ينظر الإنسان إلى المال فلا يرى فيه إلا محاسنه وإيجابياته، ذلك أن المال شقيق الروح جبلت النفوس على محبته ولهذا فهي تتجاهل سلبياته وعيوبه، والتي هي أبرز ما تكون إذا كثر عن حده المألوف.
المال ضروري للحياة ومن شأنه أن يجعل حياة الناس أعز وأشرف وأكثر رفاهية وترفاً، ولكن له حدود معقولة يقف عندها حتى لا يفرغ من محتواه ويسير في الاتجاه المعاكس ضد مصالح الإنسان واحتياجاته الضرورية لحياة كريمة، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
المال غالباً إذا كثر بدرجات كبيرة تحول من نعمة إلى نقمة تمنع الإنسان من أن يهنأ بعيشه وينال نصيبه في الحياة بزوجة صالحة وابن بار وصديق حميم وأجير مخلص ومستشار أمين، كل هؤلاء ينقلبون إلى طابور خامس لا قبل له بمواجهتهم، فلم يعرف الناس في حياتهم ضريبة هي أشد وأغلى من ضريبة امتلاك الثروات الطائلة لينعم بها الورثة الذين لو سألهم يوم الحساب حسنة واحدة لما أعطوه إياها!!. إنفاق المال في وجوه الخير أكثر متعة من كنز المال، والعفو أكثر متعة من الانتقام، والتواضع أكثر متعة من الكبرياء، والبساطة أكثر متعة من البذخ، وعلى الذين لا يعرفون ذلك أن يجربوه في حياتهم الخاصة ولو مرة واحدة وسيكتشفون الحقيقة الغائبة.