«من يعلق الجرس؟» مقولة مشهورة ومعروفة ومتداولة، قيلت ورُويت لنا منذ الصغر، وهي مأخوذة من حكاية (الجرذان مع الهر الكبير). والقصة معروفة، ولا حاجة لإيرادها.
المقولة المشهورة تطلق عند الحاجة لأخذ قرار خطير ومهم، أو القيام بمهام صعبة الحل، والسبيل إليها متاحة وسهلة لكن لا أحد يجرؤ على القيام بها.
ويبدو في رياضتنا الكثير من هذه المهام والأمور التي أصبحت الحاجة ماسة إلى أخذ خطوات عملية غير معتادة وغير روتينية لوقفها، وحماية الرياضة منها. وهذه المهام أو الأمور تظهر وقتاً بعد آخر من خلال الحديث عنها علناً وصراحة، ويتم أخذ قرارات وخطوات لها في بعض الأحيان على مضض، ويصل الأمر إلى تشكيل لجنة أو جهاز من أجلها، ثم يكون عمله معطلاً أو يأتي على استحياء، وعلى طريقة ذر الرماد في العيون.
أحد هذه الأمور قضية المنشطات وشرب الكحول والمسكرات في أوساط اللاعبين، وهي قضية تم تناولها صراحة وبوضوح من قِبل الإعلام منذ سنوات مضت، ومنذ ظهور مقال (إنهم يشربون) للزميل محمد العبدي، وهو المقال الذي لا يزال في ذاكرة الكثيرين، رغم نشره عام 2005م، وكان بمنزلة الحجر الذي حرك المياه الراكدة. ورغم أن الحال تطورت في التعامل مع مقصود المقال وهدفه إلى إنشاء لجنة للرقابة على المنشطات في عام 2007م (إن لم تخني الذاكرة) إلا أن الأمور لا يبدو أنها توقفت أو تحسنت رغم ما قامت به اللجنة ومن (صادتهم) خلال عملها، بدليل أن عددهم بلغ حتى نهاية عام 2013م (91 رياضياً) في جميع الألعاب والرياضات الجماعية والفردية، وهو رقم ضعيف قياساً بحجم العملية من خلال مشاهدة ومتابعة وتحذيرات رياضيين كبار، وفي مستويات مختلفة، ممن تحدثوا عن الموضوع، وحذروا منه، وطالبوا بأعمال أكثر توسعاً ومتابعة وخطوات عملية، تتجاوز الأسلوب التقليدي المتبع حالياً. وكان من هؤلاء الأمير عبدالله بن مساعد رئيس لجنة خصخصة الأندية الرياضية، واتبعه الأستاذ محمد النويصر رئيس رابطة دوري المحترفين، وآخر المتجرئين في الحديث عن الموضوع الكابتن فؤاد أنور الذي أوضح أن من اللاعبين السعوديين مَن (يتعاطى) الحشيش!!
كل هؤلاء وغيرهم لا يمكنهم الحديث إلا عن معرفة واطلاع ومعلومات دقيقة، وصلت إليهم، وتوصلوا إليها، وهناك من يملك معلومات أكثر وأوسع غير أنه لا يجرؤ على الكشف والحديث، وأولهم لجنة الرقابة على المنشطات، التي آن لها أن تتحرك بشكل مختلف وخطوات أقوى وأكثر اتساعاً من رتمها الموجود، وعملها الحالي القائم على أسلوب روتيني ضعيف، وهو الكشف داخل المباريات، يبدو أنه لم يعد مجدياً، بدليل أنه هذا الموسم لم تتكشف أي عينة إيجابية لأكثر من 170 حالة في كرة القدم، معظمها داخل المباريات، وذلك يتعارض تماماً مع الواقع الذي يراه ويحذر منه كثيرون. لقد قرع مطلعون ومهتمون الأجراس، وعلقته اللجنة، ولكن تنبأ وتعامل معه المستهدفون والمعنيون، وأصبح في المكان غير المجدي ولا المحقق للأهداف المرجوة.
كلام مشفر
· الأستاذ محمد النويصر رئيس رابطة دوري المحترفين لا يزال يواصل مطالباته المختلفة المتعلقة بظاهرة المنشطات وشرب الحشيش والخمر، وكان آخرها النداء الذي وجهه للجنة الاحتراف بوضع بند في عقود اللاعبين المحترفين، يتضمن كشف واختبارات الكحول.
· ويطالب النويصر بأن يكون ذلك لأكثر من مرة في الموسم الواحد. مطالبة مسؤول في مناصبه الكروية ومهامه والتزاماته تجاه اللعبة والرياضيين والشباب لا يمكن أن تأتي من فراغ ودون الاستناد إلى معلومات حقيقية مباشرة أو غير مباشرة، رسمية أو ودية.
· بعد تزايد النداءات والمطالبات وقرع الأجراس لا بد من استراتيجية مختلفة للجنة الرقابة على المنشطات، وتطوير عملها، وزيادة نشاط الكشف (المستهدف) خارج المباريات للرياضيين، خاصة لاعبي كرة القدم.
· أيضاً لا بد من زيادة نشاط الكشف (غير المعلن) في الأندية الرياضية، وليت ذلك يتجاوز لاعبي الدرجة الأولى ليشمل على الأقل لاعبي الفرق الأولمبية، خاصة أن بعض الحالات القريبة التي تم الكشف عنها حتى الموسم الماضي كانت للاعبين شباب، إما أنهم صعدوا للتو، أو أنهم لا يزالون يمثلون الأولمبي.
· هذا الموسم من 174 حالة للاعبي كرة القدم لم توجد أي عينة إيجابية حتى الآن - والحمد لله - وذلك يعود بالتأكيد إلى إعلان اللجنة أنها ستعلن اسم المادة المحظورة التي يتم اكتشافها. ولعل (الخوف) من ذلك هو ما زاد الحذر قبل المباريات ومواعيد الكشف المعلن. وبالتأكيد سيبكون (التنظيف) أكبر وأوسع إذا ما زادت الخطوات وبرامج الكشف الأخرى التي أشرت إليها.