يستحق الموظف إجازة مرضية، لا تتجاوز السنتين في مدى أربع سنوات، بحيث تكون ستة أشهر براتب كامل، وستة أشهر بنصف الراتب، وستة أشهر بربع الراتب، وستة أشهر بدون راتب. فإن كان المرض خطيراً تكون الإجازة سنة براتب كامل، وثلاثة أشهر بنصف الراتب، وثلاثة أشهر بربع الراتب، وستة أشهر بدون راتب. أما إذا كانت الإصابة أو المرض بسبب العمل فتكون الإجازة سنه ونصف السنة براتب كامل، وسنة ونصف السنة بنصف الراتب. وتبدأ الإجازة من تاريخ انقطاع الموظف عن العمل.
ونلاحظ هنا أن هذه الإجازة في شكلها العام ليست منصفة؛ ذلك أنها تعاقب الموظف على مرضه، وكأنه تعمد الإصابة به، وأن المرض ليس قضاءً وقدراً، أُصيب به بدون أن يكون له يد في ذلك، فيقضي معظم إجازته محسوماً من مرتبه، بل إنه في ربعها الأخير يُقطع عنه مرتبه بالكلية. وهنا يبرز التساؤل الكبير: كيف سيعيش الموظف بنصف راتب، ثم بربع راتب، ثم حين يشتد عليه المرض يتم إجباره على العيش بدون راتب، وربما كان هذا الراتب هو الدخل الوحيد له ولأسرته؟ فأي قسوة هذه التي يتم فيها الجمع بين ألم المرض ومتاعبه وألم الفاقة؟!
هذا الموظف قبل مرضه كان شخصاً قادراً على التكسب من وظيفته (المرتب)، ومن غير وظيفته في الأمور التي يجوز للموظف التكسب منها، لكن بعد مرضه ستجتمع عليه معاناته من مرضه، وعدم وجود دخل؛ ما سيؤدي قطعاً إلى انهيار حالته الصحية والنفسية، وكل هذا بسبب عارض ليس له يد فيه على الإطلاق.
ولعله تجدر الإشارة إلى أن أحد التشريعات العربية راعى هذا الجانب الإنساني، فراعى سِن المريض، فقلل من نسبة الخصم إذا كان قد تجاوز الخمسين عاماً، كما أنه أجاز للجهة المختصة منح المريض - أياً كانت سنه - إجازة بمرتب كامل، وزيادة مدد الإجازة دون تحديد، بل إنه إذا كان الموظف مريضاً بأحد الأمراض المزمنة فإنه يستحق إجازة بمرتب كامل دون تحديد المدة إلى أن يُشفى، أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته، أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً. وفي هذه الحالة الأخيرة يظل في إجازة مرضية بأجر كامل، حتى بلوغه سن الإحالة على المعاش.
وحتى لو كانت الإجازة المرضية لدينا أفضل من بعض الدول - وهي كذلك فعلاً - فهنا مملكة الإنسانية التي تتوافر فيها - بحمد الله - الميزانية الضخمة، التي لعله يحسن معها دراسة تحسين هذه الإجازة؛ لتكون على الأقل بكامل مدتها بمرتب كامل، بحيث تراعي الجانب الإنساني للموظف الذي كان يخدم بلاده بكل إخلاص وأمانة قبل أن يُقعده المرض.
نسأل الله الشفاء لمرضى المسلمين كافة.