وصف أكاديمي متخصص في الدراسات الإسلامية ظاهرة توجه الناس نحو البنوك للاقتراض منها لتلبية بعض الاحتياجات غير الضرورية بأنه من الإسراف الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن ابراهيم الشيبان الأستاذ المساعد بقسم الدعوة والثقافة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم: إن كثيراً من الناس اليوم يلجأ إلى الاقتراض بلا مسوغ من خلال البنوك وما تقدمه من تسهيلات، أو عن طريق المؤسسات أو الأفراد، محاكاةً للواقع الاجتماعي أو التنافس في المظاهر والأمور غير الضرورية في الحياة،
ولاشك أن هذا من الإسراف الذي ذمه الله في كتابه بقوله: {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} , وقوله: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}, وقوله: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (29) سورة الإسراء، فشرع الله يدعو إلى التوسط في الأشياء وعدم الإهدار والإفراط في الحاجيات.
وأرجع د. الشيبان في حديثه ل «الجزيرة « ما نراه اليوم من لجوء بعض الناس إلى الاقتراض بلا مبرر إلى أسباب عدة من أهمها: ضعف الوازع الديني لدى المقترضين، وعدم قناعتهم بالحاجات الأساسية التي تتواكب مع المستوى المعيشي لأحوالهم، وعدم التسليم والرضا بالرزق الذي منحه الله لهم والرغبة في الغنى السريع ولو على حساب الصحة والحال، و الضغوط الأسرية والقرابات مما يجعل الإنسان يلجأ إلى محاكاة من حوله على حساب معيشته ومقارنة كثير من الناس بين ما هو موجود لديهم وبين ما عند الآخرين، ومنافسة وتقليد الأغنياء في مظاهر الحياة العامة والتي لا يستطيع محاكاتهم مما يجعله يلجأ إلى اقحام نفسه بقروض لا يستطيع معها السداد أحيانا وقد يؤدي به إلى السجن، و احتقار بعض أفراد المجتمع للفقير مما يؤدي به لكراهية حالة الفقر لديه وحبه للتغيير ولو على حساب نفسه ومستقبله. وأردف فضيلته يقول: أما مظاهر هذه المشكلة فتشمل: مسكن الإنسان وملبسه ومركبه مما يؤدي ببعض الناس إلى إقحام نفسه للحصول على هذه الحاجيات دون النظر إلى أنها أكبر من قدرته المالية، مستعرضاً بعضاً من آثار المشكلة حيث إنها تكمن انعكاسها على الفرد من البحث عن السعة في الرزق إلى الضيق وإذلال النفس، كما أوقعت كثير من الناس في ديون فوق طاقته لا يستطيع معها السداد، واستسهال كثير من أفراد المجتمع بأمر الدين، وذالك من خلال التسهيلات التي تؤخذ عن طريق الاقتراض سواء من البنوك أو غيرها، و انعدام القناعة لدى كثير من الناس اليوم مما أدى إلى استشراف كثير منهم إلى البحث عن متع الحياة عن طريق الاقتراض.
ورأى الدكتور عبدالعزيز الشيبان - في نهاية حديثه - أن من الخطوات المهمة التي ستسهم - بإذن الله - في علاج هذه الظاهرة، توعية المجتمع بآثار الاقتراض السلبية بلا مبرر على الفرد والمجتمع، وإقامة المحاضرات والندوات لتعريف الناس بخطورة هذا الأمر، كما أنه لابد من تقديم دراسات لإيضاح مخاطر لجوء بعض الأفراد إلى الاقتراض بلا مبرر، ومعالجة مبكرة للوضع الخطر لأن له تأثير على الاقتصاد الوطني.