لفت نظري أثناء قراءتي صحيفة الجزيرة أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، التقى الطلبة السعوديين المبتعثين في اليابان خلال زيارته الأخيرة في طوكيو، قامت السفارة السعودية في اليابان بتوظيف عدد من الطلاب السعوديين المبتعثين لخدمة ولي العهد ومرافقته فذهل الكثير من المسؤولين اليابانيين من مجموعة الطلبة السعوديين الذين يتحدثون باللغة اليابانية على الإطلاق ويطورون قدراتهم العلمية والإبداعية المميزة. فخر الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالطلاب السعوديين وذكر لهم أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحرص حرصاً كاملاً على توفير الفرص الدراسية لأبناء شعبه في جميع أنحاء العالم.
إن برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي يعتبر إنجازاً تاريخياً غير مسبوقاً في تاريخ المملكة والهدف من البرنامج هو تأهيل واستثمار لشباب الوطن تأهيلاً علمياً متقدماً في التخصصات العلمية والتقنية المطلوبة التي تلبى متطلبات تنمية ونهضة المملكة وتقدمها بمختلف الدرجات العلمية فالابتعاث الخارجي هو جزء من إستراتيجيات لقيادة المملكة الحكيمة في مستقبل مشرق من خلال صناعة الموارد البشرية الوطنية. إن الطلاب السعوديين المبتعثين اليوم يمثلون ثالث أكبر عدد من الطلاب الأجانب بعد طلبة الصين والهند.
من المعلوم أن اليابان ثالث أكبر أقتصادياً في العالم وتقف على قمة المنافسة الشديدة على مستوى العالم رغم أنها تملك قلة الموارد الطبيعية. بعد الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان مدمرة للغاية من القنبلتين الأميركيتين على هيروشيما وناغازاكي وكان البلد مضروباً ومهزوماً، ولكن الشعب الياباني لا يعرفوا المستحيل بل عملوا أنفسهم بجهد جهيد وإخلاص منذ العقود الخمسة التالية حتى إعادة بناء وتنمية بلدهم وتصعد اليابان بصورة منهجية ومعجزة لتصبح ثالث أكبر اقتصادٍ في العالم بعد الصين والولايات المتحدة رغم أن اليابان تتفوق على الصين كثيراً، خاصة في التكنولوجيا ومصانع السيارات والصناعات بشكل عال جداً.
يرى الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق ومن أعظم القادة السياسيين والاقتصاديين في آسيا، أن التجربة اليابانية معجزة جداً وبعد استلام رئاسة الوزراء، قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية على رأس القائمة وخصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل وقام أيضاً بإرسال الطلاب الماليزيين إلى أفضل الجامعات العالمية للدراسة في كافة التخصصات العلمية والتكنولوجية لكي يستطيعون الانفتاح والتواصل مع العالم الخارجي والتعرف على الثقافات المتعددة ومن ثم يعودون إلى بلدهم للعمل من أجل زيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد على تصدير الزراعية، وذلك فقد استطاع تحويل ماليزيا من دولة فقيرة ومتخلفة كدولة زراعية إلى دولة صناعية متقدمة التي تشبه بالتجربة اليابانية كنموذج للتنمية في ماليزيا وقد أصبحت من أنجح الدول الصناعية في جنوب آسيا.
أعتقد جازماً أن الابتعاث إلى اليابان مهم للغاية لأننا لا نعرف عن اليابان وشعبها كثيراً فنحن نعرف جيداً عن الدول الغربية وشعبهم كالعادة، ولكن اليابان بلد استثنائي وبعيد كل البعد عن الغرب والشرق الأوسط جغرافياً وثقافياً. أنا على يقين أن الطلاب السعوديين في اليابان يدرسون بتخصصات علمية وتقنية وطبية في الجامعات اليابانية المرموقة ويشعرون بالمنافسة الحقيقية مع الطلاب السعوديين في الدول الغربية ويصرون على التميز والتفوق ويكتسبون اللغة اليابانية ويعودون للوطن بعد دراستهم بعقلية جديدة وتقنية.
ختاماً، إن التجربة اليابانية من أهم التجارب التي يجب أن يدرسها الطلاب السعوديون بعناية وينقلون تجربتهم وخبرتهم الغنية والفريدة والمميزة إلى المملكة من أجل مصلحة الوطن والمجتمع. أسأل الله لهم ولجميع الطلاب السعوديين في الخارج التوفيق والنجاح والعودة إلى الوطن سالماً غانماً ويرفعون رأس المملكة العربية السعودية.