الشيخ علي الطنطاوي عرفه الناس من خلال كتبه وأحاديثه التلفزيونية. وهذا الكتاب يقدم علاقة الشيخ الطنطاوي - رحمه الله - مع أولاده وأحفاده.. وحياته في بيته..
تقول مؤلفة الكتاب عابدة المؤيد العظم:
كثير من الأدباء ينجح في أن يكون مهاباً قاسياً مسيطراً على أهل بيته، يسيرهم وفق مشيئته، ويضعهم تحت إمرته، يقودهم بالقوة، ويوجههم بالعصا، لكن قليلاً منهم من ينجح في أن يضبطهم بالمحبة، ويسوقهم بالمودة، ويخضعهم باللطف واللين.. وجدي من هؤلاء القليل، فرغم شخصيته القوية وقدرته النافذة وسلطته المطلقة بصفته كبير العائلة والمنفق عليها لم يقسُ علينا، بل ربانا بالحب والعاطفة، وشملنا بسعة الصدر، فكان يتابع حال كل منا، ويهتم بأمورنا.. يسأل عنا فرداً فرداً، ويحل مشكلاتنا المادية والمعنوية على كثرة عددنا واختلاف أطباعنا، وهو قد جمع إلى هذا اللطف كله الحزم في موضع الحزم؛ فكان يمازحنا حيناً، ثم يعرفنا أنه قد حان وقت الجد.. يحدثنا حديثاً ثم ينبهنا أنه قد حان وقت العمل.. يعطينا الكثير ثم يطلب منا أن نقدم بدورنا جهدنا؛ ليساعد بعضنا بعضاً ما وسعنا.
جدي لا يحب الجلسات الفارغة التي تتناول أحاديث سخيفة لا قيمة لها، أو التي تطرق موضوعات هامشية لا يستفاد منها؛ لذلك كان غالباً ما يحول الجلسات العائلية الهادئة إلى جلسات علمية هادفة ممتعة ومسلية، حتى أننا كنا ونحن أطفال نترك اللعب واللهو لننضم إلى هذه الجلسات؛ لما نجد فيها من المتعة والفائدة.
ما رأيت جدي يحب شيئاً حبه للكتب، نشأ على ذلك صغيراً، وكبر عليه حتى صار بعضاً من طباعه الأصيلة وواحداً من حاجاته الأساسية، فلا يستغني عن الكتاب إلا بقدر ما يستغني عن الطعام والشراب والمنام وسواها ما أساسيات الحياة.