كشفت مصادر مصرفية بالسوق السعودية أنه بسبب دخول بعض البنوك السعودية مؤخرا نطاق تقديم الخدمات الاستشارية لإصدارات الصكوك فإن هذا قد ساهم في منافستها للبنوك الدولية التي تمرست بتلك الخدمات، الأمر الذي أدى لتخفيض رسوم الاستشارات إلى مستويات متدنية. وشهدت السنة الماضية دخول ما لا يقل عن ثلاثة بنوك سعودية سلم ترتيب إصدارات الصكوك لأول مرة وهم بنك البلاد والإنماء والأهلي.
حيث لفت الرئيس التنفيذي للسعودي الفرنسي كابيتال إلى أنه على الرغم من تزايد عدد مصدري الصكوك فإن المنافسة على تقديم خدمات المشورة لتلك الإصدارات دفعت الرسوم التي تتقاضاها البنوك إلى مستويات متدنية جدا.
وخلال مقابلة على هامش مؤتمر مالي في العاصمة البحرينية المنامة قال ياسر الرميان الرئيس التنفيذي للسعودي الفرنسي كابيتال الذراع الاستثمارية للبنك السعودي الفرنسي إن «الرسوم في سوق السندات بالسعودية ليست الأفضل إذا أردت مقارنتها بمستوياته في المنطقة أو على المستوى الدولي. لكن إن كان ذلك هو الوضع فليس هناك خيار».
وتابع في حديثه لرويترز «إذا أردت أن تربح صفقات في السوق يجب أن تلعب بنفس القوانين المعمول بها ولهذا أحيانا يتعلق الأمر بالعلاقات وأحيانا باستمرار التواجد في السوق...من الجيد أننا نقوم بعمليات أخرى وليس فقط السندات.»
من جانبه قال مسؤول كبير بدويتشه بنك إن الشركات السعودية ستفضل إصدار السندات في السوق المحلية على الإصدارات الدولية لتلبية احتياجاتها التمويلية في عام 2014 نظرا لانخفاض تكلفة التمويل في السوق السعودية مع ارتفاع السيولة.
واتجهت الشركات السعودية بشكل متزايد نحو سوق السندات المحلية في السنوات الماضية لتنويع مصادر تمويلها بعيدا عن البنوك في ظل سيولة وفيرة تخفض تكاليف الاقتراض إلى مستويات أقل من نظيرتها في مبيعات السندات المقومة بالدولار.
وقال الرميان إن اصدارات السندات بالعملة المحلية في المملكة ستواصل النمو للمساعدة على تمويل مشروعات البنية التحتية مع لجوء البنوك لبيع المزيد من السندات لتلبية المتطلبات النظامية لاتفاق بازل 3 ومع سعي الشركات الخاصة لمزيد من تلك الصفقات.
ومع توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق العالمية من مستويات تاريخية منخفضة مع بدء تقليص برنامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة في 2014 فإن السوق السعودية المنعزلة بتكلفة اقتراضها المنخفضة من المتوقع أن تظل جذابة للمصدرين السعوديين.
وقال جمال الكيشي الرئيس التنفيذي لدويتشه السعودية للأوراق المالية «هناك سيولة وفيرة تتطلع لفرص جيدة في السعودية. والمهم هو أن السوق السعودية ألفت الإصدارات طويلة الأجل بالريال السعودي.
«نتوقع أن يتجاوز نشاط سوق السندات المحلية هذا العام مبيعات السندات الدولية من جانب المصدرين السعوديين.»
ودويتشه بنك الألماني هو واحد من أكثر البنوك الدولية نشاطا في السعودية أكبر اقتصاد في منطقة الخليج حيث من المتوقع أن تفتح المملكة أسواقها أمام المستثمرين الأجانب.
ويتنافس دويتشه مع إتش.إس.بي.سي وجيه.بي مورجان تشيس في تقديم الخدمات المالية والمشورة للشركات والكيانات المملوكة للدولة في السعودية.
وحصل دويتشه على رسوم بلغت 14.4 مليون دولار من ترتيب إصدارات سندات في الشرق الأوسط خلال 2013 ليحتل المركز الثاني بعد إتش.إس.بي.سي الذي حصل على 15.4 مليون دولار بحسب بيانات تومسون رويترز.
وكانت مجموعة بن لادن السعودية للإنشاءات ومجموعة المراعي للصناعات الغذائية من بين مصدري السندات الإسلامية (الصكوك) المحلية العام الماضي بينما ساعد دويتشه شركة صدارة للكيميائيات وهي مشروع مشترك بين أرامكو السعودية وداو كيميكال في جمع 7.5 مليار ريال لتمويل بناء منشآتها في مارس آذار الماضي.
وباعت بنوك من بينها البنك السعودي الهولندي وبنك ساب صكوكا أيضا في السوق المحلية لتعزيز احتياطياتها بعد فترة شهدت نموا في القروض.
وقال الكيشي «بالنسبة للكيانات التي ليس لديها ديون كثيرة مستحقة فإن سوق السندات المحلية ربما تكون أقل تكلفة وأكثر وضوحا.»
ويتوقع الكيشي أن تتخذ السعودية إجراءات لفتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب في 2014.
والسعودية هي أكبر سوق عربية للأسهم لكنها لا تزال مغلقة أمام التدفقات الرأسمالية الدولية. ودفعت الآمال بفتح تلك السوق أمام الاستثمار الأجنبي المباشر البنوك الدولية لتعزيز أنشطتها في المملكة.
ومن المرجح أن تشهد المملكة قفزة كبيرة في عدد وحجم الطروحات الأولية في 2014 مع تزايد اهتمام الشركات بإدراج أسهمها في البورصة ومع تسهيل المنظمين لعمليات الإدراج.
وسوق الأسهم السعودية هي الأكبر بين نظيراتها في دول الخليج وشهدت السوق خمسة طروحات أولية في 2013 بلغت قيمتها الإجمالية 506 مليون دولار مسجلة انخفاضا في قيمتها وحجمها عن 2013 رغم ارتفاع مؤشر السوق 25.5 بالمئة.
لكن هذا العام ربما يشهد نشاطا أكبر لأسباب من بينها عزم وزارة المالية طرح جزء من أسهم الأهلي التجاري أكبر بنك في المملكة من حيث الأصول للاكتتاب في وقت لاحق من العام.
وأشار الرميان بأن «2014 سيكون عاما جيدا لأسواق الأسهم.»
وأضاف «هناك ثلاثة أشياء: الجهات التنظيمية ومتطلباتها والشركات المصدرة واستعدادها للدخول (في السوق) وقدرة مستشاري الطروحات على التنفيذ.»
وتابع «واعتقد أن هذا العام تبدي الجهات التنظيمية اهتماما كبيرا بدخول المزيد من الشركات للسوق وهناك رغبة من الشركات في الإدراج كما أن المستشارون الماليون يرغبون في تنفيذ صفقات في كل ربع وليس فقط مرة في العام.»
وأوضح الرميان الذي تولى منصبه في السعودي الفرنسي كابيتال مطلع 2011 أن قيمة وأحجام الطروحات الأولية خلال العام الجاري ستتجاوز 2012 التي شهدت سبعة طروحات أولية بقيمة تقارب 1.4 مليار دولار.
وتأمل السعودي الفرنسي كابيتال في الحصول على موافقة هيئة السوق المالية خلال الشهرين المقبلين لتنفيذ طرح أولي لشركة جديدة من المرجح أن تجمع نحو 800 مليون ريال (213 مليون دولار). لكنه امتنع عن ذكر مزيد من التفاصيل.
وعادة ما تأخذ هيئة السوق المالية السعودية وهي الجهة المنظمة للبورصة موقفا متحفظا. لكن الرميان يرى أنها بدأت تظهر بعض المرونة في نواح متعددة مع تطور السوق إذ تركز حاليا على ضمان استيفاء متطلبات الإفصاح قبل الإدراج وقبل السماح للسوق بتحديد سعر الأسهم.
وفي نوفمبر تشرين الأول الماضي قالت هيئة السوق المالية إن شركة أسترا الغذاء التي تنتج وتوزع المواد الغذائية ألغت خططا لطرح أولي بعدما قررت أنه ليس بإمكانها تأكيد توقعاتها للأداء المالي.
وتتبنى السعودية منذ سنوات خططا لفتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب لكن موعدا لم يتحدد بعد لتلك الخطوة. ويرى الرميان أن فتح السوق ربما يحدث «قريبا جدا» مستدركا بقوله «لكني اعتقدت ذلك قبل ثلاث سنوات».