لكل أُمَّة تراث تحافظ عليه وتفاخر من أجله وتباهي الأمم من خلاله وتدافع عنه بكل ما تملك، كما أن لها رأياً عاماً وعرفاً عاماً ولكل دائرة لها اختصاص معين لن تستطيع أن تفترق عنه أو تبتعد عنه... وهكذا.
فالأُمَّة التي تحافظ على تراثها على ضوء مبادئها وثوابتها الدِّينيَّة والفكريَّة تظلُّ - بإذن الله تعالى - شامخة عالية مدركة ومستوعبة كل حقائق الأحداث الماضية في تلك الأزمنة الغابرة التي أحاطت بأسلافهم من الأمم - وأُمَّة بهذا الشأن ستصبح - بإذن الله - قوية على اتخاذ مواقعها الموحدة تجاه الأمم والأفكار التي يطرحها العلماء والمفكرون هذا المجال.
ومع إطلالة عام جديد مبارك فإن أنظار أبناء وطننا المعطاء خاصَّة وأبناء خليجنا الكريم عامَّة تتجه أنظارهم وقلوبهم وأفئدتهم إلى مهرجان الجنادريَّة العريق رقم (29) بكل شوق ولهفة ورغبة ومحبة ومشاركة فاعلة من كل أطياف وشرائح أمتنا الغالية، وذلك من أجل نشر ما يملكون من مخزون تراثي عريق على الساحة، حيث تتجلى فيه أنواع الموروثات الشَّعبيَّة والتُّراثيَّة لكل مدينة ومحافظة وقرية وريف ويتعانق فيها عمق الماضي العريق بالحاضر المفعم بالأمل الصادق وطموح المستقبل الواعد، فالحديث عن التراث من الأمور المحببة إلى النفس البشريَّة بشكل عام، فكل إنسان مِنَّا في هذه الحياة يجب أن يشاهد ويسمع عن تراث آبائه وأجداده حيا يراه بأم عينيه حتى يتسنى للأجيال الحاضرة والقادمة معرفة تراث الآباء والأجداد عن قرب إلى جانب التأمُّل والتفكر والتدبر واستذكار مآثر نهضتنا الحضاريَّة في ماضيها التليد وتجديد هويتنا الثقافية والحضاريَّة التي تداعت عليها تيارات معادية من كل حدب وصوب حتى تقضي على تراثنا العريق من الوجود ويصبح في طي النسيان.
فتمسك الأمة بتراثها وثقافتها يدل دلالة واضحة على وعيها وحرصها واهتمامها الشديد وعلى تمسكها بهذا التراث التاريخي المجيد الذي سيمد لأجيال عدة على مر الأزمنة، ويبقى التاريخ شامخاً على مر السِّنين والأزمنة دون اندثار، حيث إن إقامة مهرجان الجنادريَّة السنوي للتراث والثقافة يوجد تقاربا وتلاحما بين الموروث الشعبي وبين الإنجازات الحضارية العملاقة التي تجدها في أنحاء بلادنا المترامية الأطراف ذلك من أجل الحفاظ على تراثنا العريق الذي يهدف إلى تذكير أبناء هذه البلاد بحياة سابقةٍ كلها عناء ومشقة وتعب وكد حتى يحمدوا الله كثيرا على ما منى علينا من حياة حاضرة كلها نعيم ورخاء ورفاهية..
فهذا المهرجان الفريد من نوعه يُعد ثمرة جهود جبَّارة تقوم بها اللّجنة العليا المشرفة على مهرجان الوطني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وزير الدولة عضو مجلس الوزراء وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة ومعالي نائب وزير الحرس الوطني المساعد نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان الوطني الأستاذ عبد المحسن بن عبد العزيز التويجري سلمه الله وكل معاونيه ومشاركيه الذين يعملون بكل جدٍ واهتمام ليلاً ونهاراً؛ لإظهار هذا المهرجان الوطني العريق بالشكل الذي تخطط من أجله اللجنة العليا المشرفة وذلك بتوجيهات كريمة وحكيمة وسديدة من قائد أمتنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه وسدد على دروب الخير خطاه - صاحب الفكرة الأولى الذي أولاها جل عنايته واهتمامه الكبير لإقامة هذا المهرجان السنوي الذي يتطور سنة بعد سنة في كل المجالات، ففي كل سنة تتحول الجنادريَّة إلى موسم ثقافي ثري وذلك من أجل الحفاظ على تراث الآباء والأجداد، حيث يعتبر مهرجان الجنادريَّة السنوي مناسبة عظُيمة لأبناء المملكة العربية السعودية خاصَّة وأبناء خليجنا وأمتنا العربية والإسلامية عامّة إلى جانب أنه يُجسِّدُ إرثاً تاريخياً عريقاً - وملتقى لكل عدد من الأدباء والمفكرين والمثقفين والكتاب وأصحاب الخبرة والرأي والمشورة والحكمة من داخل البلاد وخارجها، وذلك من أجل إثراء المهرجان بأفكار جديدة من إبداعات قرائحهم من بحوث فكريَّة واجتماعيَّة وأدبيَّة وتاريخيَّة وتراثيَّة إلى جانب الالتقاء والتشاور والتباحث في طرح القضايا المتعِّددة التي تهم أمتنا العربية والإسلامية وتبادل الخبرات والأفكار والآراء في هذه المناسبة الوطنية المتميزة، لما تحمله من عدة أهداف وغايات سامية تتمثل في مد جسور التواصل والتقارب مع الآخرين على المحبة والمودة، لكي تكون ثقافتنا وتراثنا العريق جزءاً من العالم المتقدم.
وختاماً اسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ قائد مسيرتنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مُقرِن بن عبد العزيز آل سعود من كل سوء ومكروه إنه سميع مجيب.