جاءت أخبار الأبحاث العلمية خلال الشهرين الماضيين في اتجاه معاكس لما تم ترويجه أن الإبل حيوان له منزلته الصحية الخاصة في الثقافة الإسلامية، فقد أثبتت الدراسات العلمية الموثقة أن أغلب الجِمال العربية في الجزيرة العربية مصابة بفيروس الكورونا المسبب للالتهاب الرئوي الحاد، وربما حاملة للمرض، وسبب انتقاله للإنسان، والالتهاب الرئوي بسبب الفيروس قد يؤدي إلى الوفاة، وقد تم تسجيل حوالي 62 حالة وفاة في المملكة العربية السعودية، بينما لم يتم إثبات أن الحيونات الأخرى حاملة للفيروس، كذلك لم يثبت علمياً أن الإنسان حامل للمرض.
ظهرت نفس النتائج عن الإبل في الإمارات العربية وقطر، وفي ديسمبر الماضي وجد باحثون أن الإبل وحيدة السنام في مزرعة في قطر قد أصيبت بسلالة لفيروس كورونا متطابقة تقريبا لتلك التي وجدت في شخصين مرتبطين بالمزرعة، كما بينت عينات للإبل في السعودية أن الإصابة تعود لعام 1992، وقد لا نحتاج إلى براهين أكثر من ذلك، فقد أثبتت الدراسات أن الإبل لها علاقة ما بإصابة الكورونا في الجزيرة العربية، ويستدعي الأمر العمل عاجلاً في تصميم لقاح للإبل يمنع انتقال الفيروس من الجمال العربية إلى المواطنين.
ما يُستفاد من هذه النتائج أن المعضلة التي عانت منها المملكة قد اقتربت من نهايتها إذا لم تختلف وزارتا الصحة والزراعة عن أيهما مسؤول عن علاج الإبل، لذلك يجب أن يؤخذ الأمر رسمياً من قبل الجهات العليا بصورة جدية قبل فوات الأوان، فالكارثة الصحية الكبرى قد تحدث إذا لم يتم الإسراع في إيجاد الحلول لأزمة موت المواطنين بسبب الفيروس، ولكن بالرغم من خروج النتائج لم نسمع عن برامج علمية وصحية في ذلك الاتجاه.
قد تحدث أيضاً كارثة اقتصادية عند الكثير من ملاك الإبل، فالجمل الذي نعتقد أن في بوله وحليبه الشفاء من الأمراض أصبح مصدراً مرعباً للخطر، بعد أن حاول البعض ترويج أن الجمل حيوان له منزلة رفيعه في الدين، وأن بول الإبل أكسير للحياة، وأن فيه بركة الشفاء من الأمراض، لكن الإجابة جاءت سريعة أن الجمل لا يختلف عن بقية الحيونات، لكنه قد يكون مصدراً للمرض مثلما كانت البقر والأغنام مصدراً للحمى المالطية.
كانت دهشتي عندما علمت أن الهندوس في الهند يروجون لشرب بول البقر كعلاج للسرطان، ويوجد في الإنترنت مواقع تبشر الهنود بفاعلية بول البقر الخارقة في علاج الأمراض المستعصية، وكانت عجبي أكبر عندما علمت أن شرب بول الإبل لم يكن ضمن ثقافة المسلمين في أوج الحضارة الإسلامية، لذلك أطالب كل أولئك الذين روجوا لبول الإبل كمصدر للشفاء أن يتوقفوا عن بيع المرض للناس، بعد ما باعوهم الوهم لفترة غير قصيرة، وعلى رجال الأعمال الذين بدأوا في استثمار بول الإبل كمشروب طاقة أن يتوقفوا قبل أن يتحملوا تبعات انتشار فيروس الكورونا في المنطقة، والانتقال إلى مرحلة الكارثة.
لا زلت أنتظر موقفاً رسمياً بعد الاكتشافات العلمية الخطيرة، وهل بدأ المسؤول في الثروة الحيوانية في العمل مع مراكز الأبحاث الوطنية للوصول إلى اللقاح، قبل أن تصل إليه إحدى الدول الغربية، ثم تصديره لنا بأغلى الأثمان، كذلك هل حان الوقت لإيقاف بعض مهرجانات الإبل في الصحراء، وإلى إعادة أسعارها الجنونية إلى الثمن المعقول مثل بقية الحيونات، بعد أن وصل الهوس بالبعير إلى درجة غير مسبوقة، وقد بيعت بعارين بالملايين، ولا أدري ما سيكون موقف ملاكها بعد اكتشاف أنها مصابة بالفيروس الخطير..
الجدير بالذكر أن منزلة الجمل شهدت تطورات كبيرة بعد الطفرة النفطية، وكان ذلك متلازما مع التغيير الاجتماعي المعاكس، وقد وصل الاهتمام بهذا الحيوان إلى درجة أن الحضر أصبحوا يظهرون سلوك «البداوة» في حياتهم الخاصة، وذلك كتعبير عن الأصالة والجاه، ويسعون إلى اقتناء الإبل وإسكانها في الصحراء، ثم القيام برحلة نهاية الأسبوع للاستمتاع بنزهة برية، يستمتعون خلالها بشرب حليب خلفات بنكهة فيروس الكورونا، ولكن بعد الاكتشاف المهم: هل سينهي فيروس الكورونا رحلة الشتات السعودية في اتجاه البداوة ورعاية الإبل!!.