تابعت ما قامت به لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم من مقترح لوضع حد أعلى لسقف الرواتب للاعبين السعوديين المحترفين وقد نص المقترح على ان لا يزيد راتب اللاعب المحترف عن مبلغ مليون ومائتي الف ريال سنويا كحد أقصى، ويأتي ذلك المقترح في ظل ما تعانيه الاندية من شح في مصادر الدخل يقابل ذلك نفقات كبيرة تذهب جلها إلى حسابات اللاعبين ووكلائهم.
فمنذ أن تم تطبيق الاحتراف الرياضي قبل عامين من الزمان في المملكة وما صاحب ذلك التطبيق من تطوير وتحديث، ها نحن قد وصلنا قبل أيام قليلة ماضية إلى اعتماد مهنة اللاعب المحترف كمهنة رسمية وهذا بحد ذاته يعتبر خطوة ممتازة طال انتظارها ، فقد أصبح اللاعب المحترف يمارس اللعب كمهنة بتفرغ كامل تمثل مصدر رزقه وبالتالي سيتبع ذلك أن يكون له سجل في التأمينات الاجتماعية كموظف بدوام كامل وما ينطبق تحت ذلك من حقوق ومزايا.
فالهدف الذي طُبق من أجله الاحتراف هو الارتقاء بمهارة وفن اللاعبين إلى مستويات عالية تؤدي به إلى المنافسة العالمية وكذلك تفرغه التام للتدريب لكي يحقق مستويات عالية من الاداء في كرة القدم تنعكس على نتائج فريقه وأن تصبح الرياضة مهنة للاعب المحترف ومصدر كسب رزقه وضمان المستقبل له ، وما يتبع ذلك من تأمين طبي ورعاية ومميزات وظيفية أخرى تشجعه على الاستمرار باللعب وتضمن له عيشا كريما بعد التقاعد.
ولعل ما شهدناه خلال المواسم الماضية من تضخم هائل في قيمة عقود اللاعبين المحترفين كان له عدة أسباب ويكمن أهمها في المعادلة الاقتصادية التي تحكم جميع الاسواق في شتى المجالات وهي معادلة العرض والطلب ، فالسوق هو الذي يحدد الاسعار بناء على العرض والطلب فكلما زاد العرض انخفض السعر وكلما زاد الطلب قابل ذلك زيادة في السعر ، وهذا هو ما نراه في أسعار خدمات اللاعبين المحترفين.
فطبيعة النشاط الرياضي مبني على التنافس بين الاندية لتحقيق البطولات وجمع الدروع والميداليات وبالتالي تسعى جميع الاندية بلا استثناء إلى استقطاب أفضل اللاعبين المحترفين ليس على المستوى المحلي أو الاقليمي بل هذا الامر منتشر على المستوى العالمي لجميع الاندية التي تطبق الاحتراف ، فما نراه في أندية دوري عبداللطيف جميل من تواجد لاعبين أجانب محترفين هو دليل واقعي على ذلك.
ويمكننا القول إن أسعار خدمات اللاعبين المحترفين أصبحت مرتبطة بصورة وثيقة بمعادلة العرض والطلب واللاعب المميز صاحب الاداء الفعال داخل الملعب بكل تأكيد سيكون سعره أعلى بكثير من غيره نظرا لزيادة الطلب عليه ، ولعل ما تم إقراره من قوانين سابقا تمنع مفاوضة اللاعب المحترف قبل انتهاء عقده الحالي الا بعد دخوله الفترة المسموح بها ، كان هدف تلك القوانين التقليل من فرصة زيادة الاسعار حيث لايمكن للاعب الانتقال من ناد لآخر الا بعد انتهاء التعاقد السابق وبالفعل قد حققت تلك الخطوة إيجابيات عديدة.
إن وضع حد أقصى لرواتب اللاعبين المحترفين خطوة إيجابية من الممكن أن تفيد وتحد من تضخم أسعار عقود اللاعبين والتي أدت إلى معاناة الاندية من الناحية المادية بصورة واضحة جدا والامثلة كثيرة، في مقابل ذلك نجد أن اللاعب المحترف الذي يدفع في خدماته عشرات الملايين في الغالب لا يتقيد في بنود العقد سواء في انضباطه في التمارين اليومية أو عبر أدائه داخل الملعب أي بصيغة أخرى إن ما يدفع من مبالغ لا ينعكس كأداء داخل الملعب.
فقد أصبح هم كثير من االلاعبين هو التربح والكسب المادي عبر طلبهم زيادة في السعر وقيمة العقد للاستمرار مع النادي ، في مقابل ذلك أدى الافراط في الرغبة لتحسين الاداء من بعض اللاعبين إلى دفعهم لتعاطي المنشطات من أجل تحقيق أفضل النتائج بطرق غير مشروعة تنسف مبدأ المنافسة الشريفة في كرة القدم.
فهذه الخطوة تعتبر قرارا صائبا وفي مكانه الصحيح بغض النظر عن حجم المبلغ الذي يمكن مناقشته والاتفاق على قيمة معينة يلتزم بها الجميع ، ولكن الاهم من ذلك هو كيفية تطبيق ذلك القرار وما هي الاليات التي سيتم عن طريقها ضمان التزام الجميع بذلك ، فقد تم الاتفاق مسبقا على بيع عدد من الاندية على حد أقصى للعقود ولكن سرعان ما انهار ذلك الاتفاق أمام قانون العرض والطلب.
فهناك عدة طرق يمكن من خلالها تجاوز ذلك السقف سواء عن طريق منح اللاعب مبالغ بطريقة غير معلنه وخارجة عن نص العقد أو عن طريق تعويض اللاعب في مقابل ذلك بمزايات أخرى لا يتم تسجيلها وبالتالي لابد من وضع آليات تضمن تطبيق ذلك القرار بصورة الزامية من قبل جميع الاندية ، ولا بد من وجود لوائح للعقوبات في حال تم الاخلال بها أو عدم الالتزام بذلك السقف ، فلا فائدة من وجود قوانين ولوائح لا يُلتزم بها من قبل الجميع.