(استقبلوهم كأنكم تستقبلونني). هذه وصية الملك - أطال الله في عمره - في آخر لقاء له مخاطباً كل مسؤول!! تذكرتُ حينها لحظات الانتظار الطويلة التي يقضيها المواطنون أمام تلك الأبواب دون جدوى!! وتخيلت أن المعاناة قد انتهت، وأن الأبواب قريباً سوف تُفتح، وفي المستقبل ستكون تلك المعاناة ذكرى، ومع الأيام القادمة سوف تُنسى، وأن احتياجات المواطن ستُلبَّى.. ولكن عندما رأيت حال بعضهم!! تذكرت أبياتاً للشاعر عمر أبو ريشة من قصيدة بعنوان (رب وامعتصماه)، التي يقول فيها:
لامست أسماعهم لكنها
لم تلامس نخوة المعتصمِ!!
بل تعجبت جداً عندما قرأت قبل أشهر التقرير الذي رفعه معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) لمعالي رئيس مجلس الشورى، وفيه يقول إن بعض المسؤولين لا يتجاوبون مع الهيئة!! وكأن الأمل الذي أحيا القلوب، وأعاد لها الحياة!! رافقه سيف اليأس وقتله.
أين هذه الوصية من تلك الأبواب المعلقة بين السماء والأرض؟؟ التي لا يستطيع الوصول إليها إلا من له أجنحة!!
أما من تكسرت أجنحته، وقلَّت حيلته، فيكفيه النظر إليها من بعيد، وكأنه في متحف أو منجم ذهب.. يرى الأشياء، لكن لا يستطيع لمسها!! الشكاوى لا تصل، والمشاكل لا تُحل، أو تهمش، وتبقى سجينة الأدراج!! ولا تُكتشف إلا بعد أن تُباع تلك الأدراج على الأثاث المستعمل!! كما حصل قبل فترة مع ملفات خريجات الكليات المتوسطة، التي تم تقديمها قبل عشرين سنة من تاريخ اكتشافها في حائل!!
أنا هنا أخاطب كل مسؤول أغلق بابه في وجه المواطن وأهمله!! أذكره بهذه الأبيات؛ لعل ضميره النائم يصحو، ويدرك ما فات، ويحيي ما مات:
لا تظلمنّ إذا ما كنت مقتدراً
فَالظُلْمُ مَرْتَعُه يُفْضِي إلى النّدَمِ
تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ
يدعو عليك!! وعين الله لم تنمِ
أيضاً لا بد أن أشكر كل من رعى المسؤولية الموكلة إليه، وعمل بها بمعناها الحقيقي (تكليف وليست تشريفاً)، وأدى الأمانة بإخلاص واضعاً الخوف من الله نصب عينيه، واقتدى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أولاً، ثم بوصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه.