يترقب القطاع المصرفي السعودي عودة الطلاب السعوديين الذين أنهوا دراساتهم العليا في مجال المالية الإسلامية. كيف لا ومعظم الجامعات السعودية، إلا ما ندر, تفتقد تقديم شهادات علمية متخصصة في مجال دقيق كالصيرفة الإسلامية. وهذا ما انعكس سلبا على تنمية رأس المال البشري المتخصص في المالية الإسلامية. ولكن مع مبادرات الابتعاث الخارجي, رصدت «الجزيرة» توجه نسبة قليلة من الطلاب نحو دراسة مرحلة الماجستير (المتعلقة بالصيرفة الإسلامية) في بريطانيا ثم ماليزيا.
أما هؤلاء الطلاب الذين ينوون التخصص في هذا المجال المصرفي الدقيق, فقد رصد تقرير أعدته شركة بيتك للأبحاث المحدودة، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي، أن هناك اتجاها عالميا متناميا بالبرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة في صناعة التمويل الإسلامي من خلال تصميم برامج تعليمية رسمية متخصصة وتدريسها في المؤسسات التعليمية، من أجل تطوير الخبرات والكوادر المطلوبة لهذه الصناعة والارتقاء بها إلى آفاق أوسع. حيث بلغت أعداد المؤسسات التعليمية التي تدرس هذا التخصص 80 مؤسسة.
وذهب التقرير إلى أبعد من ذلك عندما طالب بالنظر في تضمين مواد الصيرفية الإسلامية بالمرحلة الثانوية. يقول التقرير:» وبصرف النظر عن برامج التعليم الرسمي، فإنه من المطلوب زيادة التوعية والتعليم بشكل أكثر كثافة على المنتجات والخدمات الإسلامية من قبل المنظمين واللاعبين في السوق على حد سواء، وذلك لتكبير المنفعة العامة وبناء فهم أفضل لصناعة التمويل الإسلامي. وفي الواقع، ينبغي أن تمتد هذه المبادرات على مستوى المدارس الثانوية وذلك لإرساء أساس متين للمعرفة لنظام التمويل الإسلامي.»
وشهد مجال التمويل الإسلامي نمواً قوياً على مدار العقد الماضي مدعوماً بالبنية الأساسية والمؤسسات القوية والإطار الرقابي الفعال لهذه الصناعة. وكذلك يعمل الاهتمام الواسع بالتمويل الإسلامي من مختلف أنحاء العالم على دفع البعد الدولي للتمويل الإسلامي. ولا تقتصر صناعة التمويل الإسلامي على البلدان ذات الأغلبية المسلمة فحسب مثل منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وماليزيا، بل إنها تمتد لمناطق جديدة مثل الشرق الأقصى وأوروبا والعديد من هذه الدول تعمل حالياً على تطبيق الإصلاحات التنظيمية والقانونية الملائمة التي من شأنها تسهيل عملية توفير منتجات التمويل الإسلامي.
وبالنظر إلى هذا التطور، فمن المتوقع أن يتزايد نمو قطاع التمويل الإسلامي بخطى أسرع. ومن أجل المحافظة على النمو المستقبلي لقطاع وصناعة التمويل الإسلامي ودعم هذا النمو، فمن الأهمية بمكان أن يعمل قطاع التمويل الإسلامي على تطوير الكوادر والخبرات المطلوبة بهدف التشجيع على الابتكار ودفع أداء القطاع إلى آفاق أوسع.
وبشكل عام، وبالنظر إلى أن تنمية رأس المال البشري والتعليم والتدريب في قطاع المصرفية والتمويل الإسلامي والتي بدأت تنتشر في مختلف البلدان بما يتماشى مع النمو في هذه الصناعة وتطويرها، فإنه لا تزال هناك حاجة للتأكد من نوعية ومدى صلة البرامج التعليمية بالصناعة المالية الإسلامية والاعتراف العالمي للبرامج التعليمية في التمويل الإسلامي.