اليوم يفتخرون بأن ابن رشد كان مسلما، بينما المسلمون نفوه وأغرقوا كتبه في اليم ولولا هجرته ببعضها لانطمر إرثه إلى الأبد. ما لكم لا تعقلون.
أدت المكيدة وتكفير الخصوم إلى أن تخسر الإنسانية إرثا هاما هو إرث ابن رشد على الرغم من احتفاء العالم كله بما تبقى منه...
يقول لويج رينالدي في بحث عنوانه «المدينة الإسلامية في الغرب»: «ومن فضل المسلمين علينا أنهم هم الذين عرّفونا بكثير من فلاسفة اليونان. وكانت لهم الأيدي البيضاء على النهضة الفلسفية عند المسيحيين. وكان الفيلسوف ابن رشد أكبر مترجم وشارح لنظريات أرسطو. ولذلك كان له مقام جليل عند المسلمين والمسيحيين على السواء. وقد قرأ الفيلسوف ورجل الدين النصراني المشهور توماس الأكويني، نظريات أرسطو بشرح العلامة ابن رشد. ولا ننسى أن ابن رشد هذا مبتدع مذهب «الفكر الحر». وهو الذي كان يتعشق الفلسفة، ويهيم بالعلم، ويدين بهما. وكان يعلمهما لتلاميذه بشغف وولع شديدين، وهو الذي قال عند موته كلمته المأثورة:»تموت روحي بموتِ الفلسفة وتحيا بالروبيض من الخنا وأشعا العسيسة في الكرا».
عمل ابن رشد قاضيا و فيلسوفا ومفكرا.
وفي كتابه «تاريخ موجز للفكر الحر» كتب المفكر الإنكليزي جون روبرتسون: «إن ابن رشد أشهر مفكر مسلم، لأنه كان أعظم المفكرين المسلمين أثراً وأبعدهم نفوذاً في الفكر الأوروبي، فكانت طريقته في شرح أرسطو هي المثلى».
وكتب المستشرق الإسباني البروفيسور ميغيل هرنانديز: «إن الفيلسوف الأندلسي ابن رشد سبق عصره، بل سبق العصور اللاحقة كافة، وقدم للعلم مجموعة من الأفكار التي قامت عليها النهضة الحديثة».
ورأى هرنانديز أن ابن رشد قدم رؤية أكثر شمولاً وإنسانية للمدينة الفاضلة. وكان يرى أن في الإمكان قيام كثير من المدن الفاضلة، تقوم بينها علاقات سلمية فاضلة -والمدينة هنا تكاد تعني الدولة تماماً- واعتقد أن قيام الحروب بين الدول هو نهاية العالم.
أحرق المسلمون كتبه واليوم نضع مدرسة ومكتبة باسمه... إنها دورة الزمن التي تجعل من سابق زمنه وجيله متهما مشبوها ثم تأتي الأيام بأن تجعله العلم الذي تتسمى به الأشياء!