يقول صاحب كتاب العادة الثامنة: (إن الفكرة الأكثر عملية وأعظم أهمية هي كوننا أحراراً في اختيار ما نشاء)، وأقول إن حرية (الاختيار) منحة عظيمة وهبة جليلة تحرر الانسان متى ما آمن وعمل بها من لعب دور الضحية؛ وهو دور يضعف البشر ويجعلهم في آخر الركب؛ والحياة للأسف مليئة بأناس لا يدركون قيمة الاختيار فلم يستثمروا تلك المنحة لذا تجدهم مستسلمون للرتابة البليدة ولا عجب إن تهافتت حياة هؤلاء وذهبت سدى ولم ينالوا في حياتهم ما يريدون بل تقبلوا بذل وخنوع ما تطرحه لهم الأيام.
إن قوة الاختيار تعني أنك لست أسير بيئة ولست تابعاً لعادات ولست مجرد ردة فعل لتصرفات من حوله؛ بل أنت سيد نفسك, ذكي فطن يدرك أن اختياراته وليست كلماته هي الوسيلة الفضلى للتعبير عن دواخله وترجمة قوة فهمه, مؤمناً بأن الاختيار الجيد وليس الفرصة الجيدة هو من يغير حياته! ودونك حزمة من أهم الاختيارات التي يجب الاعتناء بها في حياتك:
1. اختر (التغيير الدائم والتحسن المستمر) فالفكر لن ينمو بشكل تلقائي كما ينمو الجسم ولن تتطور بمجرد البقاء على قيد الحياة، فلا أحد يتطور مصادفة؛ بل هي اختيار وإرادة وبذل وجهد.
2. اختر (الشريك الجيد) فلا حياة سعيدة دون شريك جيد فكم من متفوق في عمله ومبدع في حياته يعيش في جحيم هائل والآم لا تطاق بسبب شريك لم يحسن اختياره! فاحرص على اختيار الشريك الجيد وقبله احرص على أن تكون أنت شريكاً جيداً.
3. اختر (الجلوس في مقعد السائق) وأعني بهذا أن تختار مكان القيادة في حياتك ولا تعش في جلباب أحد، كن قائداً لنفسك وهو ما سيحفزك ويعينك على إيجاد طرق جديدة وستتجاوز منعطفات صعبة وسيحرضك على التحرك قدماً؛ فالحياة تقدم لك خيارين أساسيين ألا وهما أن تتقبل ظروفك كما هي أو أن تتحمل مسؤولية تغييرها وقائد نفسه يختار الثانية.
4. اختر (صناعة الفارق الجيد) في كل مشهد يمر عليك ففي يومك ستعرض لك الكثير من الاختيارات فربما كان اختيار (ما) هو ما سيغير اتجاه حياتك وربما من حولك، فاعتن بمفهوم الفارق الجيد واحرص على ترك بصمة أخروية جميلة في كل مشهد تحضر فيه.
5. اختر (المحافظة على صحتك) فبدونها لن تهنأ بعيش ولن تسعد بمال، ومتى اعتنيت بجسدك سيعتني فيك وما أروع قول جون جارنر: لوكان لدي أمنية لطلبت بها الصحة وعنها سأحصل على الباقي.
6. اختر (التوجه الإيجابي) في كل موقف، وذلك بالتفاؤل وحسن الظن وتلمس الزوايا المشرقة؛ فالموقف ليس هو ما يصنعك بل توجهك أثناءه هو المعني بصناعة نجاحك وما أروع قول تلك الأم الرؤوم لابنها الذي ولد بلا قدمين: أنت لست معاقاً إلا بالقدر الذي ترغب أن تكون عليه.
7. اختر (اللطف) في تعاملك والرفق في كل شئون حياتك ولاحظ حجم المتغيرات على مكاسبك, لاشيء يوازي الرفق في تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالمستوى الصحي والنفسي, اختر السلوك المهذب والكلمة الرقيقة والابتسامة الحانية ولن تندم.
8. اختر (عدم الاستسلام) وارفض اليأس وقل: لا للقنوط، وتذكر أن الكثير والكثير من حالات الفشل كان أبطالها لحظة استسلامهم على مسافة قريبة جداً من النجاح! لا تكن باكياً شاكياً ولا تجعل النواح مهنتك ولا الرثاء لنفسك هواياتك فمن العار والله أن نهدر أيامنا بالتسكع والتندم أمام باب مقفل.
9. اختر (التريث والأناة) وتعلم دراسة الاحتمالات والنظر في العواقب تأمل في المستقبل واستشرف آتي الأيام، لا تتعجل في اتخاذ قرار ولا تندفع تجاه فكرة ولو بدا لك حسنها وجمالها ولو نبض لها قلبك وتاقت لها روحك! يقول نورمان فينست:كن باحثاً عن الاحتمالات فحتى عندما تبدو الأمور حالكة؛ ارفع ناظريك وابحث عن الاحتمالات.
10. اختر (رضا الله) في كل شئونك ومواقفك، فالبشر لا يرضيهم شيء ولا يعجبهم العجب, واللهث خلف إرضائهم تسطيح لمعاني الحياة الجميلة فلا قيمة والله لحياة يكون الهم الأول فيها موافقة الناس ومعالجة النفس على الرضا بما يرضيهم.
11. اختر (أن تكون ذا يد بيضاء) رفيعة وكما يقال باللهجة الدارجة (علمك غانم), تسامح ما أمكنك وقدم ما تستطيع وتغافل عن التوافه ودائماً كن محسن الظن نقي الروح كريم اليد واللسان.
ومضة قلم:
تاريخ الأحرار لم يكتب أبداً بطريق الصدفة وإنما باختيارهم.