أثارني ما نُشر يوم الأربعاء الماضي على لسان معالي مدير جامعة الملك خالد الأخ العزيز الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الداود حيال توجه الجامعة لإعادة النظر في مادة الثقافة الإسلامية التي تعد من المواد المقرَّرة على جميع طلاب الجامعة، فعدت أبحث في أرشيف «الجزيرة» عمّا سبق أن سطَّرته شخصياً في هذه الزاوية حيال هذا الموضوع الهام فضلاً عن غيري من الزملاء الكتَّاب والمثقفين، ومما وجدت في هذا، أنني طالبت في يوم الاثنين 13 محرم 1429هـ بتأسيس «جمعية الثقافة الإسلامية» يكون من وكدها وأول اهتماماتها ممارسة النقد على المناهج والسعي نحو توحيد الجهود الثقافية التي تتبناها جامعاتنا السعودية.. وفي يوم الثلاثاء 3 جمادى الآخرة 1433هـ كان عنوان مقالي في هذه الزاوية «مقرّرات الثقافة الإسلامية في دائرة التحليل والنقد».. وهو اليوم الذي بدأت فيه فعاليات حلقة النقاش التي أقامتها جامعة حائل ممثلة بقسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية «مقررات الثقافة الإسلامية في جامعاتنا السعودية»، وشارك فيها رؤساء أقسام الثقافة في الجامعات الحكومية والخاصة وكذا عدد من المختصين والمهتمين والقائمين بتدريس هذه المادة المرشحين من قبل كلياتهم المختلفة في الجامعات، كما شارك بهذه الفعالية الهامة ممثلو وزارة الداخلية، والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، واستمرت الحلقة يومين كاملين، كان فيهما خمس جلسات بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية التي شرَّفها وأعلن فيها بدء أعمال الحلقة وتدشين فعالياتها معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم، والجلسة الختامية التي تليت فيها التوصيات، عناوين هذه الجلسات الحافلة بالمداخلات والمناقشات -كما نشرت صحفنا المحلية آنذاك -:
* الثقافة الإسلامية «محددات المصطلح وضوابط المنهج».
* مادة الثقافة الإسلامية في جامعاتنا السعودية «قراءة تحليلية».
* المضمون المقترح لمواد الثقافة الإسلامية في جامعاتنا السعودية، وتجارب الجامعات السعودية في تدريس مقرَّرات الثقافة الإسلامية.
* جمعية الثقافة الإسلامية وآليات تفعليها.
* مسؤولية أقسام الثقافة الإسلامية في تحقيق الأمن الثقافي المجتمعي.
وفي نهاية حلقة النقاش هذه نُشر عدد من صحفنا المحلية الورقية والإلكترونية ما توصل إليه المجتمعون من توصيات أعتقد أنها هامة وذات صلة مباشرة بما ينشده أصحاب المعالي مديرو جامعاتنا الوطنية الحكومي منها والخاص ويتطلع له ولي الأمر حفظه الله ورعاه، ومع ذلك وللأسف الشديد لم يلتفت لهذه التوصيات ولم يعمل بما أكّدت عليه وطالبت فيه من قبل عدد من الجامعات السعودية مع أنها عُممت بخطاب رسمي صادر من مقام معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري في حينه.
لقد تعوَّدنا أن التوصيات التي ينُتهى لها سواء في المؤتمرات أو الندوات أو حلقات النقاش الداخلية منها والخارجية تبقى غالباً في طي النسيان وفي خانة المسكوت عنه، ومتى جد سبب من الأسباب عاد الحديث والنقاش من جديد لذات الموضوع وربما على يد ذات الفريق دون الرجوع لما كان، وهكذا تضيع الجهود بالتكرار.. ليس هذا حكراً على ما ورد أعلاه، بل هذا هو ديدننا في كثير من أعمالنا المختلفة أكاديمية أو خدمية أو إنتاجية خاصة أو حكومية أو حتى أهلية.
إنني في الوقت الذي أشيد فيه بمبادرة جامعة الملك خالد «في الشروع بتشكيل لجان لدراسة محتوى مواد الثقافة الإسلامية وفحصها للإبقاء على ما يفيد واستبعاد ما لا يفيد ولا يتناسب مع متغيِّرات العصر» وهو ما طالبت به الحلقة المشار إليها أعلاه، إنني في ذات الوقت أتمنى أن تحظى هذه المادة بالاهتمام والحرص فتسند مهمة تدريسها للمختص في الثقافة الإسلامية - كما جاء في التوصيات -، فهي ليست كما يظن البعض مجرد متطلب عام لا تؤثّر على الطالب في تخصصه، إذ هي تدخل في صلب تكوين الطالب والطالبة، وتؤثّر على آلية تفكيرهما، وهذا يعني المطالبة في التوسع بفتح الدراسات العليا حتى يتسنى تخريج المختصين في هذا العلم، المؤهلين تأهيلاً معرفياً ومهارياً للقيام بهذه المهمة على أحسن وجه، دمتم بخير، وإلى لقاء والسلام.