في أعقاب واقعة «بيض الحبارى» الشهيرة في مجلس الشورى دعا بعض أعضاء المجلس إلى تقييد التغطيات الإعلامية وإغلاق جلسات المجلس أمام الإعلاميين.
ربما بالغت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي في التعليق على الواقعة، وربما قسا بعضها كثيراً أو قليلاً، لكن ذلك لا يبرر الدعوة إلى حجب جلسات المجلس عن الناس من خلال الصحافة وأجهزة الإعلام، فنَقْل الجلسات وإصدار التقارير الرسمية بواسطة الإعلام الرسمي التابع للمجلس ليس بديلاً للتغطيات الصحفية المستقلة، ومجلس الشورى يجب أن يكون قدوة للأجهزة الرسمية في البلد، ويجب ألا يسن مثل هذه السنة غير المحمودة.
وقد أعجبني موقف رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ الذي رفض الحجر على وسائل الإعلام، وموقف مساعد رئيس المجلس الدكتور فهاد بن معتاد الحمد المسؤول عن الجهاز الإعلامي في المجلس من خلال ممارسته الواعية والحضارية مع الصحافة ووسائل الإعلام، وبقية الأعضاء الذين رفضوا فكرة إغلاق جلسات المجلس أمام وسائل الإعلام.
كل الأجهزة الرسمية تتعرض للانتقاد، وهذه سمة حضارية يجب أن يبتهج لها أعضاء مجلس الشورى حتى لو لم يكن الإعلام دقيقاً ومنصفاً في جميع الأحوال. فمن المعروف أن الصحافة في أي بلد يندر أن تخلو من الإثارة ماعدا في البلدان البوليسية المنقرضة التي كانت تقيد تدفق المعلومات والتعبير بحرية عن الرأي.
نعم لم تكن كل التناولات الإعلامية لما جرى في المجلس دقيقة، وبعضها لم يكن منصفاً، لكنني أعتقد أن الروح التسامحية المتفهمة التي يجب أن يتحلى بها المجلس وأي برلمان آخر تقدم دروساً للجميع في أهمية حرية التعبير عن الرأي. وعندما تكون هناك تجاوزات غير مقبولة، فمن حق المتضرر اللجوء إلى الجهات القضائية سواء كان ذلك المتضرر شخصاً طبيعياً أو معنوياً، ولو فعلها المجلس في موقف يستحق ذلك، ستكون دعواه درساً للآخرين.
إنني أعلم أن حضور أجهزة الإعلام لجلسات المجلس هو سلاح ذو حدين. فالتغطية الإعلامية قد تؤثر على مواقف بعض أعضاء المجلس فتغريهم بتبني مواقف «شعبوية» حتى لو لم تكن هي الأمثل من منظور الصالح العام أو تصد بعضهم عن التعبير عن آراء يظنون أنها قد لا تحظى بترحيب الشارع. ولكن من ناحية أخرى فإن التغطية الإعلامية تضع أنشطة المجلس مباشرة أمام الرأي العام، وهذا مهم إذا قلنا إن مجلس الشورى يجب أن يعكس هموم واهتمامات المجتمع، وألا يتعالى عليه في برج عاجي ويعزل نفسه عن الناس.
أخيراً يجب أن يدرك أعضاء مجلس الشورى أن كل برلمانات العالم تتعرض يومياً للنقد، بل للتجريح والسخرية، وهذا قدر كل من يعمل في الشأن العام وكل الشخصيات العامة، ولا يقلل النقد من قدر وأهمية مَنْ يعمل ويجتهد وإنما يرفع من قيمته، فاشرعوا نوافذكم وأبوابكم يا أعضاء المجلس للإعلام ولا تنزعجوا من النقد.