(لكي تحصل على حقك يجب أن تعرفه أولاً)
عبارة شهيرة يردِّدها الكثير، لكن الأكثر لا يعيها جيدًا!
فقد ذُهلت لمدى جهل بعض الناس بأبجديات الثقافة القانونية، التي يُفترض أن يعلمها العامي والبسيط ناهيك عن المتعلم، فالناس باختلاف فئاتهم وطبقاتهم ومستوياتهم يجب عليهم معرفة الحدّ الأدنى من تلك الثقافة؛ لأن كثيرًا من تطبيقاتها تمس حياتهم الشخصيَّة بشكل يومي من دون أن يشعروا، وبهذا قد يفوت المرء وبشكلٍ دائم كثيرًا من حقوقه لأنّه لا يعرفها، فجهل الإنسان بما له من حقوق وما عليه من التزامات يجعله بطبيعة الحال يفتقدها غالبًا لأنَّه ببساطة يجهلها! ولذا نقول: (لكي تحصل على حقك يجب أن تعرفه أولاً)..!
في ذات يوم أتاني شخصٌ ما في العمل طالبًا مني أمرًا معينًا وهو حقٌ له كفله النظام، فأتممته له وأنهيت أمره بناءً على ما يفرضه علي واجبي الوظيفي، فشكرني شكرًا جزيلاً وصافحني بحرارة بالغة وبدأ يكيلني بعبارات الثناء والمديح نظير الخدمة الجليلة التي قدمتها له! فقلت له: يا أخي هذا حقٌ من حقوقك يجب أن تحصل عليه بكلِّ سرور ولزامًا عليَّ أن أفعل لك ذلك وليس لي به أدنى فضل، إلا أنّه أصر بشدة على أنني قدّمت له خدمة جليلة ولم يقبل ما قلته له وأعاد الشكر والثناء وانصرف!
التمست له العذر لعلمي بغياب الثقافة الحقوقية في المجتمع! ولذا نقول: (لكي تحصل على حقك يجب أن تعرفه أولاً)..!
ولعلي أفاجئ القارئ الكريم إن أخبرته بأنني وجدت غيابًا للقانون حتَّى لدى بعض المسئولين والمديرين في أماكن عدة! إِذْ لاحظت ذلك من خلال مراجعتي للبعض لأمور مختلفة.
ولهذا ولغيره، ومن خلال العديد من المواقف التي مرّرت بها رأيت بصفتي مختصًا -وأنا أقل المختصين علمًا- الضرورة الملحة لنشر الثقافة القانونية وبث الوعي الحقوقي بين الناس، لأن العلم بالقانون أساس تقدم الأمم وانضباطها، وهذا فقط ما ميّز الأمم الغربية وجعلهم أكثر حضارةً منًّا.
ولأن وزارة التَّعليم العالي تسعى دائمًا للمساهمة في خدمة المجتمع وبناء جيل رائد تُعقد عليه آمال الغد فإنني أضع بين أيديهم مقترحًا ليبحثه مَن هُم أعلى وأخبر منّي، وذلك باعتماد مقرر مبادئ القانون الذي يتحدث عن أبسط ما يمكن للإنسان أن يعلمه من أبجديات حقوقه والتزاماته على جميع التخصصات وفي كلِّ الجامعات كمتطلب عام، لأن الطالب أيّا كان تخصصه لا غنى له عن معرفة حقوقه وواجباته، وهذا سيخدم الطالب قبل غيره، لأنّه سيكون قادرًا على معرفة حقه وطريقة الحصول عليه.
ولا مانع من أن يمتد صوتي إلى لمقام وزارة التربية والتَّعليم لاعتماد هذه المادّة في سلك التَّعليم العام ليتغذى الطلاب بالثقافة الحقوقية وينتشر لديهم الوعي القانوني منذ نعومة أظفارهم، لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، ويكون ذلك من خلال تشكيل لجنة من المتخصصين القانونيين لكتابة مقرر قانوني لطلبة التَّعليم العام لكل مرحلة بحسب احتياجها وإدراكها، وبهذا سنسهم في بث تلك الثقافة وزرعها في أجيالنا وعندها سنلاحظ التغيّر الكبير في سلوك الناس وتصرفاتهم وسينعكس هذا على المجتمع الذي سيكون حضاريًّا بشكل أكبر بلا شك.