القاصة فوزية الجار الله صدر لها مؤخراً مجموعة قصصية جديدة بعنوان (لحظات معه) عن دار المفردات للنشر، وقد أهدتها إلى والدتها.
وفي جزء من قصة تقول:
ها هو إلى جانبي في السيارة ونحن نسير في شارع مألوف جداً.. هذه مدرستي الثانوية، وهنا كنت أعبر دائماً هذا الشارع سيراً على الأقدام.. تأملت الأشجار المحيطة والحوانيت القليلة التي تحف به.. التفت.. تأملت وجهه. كان يبدو وسيماً رغم ذلك التورم الطفيف في الجفنين كأنما استيقظ للتو من نوم عميق امتد ساعات طويلة.. كنت أصغي إلى حديثه.. فهل كنت أقرأ عينيه..؟
لم أكن أعلم إن كنت أنا نفسي أتحدث أم كنت أفكر فقط؟ تحدث أخيراً. أشار للسائق بأن ينعطف يساراً. كان هناك بركة ماء صغيرة، وكان يريد أن يغتسل من تعب السفر. نزل هناك، واختفى، وكنت أنتظر. باب السيارة كان موارباً وأنا أتأمل الطريق الذي خطف أقدامه.. وصحوت على غيابه، وتذكرت أنه غائب.. غائب..
منذ متى؟! أعد الأقمار والأهلّة قمراً بعد آخر.. تتراكم ولا أريد أن أتذكر أبداً أن ثمة مسافة من الزمن امتدت ما بين صمتك واغترابي.. لا أبداً.. لم يحدث ذلك..!