تتكرر تصريحات مسؤولي وزارة الصحة حول الزيادة في الخدمات الصحية، وتحديداً عدد الأسرة كمؤشر لحجمها. كما أنهم لا يغفلون شرح المقصود بمصطلح الشمولية والتكاملية الذي تستخدمه وزارة الصحة شعاراً لإستراتيجيتها بأنه شمولية الخدمة الصحية وعدالة توزيعها على كافة المناطق. التصريحات تبدو دائماً واعدة ومفرحة عندما نسمعها، إلا أنني تعلّمت بأنه من الأفضل الاعتماد على مصادر رسمية مكتوبة وليس التصريحات التي قد يشوبها الارتجالية ومحاولة بث الاطمئنان في أوساط الجموع. هذا ما سبق أن فعلته في الكتابة عن أسرة وزارة الصحة وبيّنت كيف أنها تتراجع في بعض المناطق اعتماداً على تقارير وزارة الصحة من عام لآخر. مؤخراً صدر تقرير حديث لوزارة الصحة - تقرير عام 1433هـ - وكتبت عنه الصحف معددة الإنجازات التي يحكيها، بناءً على ما يردها طبعاً من قبل إدارات العلاقات بوزارة الصحة وهي التي تكون اختيارية في طرح الأرقام.
وبما أن منطقة جازان هي ضمن الأكثر معاناة مقارنة ببقية المناطق في توفر الخدمات الصحية كما سبق أن كتبنا عنه، وبالأرقام كنسبة الأسرة لعدد السكان، وبما أن الوزارة تتحدث عن شمولية توزيع الخدمات الصحية فقد رأيت أن أتابع أرقام الإنجازات بهذه المنطقة كمؤشر لما تعد به وزارة الصحة وتنفذه. فإليكم تطور عدد الأسرة بمنطقة جازان خلال ست سنوات.
عدد الأسرة عام 1428هـ كان 1796 سريراً.
عدد الأسرة عام 1429هـ كان 1796 سريراً.
عدد الأسرة عام 1430هـ كان 1846 سريراً.
عدد الأسرة عام 1431هـ كان 1714 سريراً.
عدد الأسرة عام 1432هـ كان 1765 سريراً.
عدد الأسرة عام 1433هـ كان 1800 سرير.
هذا يعني أن ما تمت إضافته بين عامي 1429 و1433 هـ بلغ أربعة أسرة فقط، وذلك وفق تقارير وزارة الصحة الرسمية لعامي 1432 و1433هــ. وزارة الصحة في تقريرها الأخير أوردت الإحصائية للمناطق وليست لمديرياتها العشرين، كما كانت تفعل، لذلك يصعب مقارنة كافة المناطق، لكن من الواضح أن مناطق الحدود الشمالية وجازان لم يحدث لها إضافة خلال ثلاث سنوات وتناقص عدد الأسرة في مكة المكرمة خلال أربع سنوات وفي الباحة خلال خمس سنوات.
أكتب عن الموضوع الصحي المرة تلو المرة وأكرّر الأسئلة المرة تلو الأخرى:
هل توقف نمو السكان بتلك المناطق؟ هل عدد الأسرة كاف بتلك المناطق منذ خمس سنوات وأكثر؟ هل عدالة توزيع الخدمات الصحية وشموليتها التي تدعيها وزارة الصحة تعني مناطق دون أخرى؟ أليس تضليلاً عندما يصرّح المسئول بأن المملكة تقترب من المستويات الأوربية بينما هو يعمّق ويزيد الفروقات في مستوى الخدمة بين مناطق المملكة؟
أين خطة وزارة الصحة التي بدأت قبل عدة سنوات وكانت وما زالت تعد بعدالة توزيع الخدمات وشموليتها؟ أم أنها خطة ورقية تحمل المصطلحات الرنانة ولم تبن على واقع الاحتياجات الميدانية؟ إن أسهل ما يوجد في أي عمل إداري هو بناء مزيد من المنشآت وزيادة حجم الخدمة، فلماذا عجزنا في ذلك؟ هل هو عجز متعمد تجاه بعض المناطق، وهي للأسف الأكثر احتياجاً، أم أنه عجز في القراءة وفهم الاحتياج وعجز في الإرادة نحو تحقيق الأهداف التي يعدون بها وينشدها الوطن، بأجزائه ومناطقه كافة؟
مجلس الشورى يناقش تقارير الصحة كل عام، ألم يلاحظ تلك الفروقات أم أن قراءته ومناقشته مجرد عمل روتيني سطحي لا يغوص في تحليل الأرقام والإحصاءات؟ مجالس المناطق هي الأخرى ما هو دورها في هذا الشأن؟