في جلسة لمجلس الشورى التي نشرت أخبارها عبر وسائل الإعلام المختلفة، لفت انتباهي تصريحات العضو الفاضل الدكتور أحمد الزيلعي فيما يخص دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ما شدني هي الروابط التي أخرجها الزيلعي وتلك الافتراضات التي بناها على دور رعاية الشباب، حيث كان استهلاله فيه لغط كبير حين قال إن رعاية الشباب أولى من غيرهم بالشباب، لأن ما بناه لاحقا ناقض هذا الاستهلال.
الشباب كمنظومة عامة هم مسؤولية وطن ككل، لا يمكن بأي حال من الأحوال اقتصارها على جهة معينة بل الأولى ترتيب المسؤولية من حيث الفترات الزمنية ومن حيث التوزيع الجغرافي مع الانتباه بشدة إلى الإمكانيات التي توفر لكل مؤسسة دون غيرها، حين قارن وإن كانت مقارنته إسقاطا من أجل تقوية فكرته عن رعاية الشباب حين ذكر دور وزارتي التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية متناسيا ميزانية هاتين الوزارتين مقارنة بميزانية رعاية الشباب، وحين طالب بضرورة انتشار رعاية الشباب في كافة القرى والأرياف تناسى أيضا أن هذا ليس من دور رعاية الشباب بل حصرا من دور وزارتي التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية.
إن دور رعاية الشباب هو دور تكميلي لرعاية الموهوبين والمتميزين وصقل مهاراتهم وقدراتهم وتوفير الفرص المناسبة لهم لاستغلالها، لكن إن كان المطلوب من رعاية الشباب أن تصل إلى كل حارة وكل بيت على مساحة الوطن الممتدة فالأولى أن تطالب يا سيدي العزيز أن تحول إلى وزارة وتوفر الإمكانيات اللازمة، لكن اقتطاع دور معين وإلصاقه برعاية الشباب أمر فيه تجن وفيه مبالغة.
لا يمكن أن تكون الرياضة في المملكة في خبر كان بسبب دور وزارتين فقط، لأن منظومة الدولة ككل لن تسمح بذلك، فإن كانت وزارة التربية تقوم بدور معين لا يعني أن أي مؤسسة أخرى تكون مقصرة إن لم تقم بهذا الدور، وإلا تداخلت الصلاحيات وزادت التكاليف وانتشرت السلبيات، لا يوجد أبراج عاجية في عمل رعاية الشباب هم فقط يتعاملون بما يتوفر لهم من إمكانيات.
خطأ آخر وقع فيه الدكتور الزيلعي حين أكد على أن دور رعاية الشباب مقتصر على كرة القدم، كلنا نعلم أن رعاية الشباب عزلت هذه الرياضة كإدارة عنها وسلمتها فعليا للاتحاد السعودي لكرة القدم، أما متابعة الأندية الكبيرة والمضيفة كما يقول فهو أمر مهم جدا لأن هذه الأندية هي محط أنظار وأحلام عديد من الشباب، فإن لم تكن محطات الأحلام مؤمنة فالأحلام كلها غير مؤمنة.
إنجازات كثيرة حققتها رعاية الشباب في مجال الرياضة الفردية أو الجماعية، لكن الإعلام له أيضا اهتماماته الخاصة في الرياضة المبنية على اهتمام الشارع العام، كرة القدم هي الرياضة الأولى التي تهم الغالبية، في أميركا هناك كل أنواع الرياضة لكن ما نشاهده من تكثيف إعلامي واهتمام بالغ هما ثلاثة أنواع فقط السلة والبيسبول وكرة القدم الأمريكية.
إن أردت أن تطاع اطلب المستطاع، وقبل أن تغوص في ماء قس عمقه، هذا هو الحال المنطبق على توصية الدكتور الزيلعي، دور وزارتي التربية والشؤون كبير ومهم لكنه ليس مقتطعا بل هو مكملا وممنهجا، ورعاية الشباب أيضا دورها مكمل ومهم لكن المقارنة بينهم غير عادلة، المطلوب إن أردت أن تنجح الأمر كما تتمناه أن تتحول إلى وزارة وتعطى صلاحيات وتوفر لها الإمكانيات.