الكرة الذهبية، للمسلسل أيضاً أهمية قصوى لدى المخرجين الشباب في الولايات المتحدة والعالم بسبب أنه من أوائل المسلسلات الأمريكية التي حققت نجاحات نقدية ومالية وجماهيرية من دون دعم و»ومنّة» القنوات والشبكات التلفزيونية الأخطبوطية الكبرى في الولايات المتحدة.