أشرت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين - كما يعلم الجميع - جماعة مصريَّة خالصة؛ وهو الأمر نفسه بالنسبة لـ»القاعدة» فليس لأسامة بن لادن إلا التأثُّر بفكر جماعة الإخوان عن طريق معلميه في جامعة الملك عبد العزيز في مراحله الأولى، ثمَّ الاندفاع نحو ذلك الفكر وتلقيحه بمقولات سلفية داعمة، ثمَّ تطوّر اندفاعه إلى تأسيس جبهة مقاومة الصليبيين واليهود الذي عرف بالقاعدة بالاستناد إلى رؤى أيمن الظواهري وتاريخه العنفى في مصر وأفغانستان وغيرها. أما بالنسبة لداعش؛ فهي فصيل تكفيري متطرف لا شكَّ أن اختراعه وتكوينه ووضع آليات عمله تمَّت بطرق استخباراتية إيرانية وسورية؛ لضرب وإجهاض الثورتين في العراق وسوريا؛ وهو وإن ضم عناصر تكفيرية مندفعة ومؤمنة بأهدافها المتطرفة وتعادي المالكي في العراق وبشارًا في سوريا؛ فإنَّ ثمة من ينظر داخل «داعش» من العناصر الاستخباراتية لتحويل دموية داعش إلى من تختلف معهم في منطلقاتها وأفكارها وأجنداتها أولاً؛ لكي لا تختطف نجاح الثورة -في زعمهم-، ثمَّ الالتفات إلى نظام بشار! ونتيجة لهذا التوجُّه بتصفية الخصوم من الثوار أولاً؛ كجبهة النصرة، والجيش الحر، والفصائل الإخوانية وغيرها؛ قامت بما عجز عن القيام به النظام السوري، ولذلك تجنب توجيه أية ضربات لمعاقلها أو المناطق التي اكتسحتها؛ لتتفرغ بالإنابة عنه لأداء أدوار تصفية الخصوم! أما جبهة «النصرة فهي فصيل من فصائل فكر القاعدة؛ فالحديث عنها من باب المكرور والمعاد؛ فليس لبيئتنا بها شأن، ومن انضم إليها من شبابنا؛ فقد التحق من باب التأثُّر والاستجابة لما أفرزته قسوة ودموية النظام على الشعب السوري من مآسٍ وآلامٍ.
ونأتي إلى جماعتين أخريين شملهما القرار؛ وهما حزب الله الحجازي، وجماعة الحوثي! هاتان الجماعتان إيرانيتان خالصتان؛ وإن كان أفراد الجماعة الأولى سعوديين، وأفراد الجماعة الثانية يمنيين! فحزب الله الحجازي نشأ في بداياته الأولى في قم بعد أن هاجر إليها طلاب شيعة من القطيف والأحساء على إثر نجاح ثورة الخميني 1979م والتحقوا بدروس الشيرازي ومنتظري، وتشبّعوا بمبادئ الخميني وبدعوته إلى تصدير مفهوم الثورة التي تسمى «إسلاميَّة» إلى بلدان العالم الإسلامي كلّّها، ومن ضمنها الجزيرة العربيَّة أو بلاد الحجاز -كما كانوا يسمونها- إذًا لا يعترف الخميني باسم المملكة العربيَّة السعوديَّة وتبعه في ذلك طلابه المندفعون المتأثرون بدعوته وأفكاره الشوفينية الفارسية المتلبسة برداء إسلامي؛ فأنشأوا ما عرف أولاً باسم «الحوزة الحجازية»، ثمَّ «تجمع علماء الحجاز»، ثمَّ «حزب الله الحجاز» بعد أن تَمَّ تكوين حزب الله في لبنان وأصبح له نشاطٌ تخريبيٌّ واضحٌ ومؤثِّرٌ على الساحة اللبنانية، وكانت إيران تطمح من إنشاء حزب الله الحجازي إلى أن يكون على قدم المساواة مع نظيره اللبناني في قوة التنظيم والاستقطاب والقيادات والتدريب والعمل! ومرَّ هذا الحزب بتطورات لاحقة وبانقسامات داخل صفوفه وبإعادة تشكيل لمنهج عمله وتوزيع أدوار جديدة بين إعلاميَّة وأعمال تخريبية مسلحة؛ وهو ما أثمر عن إنشاء «منظمة الثورة الإسلاميَّة في شبه الجزيرة العربيَّة» وجناحها العسكري هو «حزب الله الحجاز» وهو من خطط وأدار ونفذ عملية الفوضى الأمنيَّة في حج عام 1407هـ والأعمال الإرهابيَّة في منشآت كيماوية، واغتيال دبلوماسيين سعوديين خارج المملكة، وإطلاق الغازات في نفق المعيصم بالتنسيق مع حزب الله الكويتي عام 1410 وعملية أبراج الخبر 1417هـ وغيرها مما لم تنجح هذه المنظمة الإرهابيَّة في تنفيذه! هل يمكن أن يقال عن هذا الفكر الشوفيني المعادي للإسلام وللثقافة العربيَّة والمرتمي في أحضان إيران الفارسية بأنّه نتاج بيئة سعودية؟! إنّه تفكير وتخطيط وتمويل واستقطاب إيراني خالص لا صلة لمعطيات البيئة الثقافية أو الفكرية السعوديَّة به! أما جماعة الحوثي؛ فهي فصيلٌ شيعيٌّ يمنيٌّ متطرفٌ مرجعيته الأولى والأخيرة في إيران؛ فلا صلة لنا بها على الإطلاق.