لم يستفق التونسيون من صدمة العملية الإرهابية المروعة التي وقعت الأحد بمحافظة جندوبة (150 كلم جنوب غرب العاصمة تونس)، والتي راح ضحيتها 3 أعوان شرطة ومواطن أعزل، حتى انتشرت تفاصيل اعترافات أحد أهم الرؤوس المدبرة للإرهاب في تونس أحمد المالكي، المكنى بـ«الصومالي»، الذي أُلقي القبض عليه منذ أكثر من 10 أيام بتونس، التي أقر فيها بوجود مخطط إرهابي لاغتيال شخصيات سياسية وإعلامية مشهورة، وتفجير بعض السجون والفضاءات التجارية الكبرى؛ وذلك بهدف بث البلبلة والفوضى في البلاد، ومن ثمة إقامة الخلافة الإسلامية على الأراضي التونسية.
وذكر الصومالي أن تنظيم أنصار الشريعة الذي ينتمي إليه، والذي وُقّع تصنيفه تنظيماً إرهابياً من طرف حكومة الترويكا المستقيلة، اختار أن تبدأ الحرب على الدولة المدنية برموزها كافة عبر اغتيال أعوان الشرطة بأحد المراكز الأمنية بالعاصمة، ثم تصفية بعض الأسماء المعروفة تباعاً بطريقة منظمة، تستهدف الشخصيات في أماكن متفرقة من البلاد، بما يساعد على تشتيت جهود الأمن والجيش، وتصبح تونس بالتالي سقفاً إرهابياً مفتوحاً، تتقاذفها الجماعات المسلحة، وتستبيح دماء أبناءها.
وكان التونسيون الذين ملأهم الخوف من تكرار السيناريو الجزائري على أرضهم قد سيطر عليهم الرعب من تفشي الإرهاب ووصول جحافله إلى المدن والأحياء السكنية، بعد أن كان حكراً على الجبال والمرتفعات التي تتحصن بها العناصر المسلحة التي تأبى الاستسلام.
وفيما كان الخبراء الأمنيون يقرُّون بالتغير الخطير لمخططات الجماعات المسلحة، اعترف الصومالي بأن تنظيم أنصار الشريعة المحظور قد غير تكتيكه الهجومي؛ إذ بات يخطط للسيطرة على الأحياء السكنية الفقيرة حيث يتكاثر عدد المنتمين إليه، ومن ثمة عزلها نهائياً، وذلك عبر تلغيم مداخل هذه الأحياء لمنع الأمن وتعزيزاته من الوصول إليها. كما أقرَّ بأن التنظيم قرَّر استعمال عدد من السكان كدروع بشرية لصد أي هجوم أمني أو عسكري يستهدف العناصر المسلحة أثناء تنفيذ مخططاتها.
إلى ذلك، قال الدكتور نصر بن سلطانة رئيس مركز تونس لدراسة الأمن الشامل إن عملية محافظة جندوبة التي جاءت انتقاماً للعمليتين الأمنيتين الناجحتين ضد مجموعتين إرهابيتين مؤخراً تقيم الدليل على دخول الإرهاب مرحلة جديدة من خلال نصب نقاط تفتيش أمنية مزيفة ووهمية، وارتداء بدلات أمنية وعسكرية مسروقة، واستهداف أمنيين ومواطنين عزل.
وفسر ابن سلطانة هذا التغير التكتيكي باستلام عناصر جزائرية لقيادة الجماعات في تونس بعد تصفية بعض العناصر القيادية التونسية، والقبض على رموزها. مضيفاً بأن الخطر يكمن في توغل القيادات الجزائرية داخل المدن التونسية بعد أن كانت متمركزة ي الجبال الحدودية، ومشدداً على أن هذه القيادات أضحت تنفذ مخططات على الطريقة الجزائرية التي ميزت أواخر التسعينيات من القرن الماضي.