Tuesday 11/02/2014 Issue 15111 الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1435 العدد

أقر تحريك الدعوى الجزائية العامة ضد من يقومون بالقدح والذم في الإعلام المكتوب والمسموع و(الإنترنت)

الشورى .. جلسة .. محاسبة ممنهجي (القذف) العلني

الجزيرة - سعد العجيبان / تصوير - سالم الحمدان:

هي (صاد).. بين الانتقاص والانتقاد.. هي توصية حرفها (البعض).. (فزعموا) أنها تهدف إلى (تحصين) الشورى وأعضائه ومسؤوليه عن (النقد).. ومعاقبة من يتعرض لهم!!.. هم أشخاص معروفون بالأسماء والعناوين والمهنة.. يرتكبون جريمة (موصوفة) بكل القوانين والشرائع.. متى ما وقعت في (العلن) وعلى مرأى ومسمع من الجميع.. أصبحت من الجرائم (العامة).. التي يجب على ولي الأمر التصدي لها ومحاربتها.. فبذلك صيانة للسلم الأهلي والأخلاق والمبادئ العامة.. وحفاظاً على حق المجتمع على المعتدي.. لردعه و(زجر) غيره.. فذلك الحق لا يزول.. ولا يحق لأحد التنازل عنه.. فذلك من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في الدولة.. هي توصية لا تدعو إلى (الحجر) على الناس في نقد الدولة ومسؤوليها ومؤسساتها.. في سياساتها وقراراتها وأعمالها.. فهذا حق للـ(الناس) ما داموا يتأثرون سلباً وإيجاباً بتلك السياسات والقرارات.. (طالما) أن النقد في حدود اللياقة والأدب.. هي تحريك الدعوى الجزائية العامة.. أمام المحكمة المختصة.. ضد (مستهدفي) مؤسسات الدولة ورموزها الدينية والوطنية ومسؤوليها وموظفيها.. بالقدح والذم والقذف والعلني.. وتحديد هوية المجهولين منهم أو المتسترين..

فالقدح والقذف والذم (يُرتكب) علناً ضد شخصيات عامة.. تحملت عبء المسؤولية.. نزولاً عند رغبة ولي الأمر واعتزازاً بثقته.. فالقذف العلني.. يتسبب في اختلال بنية المجتمع.. ويؤثر على ترابطه.. ويسهل اختراق صفوفه من كل مغرض وحاقد.. من الداخل والخارج..

هي حالة (شائكة).. تستهدف الشخصيات العامة.. لمشروعات التنمية والإصلاح.. تستهدف مشروع الملك عبد الله للإصلاح بوجه (خاص).. تيارات تستهدف مشروعات الدولة (الحديثة).. وبتكفيرها وشتمها الذي يطول الشخصيات العامة.. وخلفياتها القبائلية والمناطقية والمذهبية.. إنما هم يستهدفون السلم الاجتماعي والأمن الوطني.. هم لا يختبئون ولا يخجلون مما يفعلون.. بعضهم أعضاء هيئة تدريس في الجامعات.. من الرجال والنساء.. وبعضهم يدعون الوعظ والدعوة.. وبعضهم مذيعون في القنوات الأرضية والفضائية.. وكثير منهم ينخرطون في مؤسسات الدولة.. تحريك الدعوى الجزائية العامة أمام المحكمة المختصة ضدهم.. هو الرادع.. للحملات الممنهجة للشتم والقذف الذي بلغ حد التكفير..

جلسة الشورى العادية الحادية عشرة من أعمال السنة الثانية للدورة السادسة.. المنعقدة برئاسة معالي رئيس المجلس الدكتور عبد الله آل الشيخ..

الجلسة أقرت دراسة إنشاء مركز وطني لدراسات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة.. ووضع قواعد يتم الاستناد إليها في إسناد الأعمال لأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام بما يحقق أعلى درجات المهنية والعدالة في القضايا محل النظر.. جلسة الشورى بالأمس عنوانها هو الـ(صاد).

مركز وطني

فقد دعا المجلس خلال استماعه إلى وجهة نظر لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لهيئة التحقيق والإدعاء العام للعام المالي 1433/ 1434هـ، دعا الهيئة إلى وضع معايير لقياس الأداء وإنشاء معهد عالٍ للتحقيق والادعاء العام، فيما تبنى عدد من التوصيات الإضافية المقدمة من ثلاثة أعضاء، حيث تقدم العضو الدكتور ناصر الشهراني بتوصية إضافية تدعو بدراسة إنشاء مركز وطني لدراسات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة ... في الوقت الذي لا تتوافر فيه معلومات دقيقة عن عدة جوانب متعلقة، حيث تساءل الدكتور الشهراني عن نسبة ارتكاب الأحداث لجرائم سرقة السيارات أو تعاطي المخدرات مقارنة بالبالغين.. ومتوسط أعمار المدانين في جرائم التحرش والابتزاز؟؟ وعن الأداة الأكثر استخداماً في جرائم القتل خلال سنة التقرير؟!

حجر الزاوية

وبيّن الدكتور الشهراني أن وزارة الداخلية تقوم بالجهد الأكبر والأنجح في مسألة مكافحة الجريمة.. إلا أنها لا يجب أن تكون وحدها.. فهيئة التحقيق والادعاء العام هي حجر الزاوية في مسألة مواجهة الجريمة من حيث التحقيق والادعاء العام والرقابة على السجون.. والمحاكم الجزائية أيضاً تقوم بدور هام في الفصل في الجرائم.. كما أن وزارة التجارة لديها اختصاص في الضبط الجنائي فيما يتعلق بجرائم التستر التجاري والغش التجاري.. وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بدور مهم في هذا الجانب.. ما يعكس أن لدينا مجموعة من الأجهزة تقوم بأدوار مختلفة ومتنوعة ومتكاملة في مسألة مكافحة الجريمة.. فنحن بحاجة ماسة لتحليل الظواهر الإجرامية.. ما يتطلب تقدير لحجم الظاهرة.. وتحديد الأسباب والآثار.. وتقييم إجراءات المنع والوقاية.. وبناء شراكة مجتمعية رسمية.

مرجعية

وأكد الدكتور الشهراني الحاجة إلى جهاز وطني مرجعي يقوم بجمع تلك البيانات وتحليلها واقتراح السياسات ومن ثم دعم قرار اتخاذ مكافحة الجريمة.

ورأت اللجنة عدم مناسبة طرح التوصية على تقرير هيئة التحقيق والادعاء العام.. مستشهدة بقيام مركز أبحاث للجريمة بوزارة الداخلية بالمهام المشار إليها في التوصية.. ورأت أن ما تدعو إليه التوصية متحقق.. مؤكدة أن إنشاء مركز آخر فيه هدر للطاقات البشرية والمالية.. وهذه التوصية إن كان المقصود بها إنشاء مركز مستقل خارج عن هيئة التحقيق والادعاء العام فالتوصية لا علاقة لها بالهيئة أو بالتقرير الخاص بها.. ومن الممكن أن يتم تقديمها في وقت آخر.. وعلى تقرير مناسب.

منفذ

وقد خضعت التوصية للتصويت على ملاءمة المناقشة فرأى غالبية الأعضاء مناقشتها.. ليستهل العضو الدكتور سعد مارق المداخلات بالتأكيد على أن اللجنة مؤيدة للتوصية وتعترف بأهمية إنشاء المركز.. إلا أنها رأت إحالتها إلى جهة أخرى.. وهذه الجهة لا يصلنا تقريرها.. فالمنفذ الوحيد لمجلس الشورى في مثل هذه الحالات.. أن يستغل التقارير الأقرب ثم يقدم عليها التوصيات. ورأى الدكتور مارق أن صياغة التوصية تمت بصيغة قانونية.. ولم توجه للهيئة.. بل تطلب دراسة إنشاء مركز.. والمعروف أن قرارات المجلس تذهب لولي الأمر.. وبالتالي هو من يملك إحالتها للهيئة أو إلى جهة أخرى.. ودعا إلى تأييد التوصية.

حاجة ماسة

العضو اللواء الدكتور محمد أبو ساق قال: إن الفرق بين مركز أبحاث الجريمة بوزارة الداخلية وبين ما تدعو إليه التوصية الإضافية واضح جداً.. كون التوصية تدعو إلى دراسة إنشاء مركز وطني لدراسات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة.. وهذه دراسات متخصصة.. وأكد اللواء الدكتور أبو ساق الحاجة الماسة وبشكل عاجل إلى هذا المركز ومخرجاته، وبعد إخضاع التوصية للتصويت أيدها 108 أعضاء وفي المقابل رفضها 11 عضواً.

تحريك الدعوى

وفي جانب آخر، تقدم العضو سعود الشمري بتوصية إضافية تطالب هيئة التحقيق والادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية العامة أمام المحكمة المختصة ضد من يقومون بالقدح والذم والقذف العلني عبر وسائل الإعلام المكتوبة أو المسموعة أو المرئية وعبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) أو وسائل التواصل الاجتماعي بجميع أنواعها.. مستهدفين مؤسسات الدولة ورموزها الدينية والوطنية ومسؤوليها وموظفيها.. والتنسيق مع الجهات الأمنية لتحديد هوية المجهولين منهم أو المستترين.

تحريف

وقال الشمري إنه حين تقدم بالتوصية لدى مناقشة تقرير هيئة التحقيق والإدعاء العام في جلسة سابقة.. نجحت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرديئ في تحريفها.. وإظهارها كتوصية تهدف إلى تحصين المجلس وأعضائه ومسؤوليه عن النقد ومعاقبة من يتعرض لهم.

وأضاف: إن الفترة الأخيرة شهدت كثرة القذف والقدح والذم العلني الذي يطال مؤسسات الدولة ومسؤوليها.. ومنها مجلس الشورى وأعضائه.. من قِبل أشخاص معروفين بالأسماء والعناوين والمهنة.. مجترئين بذلك على ارتكاب جريمة موصوفة بكل القوانين والشرائع.. بما فيها الشريعة الإسلامية.. وهذا النوع من الجرائم.. متى ما وقع علناً وعلى مرأى ومسمع من الجميع وكان موجه لعدد غير محدد من الناس لأسباب تعود لآرائهم أو أعمالهم أو الجنس أو الدين أو اللون.. أصبحت من الجرائم العامة التي يجب على ولي الأمر التصدي لها ومحاربتها صيانة للسلم الأهلي والأخلاق والمبادئ العامة.. وحفاظاً على حق المجتمع على المعتدي.. لردعه وزجر غيره.. وهذا الحق لا يزول.. ولا يحق لأحد التنازل عنه لأن ذلك من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في الدولة.

أنظمة

وبيّن الشمري أن من يرتكب فعلاً مُجَرَّماً وإن كان موجهاً إلى شخص بعينه.. فإنما يرتكب هذا الفعل ضد المجتمع بأسره.. وهنا يقف ولي الأمر نائباً عن المجتمع للدفاع عنه.. وفرض عقوبة جنائية على المعتدي.. مع حفظ حق المتضرر بالتعويض عمّا أصابه من ضرر.. وقد ألزم ولي الأمر في المملكة.. نفسه والدولة بحماية الإنسان وحقوقه وكرامته.. حيث نص النظام الأساسي للحكم في المادة التاسعة والثلاثين على التزام وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها.. ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة أو يسيئ إلى كرامة الإنسان وحقوقه.. وتبيّن الأنظمة كيفية ذلك.. وهذا ما فعلته الأنظمة لاحقاً.. حيث فوض ولي الأمر بنصوص صريحة وردت في نظام الإجراءات الجزائية ونظام هيئة التحقيق والادعاء العام ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وغيرها.. فوض هيئة التحقيق والادعاء العام بالنيابة عن المجتمع في إقامة الدعوى الجزائية.. ومباشرتها أمام المحكمة المختصة تفويضاً مباشراً لا تعود فيه لأحد.. حيث جاء في المادة الـ16 من نظام الإجراءات الجزائية بأن تختص هيئة التحقيق والادعاء العام وفقاً لنظامها بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحكمة المختصة.. فيما نصت المادة الـ18 من النظام نفسه، على أنه لا يجوز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراءات التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو من ينوب عنه أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة إلا إذا رأت هيئة التحقيق والادعاء العام مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق في هذه الجرائم.

تساؤلات

وأضاف الشمري قائلاً: أمام جميع تلك النصوص الواقعة ضمن الاختصاص الصريح للهيئة في تحريك الدعوى الجزائية العامة ضد هؤلاء الشاتمين والقاذفين غيرهم ظلماً وبهتاناً.. من حقنا أن نتساءل.. ألا ترى الهيئة أن وصف مسؤولات في الدولة بأوصاف غير لائقة ومهينة وجارحة يستحق رفع دعوى جزائية عامة استناداً إلى المصلحة العامة؟!.. ألا ترى الهيئة أن جرائم القدح والقذف والذم متى ارتكبت علناً ضد شخصيات عامة تحملت عبء المسؤولية نزولاً عند رغبة ولي الأمر واعتزازاً بثقته.. ألا تراها تستحق رفع دعوى جزائية عامة استناداً إلى المصلحة العامة؟!.. ألا ترى الهيئة أن المساس بمؤسسات الدولة ورموزها ومسؤوليها دون وجه حق شرعي أو نظامي يعتبر هدر لهيبة الدولة وسمعة وشرف مسؤوليها.. ألا تراه جريمة تستحق رفع دعوى جزائية استناداً إلى المصلحة العامة؟!

الحجر على الناس

وأكد الشمري أنه لا يقصد في توصيته الحجر على الناس في نقد الدولة ومؤسساتها ومسؤوليها.. فيما تطبق من سياسات وتتخذ من قرارات وما تقوم به من أعمال.. فهذا حق لهم ما داموا يتأثرون سلباً أم إيجاباً بتلك السياسات والقرارات.. ومادام النقد في حدود اللياقة والأدب.. فالنقد شيء والشتيمة شيء آخر.. مبيّناً أنه تقدم بهذه التوصية لتصدر كقرار من مجلس الشورى يرفع لخادم الحرمين الشريفين بموجبه نطلب من مقامه الكريم توجيه الهيئة أو من يأمر عليها.. إذا كانت لا تتخذ قراراً في ذلك رغم وضوح صلاحياتها في هذا الجانب.. لتفعيل اختصاصاتها الواردة في عدد من الأنظمة.. ونظامها ونظام الإجراءات الجزائية على وجه الخصوص.. وخاصة ما ورد في المادة الثامنة عشر من النظام الأخير والذي يعطي الهيئة إذا رأت مصلحة عامة الحق برفع الدعوى والتحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد حتى لو لم يتقدم المجني عليهم بشكوى للجهة المختصة.

جهة الضبط

اللجنة من جانبها أوضحت أن أي شخصية اعتبارية تتعرض للقدح بإمكانها التقدم بشكوى إلى جهة الاختصاص وهي جهات الضبط الجنائي.. التي بدورها تقوم بالبحث عن مرتكب هذه الجرائم وسماع أقواله وجميع الأدلة اللازمة.. ثم تقوم بإحالتها إلى هيئة التحقيق والادعاء العام.. وبدورها تقوم بممارسة اختصاصاتها بالتحقيق وإقامة الدعوى العامة.. وبيّنت اللجنة أن ما يصدر من قذف وقدح في مطبوعات ووسائل مصرح لها كالصحف المطبوعة والإلكترونية.. فينطبق عليها نظام المطبوعات.. حيث تقوم لجنة مختصة بالبحث في المخالفات.. وإن تم ثبوت جريمة القذف والقدح.. يتم إحالتها إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لتباشر مهامها في هذا الجانب.. أما المطبوعة غير المصرح لها والأشخاص العاديين.. فيتم تطبيق المادة الثانية من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.. وقد أقر مجلس الوزراء توكيل الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في مهمة تنظيم المحتوى الإعلامي والأخلاقي بجميع وسائطه.. كما أقر تشكيل لجنة تقنين المحتوى الأخلاقي.

حرية

وقد خضعت التوصية للتصويت على ملاءمة مناقشتها..ورأى غالبية الأعضاء أهمية ذلك.. حيث استهل المداخلات العضو الدكتور مشعل السلمي مؤكداً على أهمية إقرار التوصية كونها تقدم علاج نظامي لمشكلة حقيقية يعاني منها المجتمع.. ورأى أن مؤسسات الدولة والعاملين فيها يتعرضون للشتم والقذف وهي مؤسسات معنية بخدمة المواطن.. وهذا ينال من مكانة وصدقية تلك المؤسسات والعاملين بها. وأكد الدكتور السلمي أن حرية الرأي والتعبير ليست مطلقة.. بل حرية مسؤولة ومنضبطة.. ولا تتعدى على الآخر وسبه وشتمه وقذفه.. (حريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين).

اختلال

من جانبه، رأى العضو الدكتور ناصر الداود أن السب العلني يؤثر على نظام العمل ويعطي انطباعاً عن الاختلال في بنية المجتمع.. ويؤثر على ترابطه ويسهل اختراق صفوفه من كل مغرض وحاقد.. من الداخل والخارج.. ولا بد من قيام الجهة المختصة بواجبها نحو هذه الجريمة.

حملات ممنهجة

العضو الدكتورة لطيفة الشعلان، قالت: إن المجتمع عانى منذ الثمانينيات الميلادية.. من حملات ممنهجة للشتم والقذف الذي بلغ حد التكفير.. وطال بعض الشخصيات العامة ممن كانوا يمارسون أعمالهم ومهامهم في مؤسسات الدولة.. كما طال العديد من الكتّاب والمثقفين والأدباء والفنانين.. حيث طالت تلك الحملات في ذلك الوقت حركة الحداثة الشعرية ورموزها من شعراء ونقاد.. ثم زادت وتيرة تلك الحملات في التسعينيات الميلادية.. وتزامن ذلك مع بعض المتغيرات الإقليمية والدولية.. خاصة مع الغزو العراقي للكويت والقرار السعودي باستدعاء القوات الأجنبية وصولاً إلى الحقبة الحالية التي زادت فيها وتيرة وضراوة السب والشتم والإخراج من الملة للشخصيات العامة.

بعضهم أعضاء هيئة تدريس!!

وقالت الدكتورة لطيفة الشعلان: إن الكثير من هؤلاء الشاتمين.. لا يختبئون.. ولا يخجلون مما يفعلون وبعضهم أعضاء هيئة تدريس في الجامعات من الرجال والنساء وبعضهم يدعون الوعظ والدعوة.. وبعضهم مذيعون في القنوات الأرضية والفضائية.. وكثير منهم ينخرطون في مؤسسات الدولة. ولم تتوافق الدكتورة لطيفة الشعلان مع القول بأن تحريك الدعوى ليست مسؤولية هيئة التحقيق والادعاء العام.. ولكنها مسؤولية الفرد المتضرر.. إذ إن الواقع المشاهد لا يدلل على الفصل في دعاوى المتقدمين من المتضررين بالشتم والقذف.

يتعرضون للشتم لمهامهم

ومضت الدكتورة لطيفة الشعلان في القول: إن الأشخاص الذين يتعرضون للشتم والقذف لا يتعرضون لذلك لشخصهم.. وإنما لشخصياتهم الاعتبارية ولأنهم يمارسون أعمالهم ومهامهم الموكلة لهم رسمياً.. فلو كانوا في بيوتهم أو يمارسون أعمالهم الخاصة لما طالهم شيء من ذلك.. فنحن ليس أمام قضية فرد أمام آخر.. أو قضايا شتم وتكفير فردي.. فهذه الشتائم الممنهجة للأفراد لها طابع مذهبي وأسري وقبائلي ومناطقي.. فضلاً عن الاعتداء على هيبة الدولة.

استهداف الإصلاح

وأكدت الدكتورة لطيفة الشعلان إننا أمام حالة شائكة.. تستهدف الشخصيات العامة لمشاريع التنمية والإصلاح ومشروع الملك عبدالله للإصلاح على وجه خاص.. ومجموعة وتيارات تستهدف مشروعات الدولة الحديثة.. وبتكفيرها وشتمها الذي يطال الشخصيات العامة وخلفياتها القبائلية والمناطقية والمذهبية.. إنما هم يستهدفون السلم الاجتماعي والأمن الوطني في نهاية الأمر.. ومن الشواهد المعروفة في الدول العربية الأخرى أن الشتم والتكفير للشخصيات العامة إذا تُرك كان بوابة أولى للعنف المادي الذي وقع لاحقاً على الأشخاص.. وتمثل ذلك في حالات تصفية واغتيال أخلت بالأمن الوطني.

انتقائية

العضو الدكتور فهاد العنزي عارض التوصية.. إذ رأى إمكانية قانونية في إسناد رفع الدعوى الجزائية ضد السب والشتم للهيئة.. إلا أنها من الناحية العملية قد تؤدي إلى نتائج عكسية.. منها انتقائية في رفع الدعاوى من قِبل الهيئة.. وتمايز في حماية سمعة البعض دون الآخرين.. والتركيز على حماية ذوي السمعة من أعلام المجتمع من الشخصيات العامة ولا يمكن للهيئة تحقيق العدالة والمساواة في هذا الشأن بين أفراد المجتمع ممن يتعرضون للسب والشتم.. علاوة على أنه من الصعب ضبط وسائل التقنية.. فكثير من الأسماء الوهمية ستنشأ حينما تكون هناك مساءلة قانونية مع عدم وجود آلية ضبط للتقنية.. كما أن هناك أبحاثا ودراسات أثبتت أن 80% ممن يتبنون السب والشتم هي خارج المملكة وبأسماء وهمية.. وفي هذه الحالة هناك صعوبة من ضبط هذا الأمر.. ودعا إلى عدم التمييز بين سمعة الناس.. والحماية يجب أن تكون سواء لا انتقائية. وبعد إخضاع التوصية للتوصيت أيدها 80 عضواً ورفضها 42 عضواً.

قواعد

من جانب آخر، تقدم الدكتور حسام العنقري بتوصية إضافية دعا فيها هيئة التحقيق والادعاء العام بوضع قواعد يتم الاستناد إليها في إسناد الأعمال للأعضاء.. ورأى ضرورة إيجاد تلك القواعد لمراعاة التفاوت بين المحققين من ناحية الكفاءة والقدرة والخبرة.. وذلك لتدعيم حسن اختيار المحققين للقضايا المختلفة.. وتفادياً لما قد يترتب من آثار ونتائج سلبية جسيمة في حال قيام شاب لا يتجاوز عمره الـ25 عاماً وبخبرة عمل محدودة جداً بتولي مهام التحقيق في قضية قتل أو مخدرات أو هتك عرض.. أو غيرها من القضايا الكبيرة المتشعبة الأطراف.. والتي تتطلب وجود محقق لديه مستوى متقدم من الحكمة والخبرة.

خبرات متفاوتة

العضو الدكتور ناصر الشمراني أيد التوصية خاصة، وأنها تطالب الهيئة الاستناد إلى قواعد مكتوبة ومعلومة في توزيع العمل على المحققين؛ فهي تباشر اختصاصات متعددة.. فهي حجر الزاوية في العمل الجنائي.. وخبرات المحققين متفاوتة.. فيجب أن يكون هناك قواعد معينة لدى تحويل القضايا للمحققين.. استناداً على الخبرة والتخصص.

اختلاف اللهجات

من جانبها، قالت العضو الدكتورة فاطمة القرني: إن التوصية كفيلة بحماية أعضاء الهيئة لأنفسهم.. فالجميع يعلم أن بعض المحققين يتعرضون للتهديد والابتزاز في بعض القضايا.. وتطرقت الدكتورة فاطمة القرني إلى أهمية النظر في هذا الجانب إلى مسألة اختلاف اللهجات في مختلف مناطق المملكة.. فعلى سبيل المثال (اللعن).. على فظاعتها.. قد تكون كلمة تودد.. وباحتكامنا للفصحى يجرم قائلها.. وما يقال في نجد تكون له دلالة مغايرة في الجنوب على سبيل المثال.

خلط

العضو الدكتور عيسى الغيث رأى أهمية التوصية مطالباً بإقرارها.. واستشهد بتقديم قضية سرقة (كفر) سيارة يتم إحالتها إلى محقق في الدرجة الأولى.. إضافة إلى تقديم قضية سرقة منزل من قبل متهم عليه بلاغات كثيرة.. فهل من المعقول إحالة القضية إلى محقق ذي خبرة سنة أو سنتين؟!

وقال الدكتور الغيث: إن هناك خلطاً في هذه المسائل لدى الهيئة.. فقضية صغيرة تحال إلى محقق لديه خبرة 15 - 20 سنة.. في حين أكثر من 20 قضية تجاه متهم واحد.. تحال قضية لمحقق بخبرة متدنية.

خبرة

وطالب بإيجاد قواعد تضع فئات لأنواع القضايا التي يتم التحقيق فيها وتسند للمحققين.. فهناك قضايا تحال إلى المحاكم تتضمن الكثير من الأدلة التي يمكن المحقق أن يستدل عليها.. ولكن لصغر سنه وقلة خبرته تفوت عليه.. سيما وأن كبار المجرمين لديهم حيل كبيرة جداً.. فلا يستطيع مواجهتها إلا من كان لديه خبرة وممارسة على هذا النحو.. كذلك كثرة القضايا المحالة للمحققين تجعلهم يستعجلون في إنهائها دون الحد الأدنى من الأدلة.

ضعف

ورأى أن تفشي الجريمة يعود لعدة أسباب منها ضعف التحقيق وجمع الأدلة.. ولعل سائل يتساءل عن عدم إصدار القضاء أحكاماً قوية.. والسبب لأن التحقيق ضعيف والأدلة ضعيفة والإدعاء ضعيف أيضاً.. وفي الأصل يجب على القاضي ألا يدخل في جميع الأدلة التي نقصت على قرار الاتهام من المحقق أو الادعاء.. ومع ذلك ومن باب المصلحة العامة يضطر القاضي إلى كثير من الأمور.. في حين إن حضر المحامي للمدعى عليه فإنه يجد الكثير من الثغرات لضغف المحققين والمدعين العامين.. وقد أيّد التوصية 89 عضواً ورفضها 29 آخرين.

تخصصي العيون

وفي شأن آخر، استمع المجلس لوجهة نظر لجنة الشؤون الصحية والبيئة، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون للعام المالي 1433/ 1434هـ، حيث طالب المجلس مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بتضمين مؤشرات قياس الأداء الإداري والإكلينيكي تأسيساً على الخطة الإستراتيجية للمستشفى ومقارنتها بالمؤشرات العالمية في تقاريرها السنوية، وبتوضيح مدى التطور في تحسين خدمات المواعيد وتقليل قوائم الانتظار وخطة منع تضخمها بالتفصيل في تقريرها القادم. وتضمن قرار المجلس مطالبة المستشفى بتطوير برامج تدريبية تخصصية لكادر التمريض والتخصصات الفنية الأخرى بالتنسيق مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، ومتابعة بنود الاتفاقية الدولية التي عقدها المستشفى مع جامعة جونز هوبكنز وتقييم مخرجاتها والمكتسبات المتحققة منها وتضمين ذلك في التقارير السنوية، إضافة إلى التأكيد على دعم توجهات السعودة وتطوير وتحفيز الكوادر الوطنية المؤهلة في مستشفى الملك خالد للعيون.

موضوعات أخرى