انقضى شهر فبراير، وبانقضائه تنتهي فعاليات حملة فبراير (سنداً لأطفالنا) المقامة من قبل جمعية سند لدعم الأطفال المرضى بالسرطان بالمنطقة الشرقية، تزامناً مع اليوم العالمي للطفل المريض بالسرطان الموافق 15 فبراير، وسنداً لأطفال الجمعية.
ما معنى كلمة سند؟
سند فعل منه يسند سنداً فهو ساند، والمفعول منها مسنود. حيث هي بمعنى الاعتماد على، والاتكاء والارتكان، وبمعنى الدعم والإعانة والتقوية والتأييد.
معان عدّة كلها توفّرت في جمعية سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان، ويعنيني من الجمعية فرعها بالمنطقة الشرقية حيث مقر إقامتي بالتالي اطلاعي عن قرب على أنشطة وفعاليات وبرامج جمعية سند الشرقية الخيرية التطوعية، علماً بأن الأستاذة: لينا عبد الله العتيبي عضو الجمعية ومسئولة العلاقات العامة فيها لم تدّخر جهداً في سبيل إمدادي بما قامت.. وتقوم.. وستقوم به جمعية سند الشرقية من أنشطة وبرامج وفعاليات في أشهر السنة كلها، وليس شهر فبراير وحده.
الجمعية كما هو ملموس وملاحظ ممن اقترب منها أو اطلع عليها أو تابعها تستهدف الأطفال من سن الولادة إلى سن 16 من المواطنين والمقيمين بجميع أرجاء المنطقة الشرقية. فمن هو الطفل؟ ما مفهوم الطفولة لدينا، بالتالي ما الذي ينتظره ذلك الطفل منّا صحيحاً كان أو مريضاً؟.
الطفولة أهم مرحلة في مراحل حياة الإنسان، يكون فيها الطفل ضعيفاً جسمياً وعقلياً ونفسياً، لديه قابلية شديدة للتأثر بالعوامل المختلفة المحيطة به، وتعتبر السنوات الخمس الأولى أهم السنوات في مرحلة الطفولة تتكون فيها شخصية الفرد بصورة تترك طابعها فيه طيلة حياته، لذا نجد جمعية سند الشرقية تستهدف الأطفال من سن الولادة، ولأن مرحلة الطفولة التي يمر بها الإنسان تنتهي مع بداية مرحلة الشباب وقبل بلوغ سن 15 نجد الجمعية أخذت بذلك وقصرت الفئة المستهدفة حتى سن 16 عاماً، بالتالي تبنّت سند الشرقية برامج تتفق وأعمار تلك الفئة، أقرب مثال: برنامج لعبة ترسم بسمة، فالبسمة وصفة نفسية سحرية مؤهلة لأن تكون علاجاً ناجعاً، فوصفة الدواء التي تصرف للمريض لا تتضمن علاجاً نفسياً يشبه العلاج الذي تبنته الجمعية.
برنامج سند التعليمي، وأقف قليلاً عند نافذة هذا البرنامج، لأن دخول الطفل مريض السرطان إلى المستشفى للعلاج لا يعني أنه دخل المستشفى فانتهى بدخوله مستقبله، بل هو دخل المستشفى علاجاً ومن المستشفى سوف يكمل مستقبله تعليماً ويكمل دراسته في الجمعية أو المستشفى، كما تقرر بذلك حالته. لماذا؟ لأن التعليم يزرع الأمل ويغرسه، وهو أيضاً يقاوم الألم الهدف الذي تبنته الجمعية ببرنامجها التعليمي هذا.
في مواصلة مني للإشارة إلى البرامج الأخرى لفت نظري برامج بمسميات مبتكرة تدل على أن الجمعية عميقة في اختيار وانتقاء برامجها بمسمياتها، وفي استهداف الفئة العمرية التي تتفق وتلك المسميات من الولادة حتى سن 16، فبرنامج تأثيث غرف الأطفال، غرف منها يبتدئ يومهم وفيها ينتهي، تعطي حياتهم لوناً وشكلاً وطابعاً وطرازاً مختلفاً نفسياً واجتماعياً من خلال جعلها ممتعة طوال ساعات النهار، هادئة في الليل، لتحقيق التوازن بين هذين الاعتبارين، خصوصاً عندما يشترك الطفل في اختيار وانتقاء أثاث غرفته مع الجمعية ومع أسرته بدوافع حميمة إنسانية تعطي حياتهم لوناً وشكلاً مستثنى بالتالي يقاوم المرض، ويكافح آلامه وأوجاعه.
أما عن برنامج تحقيق أمنية، الأمنية جزء مهم للحياة، وإضافة للإنسانية وتحسين مستوى الحياة للأطفال وصولاً لمستقبل مستدام، فما كل ما نحققه للطفل يندرج ضمن قائمة أمانيه المخبوءة في ذهنه، فقد نحقق للطفل أشياء باهظة القيمة، غالية الثمن في حين أن أمنيته أبسط مما نتصور ومما أعطيناه.
برامج كثيرة تبنتها الجمعية، الوقوف عليها كلها «احتلال» للمساحة المخصصة لي في الجريدة، ومساحات الزملاء غيري لذا أقترح على من هم في الشرقية الاطلاع عن قرب على جهود جمعية سند الشرقية وعلى برامجها المبتكرة التي تنم عن وعي دقيق ووقفة جادة على حاجات الطفل وأمانيه والتي يمكن أن تسهم وبشكل كبير في شفائه من مرض السرطان أو على الأقل تخفف من حدة المرض ومن معاناته وآلامه بصرف ذهنه وشغله بما يحبه ويبهجه بالتالي ينقلون به أو ينتشلونه من روتين العيادة والمستشفى والزيارات الطبية ومن جلسات الكيماوي إلى حاجات الطفولة والطفل.. إلى أمانيه التي ربما يحققها «مشروع حفلتي أو مشروع غرفتي».
ركزوا معي على كلمة «مشروع» الكلمة المنتقاة جيداً والمنتخبة بدقة ذلك لأن معنى الكلمة يشير إلى تخليص العمل أي عمل من صفة الارتجالية والاستعجال فـ«المشروع» حسب التعريف القاموسي للكلمة يقدّم في صورة ما أو خطة ليدرس ويقرر في أفق تنفيذه، منها ما هو ثقافي ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو تجاري ومنها ما هو تطوعي خيري كمشاريع تبنتها «جمعية سند الشرقية» عبارة عن خطة أو خطط درست ثم صارت في أفق التنفيذ.
كل هذا الجهد المبذول من الجمعية جهد تطوعي خيري لصالح فئة جداً حساسة عمرياً ومرضياً، أصيبت بمرض يصاب به في المملكة حوالي 1000 طفل سنوياً ما بين سن الولادة و13 عاماً، والنسبة في ارتفاع مستمر وبالتالي فإن الدعم لمرضى السرطان من الأطفال مستمر بإذنه تعالى من الجمعية، لكنها تأمل في دعمنا جميعاً ووقفتنا الجادة مادياً ومعنوياً جنباً إلى جنب الطفل والطفولة أمل المستقبل.