منذ عقدين أو يزيد أو ينقص قليلاً كنت أقوم بتغطية مهرجان الجنادرية «سنوياً» لصحيفتي «الجزيرة»، وكانت بدايات «المهرجان» بدائية ومتواضعة ومتكرّرة، كانت البدايات تبدأ بسباق «الهجن» ثم الاحتفال السنوي المعتاد والأوبريت والعرضة السعودية في أول يوم وبعد ذلك تستمر أيام المهرجان ما بين العروض التراثية والندوات الثقافية والشعرية ثم المهرجان في العام القادم كما كان ولكني وبعد هذه الغيبة الطويلة وبإصرار رفيقة الدرب «أم سعد» والأبناء والبنات دعوني هم للاطلاع على مهرجان الجنادرية قبل أيام، حيث زاروه مرة قبل أيام وأصروا على أن أرافقهم مرة أخرى لأشاهد ما شاهدوه!
عقدت العزم ورافقتهم يوم الأربعاء الماضي تلبيةً لرغبتهم وتجديداً لذكريات الماضي بالنسبة لي، وحين وصلت إلى مقر المهرجان ذُهلت وتعجبت وقلت هل هذا صحيح هو المهرجان الذي كنت أغطيه «صحفياً» في سالف السنوات؟!
لا.. لا.. لا هذا ليس مهرجان الجنادرية السابق هذا مهرجان «العصر»، بل أستطيع أن أطلق عليه لقب «المهرجان الدولي للتراث والثقافة بالجنادرية» وليسمح لي سمو الأمير متعب بن عبدالله بذلك، نعم لقد وجدت نفسي في «عاصمة ثقافية مستقلة» يُطلق عليها مهرجان الجنادرية! ووجدت نفسي في «أجنحة» محلية ودولية لم أر مثلها إلا في مهرجان «أكسبو 86» في مدينة فانكفور الكندية!
لقد ندمت فعلاً هذه السنة والسنوات القليلة الماضية أنني لم أتشرّف بزيارة هذا «المهرجان» التحفة بعد أن رأيت ما رأيت وشاهدت أشياء لم تخطر على بالي ولم أتوقعها!
سألت نفسي: هل أنا في «حلم» أو في «علم» وهل أنا فعلاً في الرياض وفي المهرجان الذي عهدته في الثمانينات والتسعينات الميلادية؟!
في البداية ذُهلت من المساحة الكبيرة للمهرجان وحسن التنظيم من رجال الحرس الوطني الأفذاذ وجميع العاملين فيه والعارضين والفرق الشعبية والأكلات المختلفة وطريقة العروض وتنظيم الأجنحة وسهولة وانسيابية الدخول والخروج من وإلى هذا المهرجان الدولي!
لقد أعجبني كل ما هو موجود في «الجنادرية» المهرجان الحلم وأعجبني كل أجنحة الوطن وبخاصة جناح المدينة المنورة والباحة والقصيم وحائل وأعجبني «الأنموذجية» في طريقة العروض في الأجنحة من أمور تراثية وأكلات شعبية هي تعتبر غريبة على هذا الجيل!
والذي أسعدني كثيراً وأعجبني هو وجود الضيوف الكرام من كل الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة وخاصة «دولة الإمارات العربية المتحدة» الدولة الشقيقة والعزيزة على النفس بشعبها وحكامها وأبنائها الذين شرّفوا مهرجان هذا العام.
الإمارات العربية المتحدة «الشقيقة» كانت «الضيفة» على مهرجان الجنادرية هذا العام وأقول نِعم «الدولة» ونِعم «الضيفة» وما شاهدته في «جناح الإمارات» شيء خرافي ومدهش ربط بين روعة الماضي العريق وحاضر هذه الدولة المجيد من تراث ضارب في أعماق التاريخ إلى روح عصر قلّ أن تجدها، وأثبت شباب الإمارات أنهم كانوا على «الوعد والعهد» بهم بطريقة عروضهم التي جذبت «الزوار» نحو جناحهم وبخاصة عروضهم الشعبية والفلكلورية، فكل الشكر لـ»نجم» مهرجان هذا العام دولة الإمارات رئيساً وحكومةً وشعباً، والشكر موصول لسفارة الإمارات في المملكة وما قدَّمته من جهد كبير أسعد الزوار، ودعواتي في هذه اللحظات بالشفاء العاجل لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وأن يحفظه الله من كل مكروه، والشكر لشعب الإمارات العزيزة وشبابها المشاركين في مهرجان هذا العام على ما قدَّموه من جهد خارق وصورة رائعة لهذه الدولة الفتية.
أخيراً أقول: كل الشكر والتحيّة والمحبة لوالدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي لولا الله ثم اهتمامه وحرصه ومتابعته لما وصل «مهرجان الجنادرية» لما وصل إليه في هذه السنوات القليلة؛ فقد نقله «أبو متعب» من «البدائية» إلى العالمية وأصبح «مزاراً» ورمزاً وطنياً خالداً يشرّف المملكة العربية السعودية، وسبق غيره من المهرجانات العريقة والمعارض الدولية المعروفة.. وكل الشكر لراعيه والمشرف عليه والذي تابع تطوره من الألف إلى الياء صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني ولرجاله العاملين معه كافة وكل من شارك في نجاح مهرجان هذا العام والأعوام السابقة. وأعد نفسي من اليوم إذا كان في العُمر «بقية» ألا يفوتني مهرجان «الجنادرية» في الأعوام القادمة لأن ما رأيت من «متعة» وسعادة وفرحة لا أستطيع وصفه عن «الجنادرية» وأيامها الجميلة.