عقد في مدينة الرياض يوم الأحد الماضي 1 جمادى الأولى 1435 هـ الذي وافق 2 مارس 2014م بفندق الخزامى الملتقى التخصصي الثالث لعلاج حالات القرنية المخروطية، الذي نظَّمه مستشفى النخبة بالرياض، صرح بذلك رئيس اللجنة المنظمة الدكتور وليد الطويرقي استشاري أول طب وجراحات العيون بمستشفى النخبة، الذي أفاد بأن هذا الملتقى عقد على هامش المؤتمر السعودي السنوي لطب العيون، والموجه لجراحي العيون المهتمين بعلاج مرض القرنية المخروطية بطريقة العلاج الضوئي الكيميائي CXL.
وقد تناول هذا الملتقى عدة محاور للعلاج الضوئي الكيميائي للقرنية المخروطية والتي يعمل على تثبيت تمدد وتدهور حالة القرنية المخروطية، بالإضافة إلى دمج هذه الطريقة مع الطرق الأخرى المختلفة لعلاج القرنية المخروطية - التي يعاني منها قطاع عريض من مرضى العيون - مثل العلاج بالليزر السطحي، وزراعة حلقات القرنية، وزراعة العدسات داخل العين.
وقد شارك العديد من الشخصيات العلمية العالمية والإقليمية في هذا الملتقى مثل الدكتور إفيكان كوسكانسيفين من تركيا، والدكتور شادي عواد من لبنان، والدكتور محمد شفيق من مصر، ومن المملكة الدكتور عادل الرشود، والدكتور صالح العقيل، والدكتور محمد حنتيرة، والدكتورة أمنية شريف، بالإضافة للدكتور وليد الطويرقي.
ماهو العلاج الضوئي الكيميائي؟
في افتتاحية الملتقى.. تحدث د. وليد الطويرقي (مستشفى النخبة بالرياض) في إيجاز عن المحاور التي سيتم طرحها مسقطاً الضوء على الطرق المتعدّدة التي يمكن دمجها مع العلاج الضوئي الكيميائي موضحاً فكرة عمل العلاج الضوئي الكيميائي في علاج القرنية المخروطية، إذ إن (الكروس لينكنج CXL) هو علاج يهدف إلى تماسك القرنية وزيادة صلابتها، وهو العلاج الأحدث والأكثر أماناً لعلاج. كما شرح ماهية مرض القرنية المخروطية ودرجاتها التي يستعمل لها هذا العلاج.
فالقرنية المخروطية تعتبر أحد الأمراض الشائعة في بلادنا، وهي تصيب فئة عمرية حساسة وهي فئة الشباب، فتمنعهم من ممارسة حياتهم بحرية، بل ربما منعتهم من الالتحاق ببعض المهن التي تحتاج إلى حدة إبصار كاملة.
المخروطية.. الرحلة من الكروي إلى البيضاوي
بعدها استهل د. محمد حنتيرة (جدة) عرض الأبحاث العلمية بحديثه عن شرح القرنية الطبيعية التي هي نسيج شفاف شبه كروي يسمح بنفاذ الضوء إلى داخل العين ويقوم بتجميع الضوء. وتحتفظ القرنية على مدى الحياة بشكلها الكروي، وعلى الرغم من تعرضها لعوامل داخل العين مثل ضغط السوائل الموجودة داخل العين، وعوامل خارج العين مثل الضغط الخارجي من دعك أو فرك، إلا أنها تبقى محتفظة بنفس الشكل، وبالتالي تؤدي نفس الوظيفة بكفاءة.
وهناك نسبة من البشر - ولأسباب غير معروفة - تكون أنسجتهم رخوة وضعيفة وتتمدد مع الزمن وبالتالي تفقد القرنية قدرتها على تجميع الضوء، مما ينتج عنه ضعف في مستوى الرؤية.
القرنية تتمدد أكثر
ومن لبنان تحدث الدكتور شادي عواد عن العلاج الضوئي الكيميائي من منظور آخر، إذ يبدأ تمدد القرنية عادة في سن البلوغ وقد يكون التمدد بسيطاً، وقد لا يلاحظ المريض أية أعراض عدا بعض المشاكل في الرؤية الليلية وبالذات القيادة ليلاً، ثم يزداد التمدد فيحتاج المريض إلى لبس النظارة ولكنه يلاحظ بعد فترة من الوقت أن مقاس النظر يتغيّر باستمرار وأن كل طبيب عيون يعطيه وصفة مختلفة، بل أن الأمر يصل إلى أن الرؤية حتى مع النظارة ليست بجيدة. في هذه المرحلة يتم اكتشاف المرض، حيث يبين التصوير الطوبوغرافي للقرنية وجود تغيّرات تؤكّد تشخيص المرض ولكن المرض قد لا يتوقف عند هذه المرحلة.. ففي حوالي 20% من المرضى تستمر القرنية في التمدد حتى تصبح الرؤية ضعيفة جداً.
ليزك إكس
ومن مستشفى النخبة تحدثت الدكتورة أمنية شريف عن استخدام ليزك إكس في علاج القرنية المخروطية. فقد يضطر الطبيب في هذه المرحلة إلى استخدام العدسات الصلبة وذلك لإجبار القرنية على أخذ الشكل القريب من الطبيعي. وقد يتمتع المريض برؤية جيدة بعد لبس العدسات الصلبة تمكنه من الرؤية بوضوح ولكن وخصوصاً في بلادنا وبسبب قسوة المناخ فإن هناك نسبة لا يُستهان بها من المرضى لا تستطيع مواصلة لبس العدسات الصلبة. ونقطة الضعف الأخرى بالنسبة للعدسات أنها لا تمنع تقدّم المرض.. فبعض المرضى يستمر تقدّم المرض لديهم رغم لبس العدسات، وقد ينتج عن ذلك تكون بياضات (سحابات) في وسط القرنية تسبب نقصاً شديداً في الرؤية وعند هذه المرحلة لا يصبح لدينا خيار سوى زراعة القرنية. هذا كان استعراضاً موجزاً للتطور الطبيعي لمرض القرنية المخروطية سنحاول في السطور التالية إلقاء الضوء على العلاج الأحدث لإيقاف تقدم المرض.
عملية لوقف الضعف
ومن مصر تناول د. محمد شفيق دمج العلاج الضوئي الكيميائي بتصحيح النظر بواسطة الليزر، وشرح أن أطباء العيون أمام عملية ليس الهدف منها تخليص المريض من عناء لبس النظارة والعدسة بقدر ما هو الهدف منها أن نوقف الضعف التدريجي الذي يصيب القرنية المخروطية ونحاول مساعدة المريض على أن يتمتع برؤية جيدة وعلاجه قبل أن يستفحل. أمر آخر ينبغي مراعاته عند الحديث عن عمليات (كروس لينكنق) وهو ضرورة توفر باقي الاشتراطات المطلوبة لنجاح العملية وأهمها أن تكون سماكة القرنية لا تقل عن400 مايكرون، وأن تخلو من عتامات أو سحابات أو جفاف شديد.
الليزر قبل العلاج
كما تناول د. عادل الرشود (الدمام) دمج العلاج بالليزر مع العلاج الضوئي الكيميائي وفوائده في تحسين النظر لمرضى القرنية المخروطية.
وتتلخص فكرة العلاج في تشبيع أنسجة القرنية بمادة الرايبوفلافين (Riboflavin) وذلك لمدة نصف ساعة يتم خلالها تقطير هذه المادة على سطح العين بكثافة (نقطة كل عدة دقائق لمدة نصف ساعة)، بعد ذلك يتم تسليط الأشعة فوق البنفسجية (Ultra violet rays) على سطح القرنية لمدة نصف ساعة أخرى فيحدث تفاعل بين الأشعة والمادة الكيميائية يؤدي إلى تقوية الروابط بين الأنسجة وبالتالي يزداد تماسك القرنية (Corneal Hysteresis).
طريقة بديلة
ومن المملكة تحدث د. صالح العقيل عن عن طريقة بديلة للعلاج الضوئي الكيميائي لتثبيت تمدد القرنية المخروطية، والذي حصل على براءة اختراع لتلك الطريقة.
العلاج السطحي والُمسرَّع
وفي عرضه التقديمي شرح الدكتور وليد الطويرقي (مستشفى النخبة بالرياض) عن تحقق نسبة تحسن في رؤية مرضى القرنية المخروطية تصل إلى 77% باستخدام العلاج السطحي بالليزر مع العلاج الضوئي الكيميائي بنفس الجلسة.
كما تطرق د. الطويرقي إلى العلاج الضوئي الُمسرَّع، إذ بيّن أن خطوات العلاج الضوئي المسرّع هو نفس خطوات العلاج الضوئي الكيميائي التقليدية ولكن مع اختصار كبير في الوقت، مع تغيير قوة الطاقة المنبعثة من الأشعة فوق البنفسجية من 3 مللي واط/سم مربع إلى 30 مللي واط / سم مربع، نتج عنه اختصار الوقت من ثلاثين دقيقة إلى 3 دقائق، وبالتالي إنهاء معاناة المريض والطبيب عند إجراء هذا النوع من العمليات.
ومن المشاكل التي كانت تواجه المريض والطبيب طول العملية، فالمريض تبقى عينه مفتوحة لأكثر من نصف الساعة لتلقي العلاج الضوئي، مما يتسبب في كثير من الألم والإجهاد، ومن هنا جاءت هذه التقنية الجديدة التي اختصرت مدة العلاج بصورة كبيرة من ثلاثين دقيقة إلى ثلاث دقائق فقط.
3 طرق معاً
ومن تركيا تناول د. إفيكان كوسكانسيفين دمج زراعة حلقات القرنية مع الليزر السطحي مع العلاج الضوئي الكيميائي للوصول إلى أفضل نتائج علاج مرضى القرنية المخروطية.
ختاماً
يأتي هذا الملتقى في إطار البرنامج الطبي الذي يرعاه مستشفى النخبة من أجل مواكبة أحدث الطرق الطبية العالمية.