كثيراً ما تحدثنا عن شؤون وزارة الصحة في مقالات وتقارير سابقة، والحديث مع الميزانية الجديدة للعام الجديدة التي كان لوزارة الصحة فيها نصيب كبير، خصوصاً ونحن نتلمس التطوير والمعاجلة لأية انحرافات سابقة والنهوض بالقطاع الصحي على مستوى الخدمات وبالتوازي مع مستوى الأفراد والكوادر البشرية، هذه العملية ليست بالعملية السهلة في حال وجدت الامكانات التخطيطية والتنفيذية والرقابية لأننا والحمد لله لا نعاني من مشكلة في الامكانات المادية.
لا يمكن انكار ان وزارة الصحة تعاني من ضغط إعلامي كبير مرافقة مع الضغط الناجم عن طبيعة خدماتها، لكن هذا الضغط الإعلامي وإن كان مبرراً بالشكل العام كوسيلة رقابية إلا أنه ليس مبرراً حين يكون سبباً في زعزعة الثقة في هذا القطاع الحكومي الهام، الإعلام هو مرآة الواقع وهو أيضاً صوت المجتمع، لكن وللأسف الشديد الإعلام أحياناً يأخذ منحنى غير ايجابي يؤدي إلى اضعاف الإنتاجية وعرقلة مسيرة التطوير والنماء.
في كثير من التعليقات التي تابعتها والمقالات التي نشرت بخصوص التقرير الخاص بوزارة الصحة لم أتلمس كثيراً من الارشاد أو المساندة والدعم، بل التشكيك وزعزعة الثقة هي العنوان الأبرز، العملية خطيرة جداً لأنه عندما يفقد المجتمع ثقته في القطاع الصحي الحكومي فإنه يفقد ركيزة امانية وطنية مهمة، ولن أرمي كثيراً على أن هناك جهات أخرى قد تستفيد من هذه الزعزعة لأنني لست أميل إلى نظرية المؤامرة والخفاء، لكن بالتأكيد هناك من هو مستفيد من مثل هذه الحملات الممنهجة والمتواترة.
وزارة الصحة بخدماتها وعلى مستوى كل دول العالم هي اكثر الوزارات التي تعاني من انتقادات ومشاكل، لطبيعتها الخاصة في مهنيتها، لكن حين يقع خطأ معين في مستشفى أو مركز صحي ويضخم بحيث يصبغ على عمل وزارة على مستوى الوطن فهنا يكون الإنصاف مفقودا والإصلاح بعيدا عن المرمى، ولا يستثنى من هذا التعميم حتى أكثر الدول الغربية المتقدمة، لو تابعنا حملاتهم الانتخابية لو جدنا أن إصلاح القطاع الصحي العام يتصدر الأولويات على برامجهم وحملاتهم الإعلانية.
علينا تعزيز الثقة في كوادرنا الوطنية ودعمها والابتعاد عن رسم الشك وزراعته في النفوس، علينا البدء بتنفيذ كلامنا عن الشعور بالوطنية والالتزام بروحها البناءة، سواعدنا وعقولنا وأقلامنا إن لم تسخر في خدمة الوطن والمواطن فما غير ذلك هو هدم على مختلف النوايا.