ساهم أهالي تمير في مناصرة الدولة السعودية الأولى، وكان لهم دورهم في عهد الدولة السعودية الثانية، ولما كان عام 1318هـ وعندما مر الملك عبدالعزيز وادي الشوكي وانطلق من أحد غدرانه لمحاولة فتح الرياض كان نظر أهل تمير نظر المستبشر بقدوم وحدة جديدة بعد الفرقة والتناحر.
وفي عام 1319هـ وبعدما أتم الله للملك عبدالعزيز فتح الرياض سر أهالي البلدان بهذا الانتصار، ولذلك فلا عجب أن يناصر أهالي تمير الملك عبدالعزيز بعد ذلك في فتوحاته وشاركوا في مسيرة التوحيد واستتباب الأمن.
وحينما أراد الملك عبدالعزيز فتح منطقة سدير عام 1321هـ أرسل وفوداً إلى بعض بلدانهم فأرسل وفداً إلى أهل تمير حيث استقبلوه بالترحاب وأكرموه وأبلغهم بالانضمام إلى الملك عبدالعزيز فأجابوه ومكث عندهم أياماً لاقى فيها الحفاوة والتكريم.
وساروا مع الملك عبدالعزيز وشاركوه في الفتوحات التي قام بها في أنحاء المملكة، وقد كان يخرج من تمير ست ركائب للجهاد في الأحوال العادية ويضاعف هذا العدد في حالة اشتداد الغزو ويسمى جهاد مثني حيث يصل إلى اثنتي عشرة مركوبة، وكان تنظيم الجهاد في عهد الملك عبدالعزيز يعتمد على أربع حالات:
الحالة الأولى: حالة السلم الدائم فلكم أهل قرية واجب في الجهاد وهذا الواجب المعين أن يخرج عدد من الرجال المسلحين ببنادقهم وركائبهم مع لوازم الركائب وطعام الجنود لمدة أربعة أشهر فإن لم يكن هناك داع للجهاد دفع أهل تلك القرية مقابل ما يصرف مؤونة المجاهدين دراهم معينة لبيت المال كل سنة ينفقها الإمام في مصالح المسلمين، وهذا المقدار معروف في نجد وذلك باعتبار ما يحتاج إليه الغازي الكامل العدة من سلاح وطعام وركوب، فهذا المقدار يدفع لبيت المال إذا لم يكن هناك داع للجهاد.
الحالة الثانية: حالة المغازي العادية حيث يطلب العدد المقرر على كل قرية إذا كان هناك داع للجهاد فيخرج العدد بترتيباته وتجهيزاته ولا يعطي من بيت المال غير القذائف فإن أقام في الغزو أكثر من أربعة أشهر دفع له من بيت المال الطعام والشراب.
الحالة الثالثة: حالة المغازي القوية وهو أن يكون الداعي للجهاد ضرورياً ويحتاج لعدد وفير فيدعى للجهاد المثني وفي هذه الحالة يكون عدد الجنود من حواضر القرى مضاعفاً عنه في الحالة الثانية.
الحالة الرابعة: وهي الحالة الاضطرارية الشديدة إذا كان هناك خطر يهدد كيان البلاد فيعلن النفير العام ويؤخذ تسعة من عشرة من الذين يقدرون على حمل السلاح وفي هذه الحالة يبذل كل إنسان ما يستطيع مما يملك في سبيل الدفاع عن البلاد، وبهذه التنظيمات الدقيقة استطاعوا جمع العدد المطلوب من الحواضر بدقة وبترتيب خال من الإرباك ولا يكلف الحال غير صدور الأمر بالعدد المطلوب ثم لا يمضي على الأمر أكثر من خمسة أيام بعد وصوله حتى يكون العدد المطلوب من الجند قد تهيأ للمسير حيث يؤمر وهو كامل العدد والعدة.
وحسب رسالة من الملك عبدالعزيز إلى عبدالعزيز بن عسكر وكافة أهل سدير عام 1354هـ فإنه يخرج من منطقة سدير ذات البلدان العديدة في حالة الجهاد للأحوال العادية 76 مطية مما يعني أن لأهل تمير جزء كبير من المشاركة في الجهاد وكان يصرف عن كل مطية حسب ما ورد في الرسالة مائة ريال.
وقد أحصي على سبيل المثال عدد من شارك مع الملك عبدالعزيز من إحدى أسر أهل تمير فبلغوا أكثر من خمسة عشر رجلاً، فكيف بباقي الأسر الأخرى؟
ولقد كانت هناك قصص عن وقائع الغزوات يرويها كبار السن نقلاً عمن شارك فيها في أماكن مختلفة من المملكة مما يدل على مشاركتهم في معظم هذه الغزوات.
ولما اجتمعت جيوش الملك عبدالعزيز بين مبايض وتمير قام أهل تمير بإمداد الجيش بـ300 صاع من البر و300 وزنة من التمر عن طريق مندوبهم محمد بن حسين.
وادي الشوكي
يقع شمال تمير ويبعد عنها حوالي 48 كيلو متراً يمكن الوصول إليه بسهولة عن طريق الشعب وهو طريق مسفلت أو عبر طريق طلعة ضاحك (255173ش 455803ج) وهو طريق ترابي أو عبر طريق أم الأرشية، وهو واد كبير متشعب تكثر فيه أشجار الطلح يزيد طوله على 65 كيلومتراً وعرضه 1 كيلومتر ويرى الأستاذ عبدالله بن محمد الشايع أن وادي سلمانان الوارد في معجم البلدان أنه أقرب واد تنطبق عليه أوصاف وادي الشوكي حيث إن وادي الشوكي ينحدر باتجاه الدهناء ويصب في روضة التنهات. ويعتبر وادي الشوكي أحد أودية العرمة الشمالية ينحدر من قمتها مشرقاً ويصب في روضة التنهات ويليه من الجنوب العتك الأسفل والحقاقة ومليح والعرقوبة ومن الشمال الطراق والقرشع وبه روافد كبيرة هي أبو حرملة ويأتيه من ناحية الشمال، والفروثي ويأتي من ناحية الجنوب، والترابيع شعبان كبيران متوازيان يصبان فيه من ناحية الجنوب والودي شعب كبير يصعد في ظهر العرمة مما يلي الطراق ويصهب حتى يقرب من القمة وينحدر موازياً للشوكي من الشمال حتى يعارضه قريباً من منخرقه في روضة التنهات.
وفي الشوكي كثير من الغدران وهي أماكن يتجمع فيها مياه السيول، ومن هذه الغدران غدير أبو طلحة وغدير الرشايدة (255737ش 461085ج) وغدير المصيدير وغدير ضرمان وغدير الشظو وغدير أبو الرخم، وأبو الرخم أكبر هذه الغدران وقد خيم عليه الملك عبدالعزيز أكبر من مرة ونظراً لكثرة ارتياد هذا الوادي من قبل هواة التخييم فإنه يجب الحذر عند التخييم أثناء موسم الأمطار في وسط الوادي ففي عام 1416هـ نزلت أمطار غزيرة على الوادي فتسببت في محاصرة المتنزهين.
ومع أهمية الشوكي كمنتزه طبيعي فإن له أهمية تاريخية في عهد الملك عبدالعزيز ففي عام 1318هـ كانت هناك منافسة قائمة بين مبارك الصباح وعبدالعزيز بن رشيد فهم ابن رشيد بالإغارة على الكويت وحاول مبارك الصلح معه ولم يوفق فجمع مبارك أنصاره لصد هجوم ابن رشيد وكان من ضمن هذا الجيش الإمام عبدالرحمن وابنه عبدالعزيز واجتمع معهم حشد كبير ساروا حتى وصلوا الشوكي وجلسوا حول أحد غدرانه وبلغ الجمع نحو عشرة آلاف مقاتل. فكر الملك عبدالعزيز وهو في الشوكي بفتح الرياض فليس بينه وبينها إلا مسافات قليلة وعرض على مبارك خطته الحربية وهي أن ينفرد بقوة يزحف بها على الرياض ويداهمها فيضطر ابن رشيد أن يقاتل جيشين في مكانين مختلفين ووافق مبارك وانطلق الملك عبدالعزيز في مقدمة مئات من المقاتلين يريد الرياض وبقي والده مع مبارك.
فاجتاز الملك عبدالعزيز ما بين الشوكي والرياض في يومين إلا أن الأخبار بعد ذلك وصلت بهزيمة مبارك وعليه أن يتجنب الرياض درءاً للخطر الذي قد يصل إليه فقد كانت فكرة المحاولات الأولى لفتح الرياض من الشوكي. كما أن آخر معركة قادها الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد كانت في الشوكي، وكان ذلك عام 1348هـ حيث اجتمعت الحشود في الشوكي تضم أمراء القرى والهجر فكان لكل أمير هجرة وقرية راية فكان في الشوكي 118 راية. يقول خالد الفرج ومن غريب المصادفات أن يمشي (الملك عبدالعزيز) من الشوكي أيضاً سنة 1348هـ 1929م أي بعد ثلاثين سنة ليخوض آخر معركة في تشييد صرح الوطن وهي آخر المعارك التي قادها بنفسه.
مراسلات المؤسس لأهالي تمير
لقد كانت المراسلات بين الملك عبدالعزيز وبين أهل تمير كثيرة من قبل عدد من كتاب تمير لهذا أرسل الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري قاضي سدير رسالة لأهل تمير عام 1342هـ يدعو فيها أهل تمير بأن تكون المكاتبات سواء للملك عبدالعزيز أو للشيخ نفسه بخط إبراهيم بن ناصر بن هليل أحد أئمة جامع تمير وذلك خشية اختلاف الخطوط. وفي عام 1347هـ اجتمع أمير تمير عبدالله بن فايز مع الملك عبدالعزيز مع عدد من العلماء والأمراء والقادة والمجاهدين في الرياض وهو المسمى اجتماع الجمعية العمومية في نجد فقد كان اجتماعاً كبيراً جداً يدل على قوة التلاحم بين الشعب والملك عبدالعزيز رحمه الله. في عام 1352هـ أرسل الملك عبدالعزيز رسالة إلى أمير تمير ناصر أبو زيد وكافة جماعته أهل تمير بطلب تعاون التجار في دفع زكاتهم وتفريقها على الضعفاء بمتابعة أمير البلد وأن الدولة حريصة على نفع المسلمين قويهم وضعيفهم ولكن رضا الناس لا يدركه إلا رب الناس.
في عام 1363هـ أرسل الملك عبدالعزيز رسالة إلى أمير تمير أحمد بن فايز وكافة أعيان أهل تمير بطلب زراعة البذور التي منحت من الدولة لكي يكثر إنتاجها وينفع الله بها العباد.
تمير في عهد أبناء الملك عبدالعزيز
ما من شك أن توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز وتوفر الأمن وزيادة الاقتصاد باكتشاف النفط جعل ولاة الأمر يبدأون في مرحلة جديدة ألا وهي نهضة البلاد حضارياً وهذه النهضة برزت في عدد من مدن وقرى وهجر الملمكة ولقد ازدادت هذه النهضة في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد يرحمهم الله وما زالت مستمرة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهم الله- وتاريخ هذه النهضة يظهر جلياً في إنشاء عدد من المرافق واتساعها وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين والزيارات التي يقوم بها ولاة الأمر لتفقد أحوال الرعية.