الجزيرة - سعد العجيبان:
لم تحمل جلسة الشورى العادية الثامنة عشرة المنعقدة أمس برئاسة معالي نائب رئيس المجلس الدكتور محمد الجفري، اتجاها مغايرا لما طرح في الجلسة السابقة من مناقشة الأهداف العامة لخطة التنمية العاشرة.. إلا أن مساعد رئيس المجلس الدكتور فهاد الحمد أكد خلال استكمال مناقشة تقرير لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بشأن موضوع الأهداف العامة لخطة التنمية العاشرة (1436 - 1437هـ - 1440 - 1441هـ)، أن المجلس قد أولى الموضوع أهمية بالغة انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق التنمية المتوازنة في كل مناطق المملكة.. حيث واصل المجلس مناقشة التقرير بالاستماع لمداخلات الأعضاء وملحوظاتهم على أهداف خطة التنمية العاشرة الذي شرع في مناقشته في الجلسة العادية السابعة عشرة التي عقدها أمس الأول.
وقال د. الحمد: إن الخطة بمثابة وثيقة وطنية ترسم معالم الطريق للسنوات الخمس المقبلة.. بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة في المملكة لمواطنيها.. مشيراً إلى ما حققته الخطط التنموية المتعاقبة من إنجازات في مختلف المجالات.. مع الحرص على التعامل بكفاءة ومرونة مع المتغيرات والمستجدات والظروف المرحلية.. وتطوير منهجية التخطيط وقواعد المعلومات والبيانات المتخصصة والمتكاملة.
الأسى والحسرة
في غضون ذلك أحاط الأسى والحسرة بالعضو الدكتور علي الغامدي إثر إطلاعه على الخطة، كونه يرى أن ما بين (يديه) وثيقة لا ترقى إلى أن تعد أهدافاً لخطة تنمية شاملة، بل هي وثيقة منقوصة و(مبسترة).
لا تمثل خطة شاملة
ومضى الدكتور الغامدي بالقول: إن الأهداف لا تمثل أهداف خطة شاملة تغطي كل الجوانب التنموية الرئيسية ولا تستجيب للمتغيرات والتحديات الراهنة وأقرب ما تكون لأهداف خطة تنمية اقتصادية واجتماعية، بل إنها حتى على هذين المعيارين هي غير كاملة.
توترات
وأضاف الدكتور الغامدي أن العالم والمنطقة منذ بضع سنين تعيش حقبة اضطرابات عنيفة وتغيرات سياسية مفصلية، ونرى ونسمع كل يوم كيف تتعرض مؤسسات الدولة ومقوماتها الحيوية لهزات شديدة.. وباستقراء بسيط لتسلسل الأحداث نستنتج أن السنوات الخمس
القادمة سوف تكون (حبلى) بكثير من الأحداث والتوترات.. متسائلاً: أين خطتنا من ذلك؟!.. كيف نغيب التنمية السياسية داخليا وخارجيا؟!.. كيف نتجاهل التيارات السياسية العاصفة والتشكلات والتحالفات (الجيوبوليتيكية) من حولنا؟!.. ماهي خطتنا في مجال التنمية الدفاعية والتعبئة العسكرية وتعزيز الجبهة الداخلية؟!
مؤسف
وقال الدكتور الغامدي: من (المؤسف) ألا تشير أهداف الخطة إلى شيء من ذلك، وكأننا نعيش في عالم (طوباي) تسوده المحبة والسلام.. مستشهداً بإغفال الأهداف للجانب الزراعي مشيراً إلى أن إحصائيات الوزارة تبين أن 20 % من الأراضي صالحة للزراعة و70 % من أراضي المملكة صالحة للرعي!!.
اختلال القيم الإسلامية
العضو الدكتور إبراهيم أبو عباة تناول المحافظة على القيم والتعاليم الإسلامية في ظل اختلالها واهتزاز واضطراب فكري.. وضعف في فهم تعاليم الإسلام وأحكامه.. حيث أفرزت تلك الأمور فئات من الناس بين إفراط وتفريط.. وبين تشدد وغلو.. وبين تكفير وتغريب.. مشيرا إلى أن هذه الحالة تتطلب إفراد هدف مستقل لحماية القيم والمحافظة على التعاليم الإسلامية.
وأكد الدكتور أبو عباة أن الوحدة الوطنية هدف رئيسي ينبغي أن يبرز وأن يكون مستقل في ظل وقت نرى فيه اهتزاز قيم المواطنة ونرى فيه مهددات تطل برأسها بين حين وآخر تهدد وحدتنا الوطنية.
البحث العلمي
من جانبها لاحظت العضو الدكتورة دلال الحربي أن الخطة لم تتناول ما يتعلق بالبحث العلمي بما يواكب ما تعيشه المملكة من حراك في مختلف المجالات يتطلب الاستعانة بمراكز للبحث العلمي، لافتة إلى أن البحث العلمي يجب أن يكون المرتكز الأساس للتنمية ولخططها المستقبلية. وطالبت وزارة الاقتصاد بإجراء دراسة دقيقة عن مسار البحث العلمي في المملكة ودوره في التنمية ومدى استفادة الدولة من مراكز البحوث وتضمين نتائج الدراسة في الأهداف العامة للخطة.
نسمع ولا نرى!!
ومضت الدكتورة دلال الحربي في القول إن المراكز البحثية المتخصصة في المملكة (نسمع) عنها ولكن لا نرى أي تأثير واقعي لها!!.. وأشارت إلى أنه لا يوجد مراكز أبحاث علمية ذات قيمة علمية مميزة تحظى بقبول على المستوى العالمي.. أو تصنف على أنها من المراكز المؤثرة.. مرجعة ذلك إلى ضعف التخطيط العام والاعتماد على الآراء والأفكار الفردية.. وضعف تكوين الكوادر البحثية في الجامعات وتصلب الشكليات على المراكز التي تصنف على أنها تعمل في هذا المحيط.
تفوق إسرائيلي
وقالت الدكتورة دلال الحربي إن أوقاتا كثيرة ما تأتي المقارنة بين ما يجري في المملكة وإسرائيل.. فتكون النتيجة تفوق إسرائيل الكاسح بسبب دعمهم للبحث العلمي في كل مستوياته.. حيث تخصص إسرائيل 5 % من ناتجها القومي للبحث العلمي.. فيما تخصص ماليزيا 25% من ميزانيتها للبحث العلمي.
حاضنات الفكر
وتناولت الدكتورة دلال الحربي عدم وجود نماذج للمراكز الاستراتيجية المعروفة بحاضنات الفكر في المملكة، على الرغم من أهميتها والحاجة لها في تحديد سياسة الدولة على نحو علمي دقيق وتحتاج إلى تبني مراكز مثلها بما يخدم البحث العلمي والدولة.. مطالبة بتفعيل مؤسسات البحث العلمي لتكون مشاركتها واضحة ومؤثرة وملتصقة بمتطلبات المجتمع.
تكرار أخطاء
من جهتها رأت العضو الدكتورة نورة العدوان أن خطة التنمية العاشرة كررت نفس الأخطاء التي واكبت خطط التنمية السابقة وأغفلت مشاركة المرأة في المجال الاجتماعي الخاص.. الأمر الذي ترتب عليه أهداف تعنى بذوات الظروف الخاصة كالأرامل والمعيلات والمطلقات.. إضافة إلى غياب أهداف تعنى بمعالجة ظاهرة العنوسة والأمومة والتنشئة الاجتماعية والثقافة الأسرية.. مما ترتب عليه القصور في السياسات والبرامج الوطنية التي تعنى بهذه الظواهر.
تسطيح الثقافة
العضو محمد رضا نصر الله رأى أن البعد الثقافي (مظلوم) ومهمل في الخطة.. معتبرا أن الثقافة وتنميتها ورعايتها حق تشريعي كفله النظام الأساسي للحكم إلا أنها لم تفعل في خطط التنمية. وطالب نصر الله وزارة الاقتصاد والتخطيط بإضافة هدف يتعلق بالتنمية الثقافية.. سيراً نحو صياغة سياسة ثقافية تعبر عن (موقعية) بلادنا إقليمياً ودولياً.. وتأثيرها الروحي ودورها الثقافي عربياً وإسلامياً وإنسانياً.
وقال نصر الله ألا يستحق بعد هذا أن يكون البعد الثقافي هدفاً أساسياً في خطة التنمية العاشرة.. بعيداً عن تسطيح الثقافة في منظور اقتصادي استهلاكي.. سرعان ما يذوب أثره متى ما انتفت الحاجة إليه.
تكثيف
وفي جانب إعطاء تقرير أهداف خطة التنمية حيزا أكبر للدراسة.. وافق المجلس على منح لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة فرصة لعرض وجهة نظرها تجاه ما أبداه الأعضاء من ملحوظات في جلسة قادمة، بعد أن تقوم اللجنة بعقد ورش عمل بحضور رؤساء اللجان المتخصصة والأعضاء لإعداد توصيات اللجنة النهائية بشأن التقرير.
المواصفات والمقاييس
وفي شأن آخر استمع المجلس إلى وجهة نظر لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة للعام المالي 1433 - 1434هـ، حيث طالب المجلس الهيئة بالعمل على بناء قدراتها الذاتية في إعداد المواصفات القياسية، كما وافق المجلس على أن تقوم هيئة المواصفات والمقاييس بسرعة استكمال هيكلها التنظيمي لتنفيذ مهامها الرقابية.
فيما أقر توصية إضافية تقدم بها العضو المهندس محمد النقادي تطالب الهيئة العمل مع اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي، لجعل المواصفات والمقاييس السعودية مرجعاً لجميع اشتراطات ومتطلبات الكود.