انتخاب حسن روحاني الذي قدمته وسائل الإعلام الإيرانية وجارتها، وكذلك وسائل الإعلام الدولية، بأنه سياسي معتدل، نجح في تمرير القسم الأول من تأهيل النظام الإيراني للعودة إلى الأسرة الدولية، وتخفيف العزل الدولي الذي فرضته الأسرة الدولية بسبب سعي إيران إلى تصنيع أسلحة نووية، وغطرسة رئيس النظام الإيراني السابق أحمدي نجاد، الذي انتهج أسلوب المشاكسة والصدام؛ ما دفع المرشد الإيراني والقابضين على السلطة في إيران إلى تغيير النهج في التعامل مع القوى التي يطلقون عليها قوى الاستكبار.
البداية كانت بتقديم وجوه جديدة لمخاطبة المجتمع الدولي دون التخلي عن الأساسيات، وهكذا مُرِّر انتخاب حسن روحاني، الذي استقدم طاقماً جديداً، يتقدمه وزير خارجية، درس وتعلم في أمريكا، الذي استعمل أسلوب الأمريكيين نفسه في توسيع الابتسامة مع التمسك بالثوابت، ثوابت المرشد.
من الثوابت الإيرانية التي وضعها مرشد الثورة ولي الفقيه أن البرنامج النووي الإيراني مستمر في عمله، وأن التخصيب سيتواصل، وليس مهماً أن تكون درجة التخصيب دون العشرين أو أكثر؛ المهم أن يستمر العمل. وفي موازاة ذلك، يستمر العمل في تطوير وسائل النقل لأي سلاح نووي أو تقليدي لضمان تفوق إيران عسكرياً، ليس في نطاق المنطقة، بل على مستوى العالم؛ ولذلك استمر برنامج تطوير الصواريخ البالستية، بما فيها الصواريخ عابرة القارات، والقادرة على حمل رؤوس نووية.
هذه النقطة التي فطن لها الغرب أخيراً، وهم الذين يعلمون عنها منذ وقت طويل، رفض الإيرانيون مجرد بحثها في المفاوضات..!!
أهم الثوابت والمهمة التي يسعى إليها نظام ملالي إيران هي الحصول على تفويض دولي بأنه القوة الإقليمية الوحيدة التي تسعى إلى فرض هيمنتها السياسية والأيديولوجية، وحتى المذهبية. وقد حاولت إيران من خلال مفاوضات الملف النووي أن تحصل على هذا التفويض من مجموعة (5+1)، إلا أن ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية وألمانيا لم يعطوا هذا التفويض؛ لأنهم ببساطة لا يملكون ذلك؛ لأن المنطقة ليست ملكاً لهم، ولا لإيران التي تشاركها مجموعة من الدول العربية وباكستان وتركيا، وحتى أفغانستان بعد تعافيها.
أرادت إيران أن تحصل من خلال مفاوضات الملف النووي على تفويض دولي بوصفها قوة إقليمية، إلا أنها فشلت في ذلك، لكنها حققت خطوة متقدمة بالموافقة على تأهيلها لتكون إحدى القوى الدولية المؤثرة.
والتأهيل الدولي هذه المرة لا يأتي من حليفتَيْها (روسيا والصين)، بل من الغرب تحديداً؛ إذ تأمل الدول الغربية الأربع (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) أن تحصل على الجزء الأكبر من (كيكة) رفع العقوبات؛ ولذلك نرى تسابقاً من هذه الدول وشركاتها للحصول على العقود التجارية من إيران؛ فالمصالح تجعل العيون الغربية تغمض عن الغبار النووي الإيراني.