عرض الدكتور عبدالكريم بن عبدالرحمن الزيد نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، جهود المكتبة ودورها في التحول إلى مجتمع المعرفة في ضوء الإستراتيجية الوطنية للتحول إلى مجتمع المعرفة التي نشرت عام 2014م وتهدف إلى أن تصبح المملكة مجتمعاً معرفياً بحلول عام 1444هـ، 2022م في ظل اقتصاد قائم على المعرفة مزدهر ومتنوع المصادر والإمكانيات، مضيفاً: أثناء محاضرة استعرض خلالها ورقة عمل قدمتها المكتبة ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب، أن التحول إلى مجتمع المعرفة يتطلب مجموعة من الأنشطة المعرفية التي تركز على التعليم والبحث العلمي والإبداع والابتكار وبناء اقتصاد متجدد ومستمر يستند في أساسه على المعرفة والتقنية.
وأوضح أن خطوات التحول إلى مجتمع المعرفة تبدأ باكتساب ونشر المعرفة من خلال التعليم والتدريب، حيث أن المعرفة شكل أساسي من أشكال رأس المال المادي والبشري، ثم نقل المعرفة إلى الآخرين واستيعابها من قبلهم لأن النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي يبنى على تراكم المعرفة وتوظيفها بالشكل المناسب، وأخيراً توليد المعرفة من خلال البحث العلمي والإبداع والابتكار والإسهام المعرفي فاستخدام التقنيات الحديثة تزيد في عائد الاستثمار وهذا يؤدي إلى استدامة النمو في المجتمع، بحيث تقوده القدرات البشرية المنتجة التي تساهم في الارتقاء بمكانة المملكة كدولة رائدة اقليمياً ودولياً.
وتحدث الدكتور الزيد عن تاريخ المكتبة التي أنشاها ويرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 1405هـ, 1985م، كمؤسسة خيرية تُعنى بنشر الثقافة والمعرفة في المجتمع، وقدمت المكتبة خلال ثلاثين عاماً خدمات ثقافية وعلمية ومعرفية لملايين الباحثين والمستفيدين من خلال تراثها المعرفي حيث تقتني (2.5) مليون كتاب ومادة معرفية، وتتميز المكتبة بأن خدماتها المجانية تشمل جميع شرائح المجتمع من الرجال والنساء والأطفال، وقدمت المكتبة لهم برامج التوعية والتثقيف الذاتي وتنمية مهارات البحث والتفكير والإبداع من خلال الأنشطة الثقافية من الندوات والدورات والمحاضرات وورش العمل وغيرها من برامج التثقيف والدعم لإفراد المجتمع، كما أسهمت المكتبة في إنجاز مشروعات علمية وثقافية على الصعيد المحلي والعالمي مثل: الفهرس العربي الموحد، وجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة والمشروع الوطني لدعم القراءة ونادي كتاب الطفل والمكتبات المتنقلة والقراءة في المطارات والمكتبه الرقمية العربية, كما قامت المكتبة بترجمة ونشر وطباعة مئات الكتب والدراسات وعملت على إصدار موسوعة شاملة عن مناطق المملكة العربية السعودية تقع في (20) مجلداً.
وناقش نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ما تضمنته ورقة العمل من جهود وإسهامات للمكتبة في التحول إلى مجتمع المعرفة، مبيناً أن المكتبة اعتمدت في رؤيتها وأهدافها نحو بناء مجتمع المعرفة على خطط وإستراتيجيات سابقة تتقاطع وبشكل كبير مع الإستراتجية الوطنية للتحول إلى مجتمع المعرفة التي عملت وزارة الاقتصاد والتخطيط على إعدادها، مشيراً إلى أن المكتبة اعتمدت على السياسات الوطنية للعلوم والتقنية ومبادرات التطوير التقني والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، كما حرصت على تطبيق المعايير الدولية في تنظيم عمل المكتبات العامة، وقامت على تصميم العديد من البرامج والأنشطة والفعاليات والتي تتوجه في أساسها إلى تقديم المعرفة المفيدة للمجتمع مع المحافظة على إنتاج المعرفة وتطويرها وتقديمها للمستفيدين والباحثين من خلال الاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة المتطورة في حفظ المعلومات وتنظيمها وبثها للمستفيدين عبر قاعات المكتبة المفتوحة على مدار اليوم وطوال أيام الأسبوع، إضافة إلى بوابات المكتبة الإلكترونية عبر الإنترنت والتي تمكن جميع الباحثين من الوصول إلى مصادر المعرفة في أي مكان في العالم، فضلاً عن الفهارس الآلية عبر الانترنت على الخط المباشر وكذلك الفهرس العربي الموحد وقواعد البيانات التي تتيح أكثر من مليوني كتاب ومادة معرفية، بالإضافة إلى الخدمات عبر الهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني.
وأضاف الدكتور عبدالكريم أن المكتبة أقامت العديد من الأنشطة الثقافية والعلمية والدورات التدريبية والمعارض المتخصصة والندوات وورش العمل، ولدى المكتبة برنامج سنوي يشمل الكبار والصغار وطلاب المدارس، يشمل مهرجان القراءة الحرة لطلاب التعليم العام والذي يخدم الآف الطلاب ويقام مرتين كل عام ويتضمن برنامجاً تربوياً لمساعدة الطلاب على اكتساب مهارات القراءة الحرة وتنمية مهارات التفكير والإبداع، ونادي كتاب الطفل والذي يقدم خدماته لآلاف الأطفال من خلال اشتراك سنوي يتم فيه إرسال مواد تربوية وتوجيهية وبعض القصص الهادفة لكل طفل على عنوانه شهرياً، فضلاً عن مشاركة المكتبة في جميع معارض الكتب داخل المملكة وخارجها للتواصل مع المثقفين والباحثين وعرض مطبوعات المكتبة وخدماتها المعرفية والعلمية، إضافة إلى إنشاء المكتبة المتنقلة والتي تقوم بجولات على أغلب المدن في المملكة وتشارك في جميع المناسبات الثقافية والوطنية في المملكة، وإنشاء برامج القراءة في المطارات والتي بدأ من مطار الملك خالد الدولي في الرياض.
وتناول الدكتور الزيد خلال المحاضرة مشروعات المكتبة العلمية، مؤكداً أنها قامت بإصدار موسوعة شاملة عن جميع مناطق المملكة تقع في عشرين (مجلداً) تغطي محاور التاريخ والجغرافيا والآثار والاقتصاد والبيئة والحياة الفطرية والعادات والتقاليد، وهي موسوعة موثقة ومصورة وتعتبر إطاراً معرفياً متكاملاً للمملكة العربية السعودية، كما أنشأت المكتبة جائزة عالمية للترجمة باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظةالله- تهدف إلى دعم جهود الترجمة وتكريم الأفراد والمؤسسات التي أسهمت في تعزيز مكانه الترجمة من اللغة العربية وإليها، كما عملت المكتبة على تشغيل الفهرس العربي الموحد والذي يخدم جميع الجامعات والمكتبات العربية والعالمية بهدف حصر جميع الكتب التي صدرت باللغة العربية وفهرستها وتكشيفها والتعريف بالمكتبات التي تقتنيها، وأنشأت قواعد بيانات متخصصة، مثل قاعدة بيانات عن الملك عبدالعزيز وقاعدة بيانات الفروسية وقاعدة بيانات الكتب المترجمة، إضافة إلى جهودها في نشر وترجمة وطباعة الكتب والمراجع وقصص الأطفال، حيث قدمت المكتبة من خلال برنامجها العلمي أكثر من (250) عنواناً من الكتب والدراسات ونشرت أكتر من (80) من قصص الأطفال العالمية بعد ترجمتها.
وحول جهود المكتبة في التحول إلى المجتمع الرقمي والاستفادة من التقنيات الحديثة في الاتصالات، قامت المكتبة بالعمل على تحويل مقتنياتها خاصة الوثائق والمخطوطات والكتب النادرة إلى شكل رقمي، ولدى المكتبة حالياً أكثر من (10) ملايين صفحة رقمية تمثل رصيداً جيداً في المحتوى الرقمي على مستوى المملكة، كما أنشأت بوابة المكتبة على الإنترنت والمواقع الإلكترونية والتي تشمل جميع مشروعات المكتبة وبرامجها وفهارسها الآلية وتمكن المستفيدين من الدخول إلى المكتبة من خلال الأجهزة اللوحية والآيباد والآيفون، وأنشأت المكتبة الرقمية العربية والتي تسعى إلى توفير أكثر من مليون كتاب عربي كامل النصوص يمكن المستفيدين من قراءة الكتب العربية وتصفحها من أي مكان في العالم، وأتاحت موسوعة المملكة والفهرس العربي الموحد للمستفيدين مجاناً من خلال شبكة الإنترنت، فضلاً عن إنشائها لموقع إلكتروني عن الحج باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والفارسية والأردية والروسية والصينية لخدمة معارض الحج الدولية التي تشرف المكتبة على إقامتها في العواصم الدولية.