يرى مراقبون مصرفيون أن البنوك التقليدية قد قررت التراجع عن المشاركة في صفقات التمويل الإسلامي «للتجارة»، وذلك بسبب تبعات الأزمة المالية العالمية ورفع متطلبات رأس المال حسب لوائح بازل 3، الأمر الذي أفسح المجال للمؤسسات غير المصرفية لتغطية نحو 20 بالمائة من هذه الأنشطة.
رغم النمو القوي للتمويل الإسلامي عالمياً على مدار السنوات القليلة الماضية فقد أهمل القطاع التجارة السلعية وترك التمويل التجاري لهيمنة البنوك التقليدية.
وتحاول بعض البنوك الإسلامية في الخليج التوسع في التمويل الإسلامي للتجارة من خلال التعاون مع مؤسسات غربية.
وقال بنك دبي الإسلامي هذا الأسبوع إنه سيستفيد من خبرة دويتشه بنك في تسهيل خطابات الاعتماد في أوروبا
وأطلقت شركة آسيا للاستثمار صندوقاً للتمويل التجاري الإسلامي برأسمال مبدئي قدره 20 مليون دولار بهدف تلبية احتياجات صغار المصنّعين في آسيا.
وتهدف آسيا للاستثمار - وأكبر مساهم فيها صندوق الثروة السيادية في الكويت الهيئة العامة للاستثمار - لسد الفراغ الذي تخلفه البنوك الدولية التي تقلص أنشطتها مما تسبب في قلة القروض المتاحة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقال سليمان علي رضا المدير التنفيذي لذراع إدارة الاستثمار لشركة آسيا في هونج كونج: «نتصل بشركات تتعامل مع البنوك ولكن خطوطها الائتمانية محدودة - ندرس تمويلها.»
وتأسست شركة آسيا في عام 2005 تحت اسم الشركة الكويتية - الصينية الاستثمارية، وهي تقدر حجم التجارة السنوية بين الدول الآسيوية عند خمسة تريليونات دولار يمكن أن تصل إلى 20 تريليون دولار في 2020.
وأطلق الصندوق المسجل في جزر كايمان بشكل تجريبي في ديسمبر - كانون الأول ويمنح تمويلاً قصير الأجل من خلال عقود مرابحة.
وقال علي رضا: «نلجأ لصيغة المرابحة بضمان السلع وهي صيغة معيارية سبق تجربتها واختبارها.»
وقال بريان لاك مدير المكتب الاستشاري لآسيا في دبي إن الصندوق يهدف لتحقيق عائد صافٍ للمستثمرين يتجاوز خمسة بالمائة.
وتعمل المؤسسات الإسلامية في الخليج على تنويع معاملاتها في سوق النقد، لذا قد تجد ضالتها في بعض منتجات آسيا للاستثمار.
وقال علي رضا إن العائد أعلى من عقود المرابحة السلعية والسيولة أفضل من الصكوك.
معلوم أن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة تعمل وبشكل دؤوب ومتواصل لتكون العامل المحفز للتضامن الاقتصادي وأن تسهل وتطور التجارة عن طريق إنشاء روابط تجارية جديدة مع وبين الدول الأعضاء، كما أنها تسعى للارتقاء بقطاع تمويل التجارة المتوافق مع الشريعة الإسلامية، لأن ذلك لا يخدم رفاهية المجتمع فحسب، ولكنه أيضاً يقدم نموذجًا بديلاً يعمل بحكم طبيعته على الربط بين الاقتصاديات الحقيقية والمالية، وهو بذلك يشجع على مشاركة المخاطر، وتعزيز روح المبادرة.
والجدير بالذكر أن جهود البنك الإسلامي للتنمية في مجال تنمية التجارة بين دول الأعضاء تعود إلى عام 1977 وذلك من خلال ما عُرف في ذلك الوقت ببرنامج تمويل الواردات والذي عمل على تلبية تمويل عمليات الاستيراد للدول الأعضاء.
من ناحية أخرى، أشار تقرير شركة «بيتك للأبحاث» التابعة لمجموعة «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) حول تمويل التجارة الإسلامية العالمية بالإمكانات القوية للنمو التجاري لدول منظمة التعاون الإسلامي، الأمر الذي من شأنه تمكين قطاع تمويل التجارة الإسلامية من أن يكون قطاعاً واعداً يستحق اهتمام المؤسسات المالية الإسلامية في المستقبل القريب.
ونوه التقرير إلى أنه بالنظر لأن التمويل الإسلامي يركز على دعم أنشطة اقتصادية ملموسة وحقيقية، فإن التمويل التجاري هو أحد قطاعات الأعمال الذي يتناسب بشكل جيد مع مبادئ الشريعة الإسلامية ونموذج الأعمال. ولذلك فإن البنوك التي تعمل وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية الإسلامية تُعد في وضع جيد للاستفادة من التدفقات التجارية الكبيرة من منظمة المؤتمر الإسلامي، ونظراً لحقيقة أن الغالبية العظمى من بلدان الشرق الأوسط ودول منظمة التعاون الإسلامي تبدي اهتماماً كبيراً في تعزيز التمويل الإسلامي، فإن زيادة التدفقات التجارية داخل هذه المناطق يمثّل فرصة واعدة لتمويل التجارة الإسلامية لتصبح بديلاً عن تمويل التجارة التقليدية.
وقد زاد حجم التجارة العالمية خلال القرن الحادي والعشرين، وحقق قطاع تمويل التجارة نحو 29 مليار دولار لإيرادات الموردين في عام 2011.
ومن المتوقع أن يتوسع هذا القطاع في المستقبل القريب ليحقق ما قيمته 38 مليار دولار إيرادات بحلول عام 2015.
وعلى هذا، تقف مختلف القطاعات الفرعية لصناعة التمويل الإسلامي مثل تمويل التجارة الإسلامية موقف الترقب للاستفادة والمشاركة في النمو المتزايد لهذه الصناعة.
ووفقاً لتقديرات السوق، لم يتجاوز إجمالي التمويل التجاري بين البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وماليزيا وتركيا 4 تريليونات دولار كما في نهاية 2012.
وهناك شبه إجماع عام في السوق على أن المعاملات الإسلامية للتمويل التجاري تصل بالكاد إلى نسبة 1.5 في المائة من إجمالي قيمة التمويل التجاري العالمي.. وبالتالي وكما في نهاية 2012، يُقدر تمويل التجارة الإسلامية بأنها دعمت نحو 250 مليار دولار من تجارة البضائع، في حين كانت الإيرادات المحققة لموردي تمويل التجارة الإسلامية 435 مليون دولار كما في نهاية عام 2011.
وتقوم المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة بالعمل على تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للأفراد في العالم الإسلامي، وبصفتها جهازاً مستقلاً داخل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، فقد تم تشكيلها لتقديم حلول تمويل تجارة متكامل من خلال مسارين رئيسيين تمويل التجارة، وتنمية التجارة، وفي هذا الإطار تعمل المؤسسة على أربعة محاور رئيسة لتشجيع التجارة وهي: «ترويج التجارة» و«تسهيل التجارة» «بناء القدرات» و»تنمية السلع الإستراتيجية»
ووفقاً لإحصائيات المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة لعام 2013، اعتمدت المؤسسة معاملات تجارية إسلامية بقيمة 4.4 مليار دولار في 2012، أي زيادة بنسبة 47 في المائة عن الـ 3.033 مليار دولار المسجلة في 2011.. بينما كانت أرقام المقارنة 2.554 مليار دولار في 2010 و2.167 مليار دولار في 2009.
وفي الإطار ذاته، وافق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة التابعة للبنك الإسلامي للتنمية على التعاون في منطقة الدول العربية لمكافحة الفقر وخلق فرص عمل، حيث تمثّل أول مجالات العمل المشترك في مبادرة لزيادة فرص العمل من خلال إصلاحات تجارية.
وانتقد الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة، الدكتور وليد الوهيب ضعف التجارة البينية بين البلدان العربية والإسلامية مما أفرز تدنياً على مستوى خلق فرص العمل.
تجدر الإشارة إلى أن مبادرة المساعدة من أجل التجارة للدول العربية أقرتها القمة العربية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتمولها المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة، بالإضافة إلى حكومات دولة الكويت والمملكة العربية السعودية والسويد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.