ربما كان أبرز عناوين الأسبوع الماضي: جامعة الملك سعود تعجز عن إسعاف طالبة. رغم خبراتها عجزت عن التعامل مع مواقف طارئة قد تقود، بل قادت إلى وفاة، كما حدث في وفاة إحدى طالباتها الأسبوع الماضي. طبعاً لا نقول إنّ الوفاة سببها قصور في الجامعة ونحن لا نملك التفاصيل للحكم في هذا الموضوع، ولكن نقول إنّ المشكلة تكمن في مواجهة الموقف بفاعلية عبر خطط يفترض أنها موجودة للتعامل مع مثل هذه الحالة من حالات الطوارئ.
حسب بيان الجامعة؛ أحضروا الممرضات ثم انتظروا الدكتورة وجاء الإسعاف إلى آخر الديباجة، فهل يعقل أن يكون التعامل مع مثل هذه الحالات، هو فقط تواجد طبيب أو طبيبة وهل تستطيع إيجاد طبيب بكل كلية وكل جزء من الجامعة؟
أبسط حل أراه للتعامل مع هذه الحالات هو إيجاد أجهزة إنعاش وإسعافات أولية وتدريب موظفي المؤسسة عليها. أجهزة الإنعاش القلبي (Automated External Defibrillators) أو ما يُعرف اختصاراً AED أصبح منها نماذج سهلة الاستخدام ومتنقلة، بل إنّ بعض الدول أصبحت تفرض وجودها في جميع الأماكن العامة وتلك التي يتجمّع فيها الناس كالمدارس والأسواق. مثلها مثل وسائل مكافحة الحريق المتمثلة في الطفايات وخراطيم المياه. عندها يمكن تدريب عشر أو عشرين من موظفات كل كلية على الإسعافات الأولية، قبل أن يتم تدريب مجموعات أكبر. وإعادة تكرار التدريب بشكل سنوي. إنها آلية بسيطة - لاحظتها تطبّق بالملحقية الثقافية بكندا - وتنطبق على التدرُّب على الإسعافات الأولية والإطفاء وغيرها من وسائل السلامة. طبعاً مع وجود العامل الأهم المتمثل في تهيئة البنية المناسبة للسلامة والإنقاذ الصحي وغير الصحي ...
أذكر أنّ موضوع السلامة في الجامعات حظي باهتمام كبير قبل فترة وشكّلت له لجان عليا، ونتمنى على تلك اللجان النظر في الحلول البسيطة قبل المعقدة، ووضع خطوات عملية تساعد الجامعات في هذا الشأن. أيضاً أذكر - وسبق أن أشرت إلى ذلك - أنّ جامعة دار الحكمة أحضرت مدربين محترفين لتدريب طالباتها على وسائل الإنقاذ والإطفاء، وأشدنا بتلك الخطوة التي لم تتكرر في الجامعات السعودية الأخرى. وربما لم تتكرر حتى في دار الحكمة التي يفترض أن تجعلها دورات سنوية.
هناك عمادات تطوير أعضاء هيئة التدريس وهناك أقسام السلامة، ونذكرهم بأنّ التطوير ليس فقط في طرق التدريس والقيادة، بل يشمل الأساسيات كالتدريب على وسائل السلامة والصحة واللياقة والإسعافات الأولية، فلمَ لا يبادر بعقد دورات للجميع بما فيهم أعضاء هيئة التدريس والمعيدون والمحاضرون في موضوع السلامة العامة والإنقاذ، والتعامل مع الأخطار المختلفة والمحتملة. أذكر أنه لم يسمح لي بالبدء بإجراءات بحثي بمعامل الجامعة الأجنبية، قبل اجتياز دورة في التعامل مع المخاطر الكيماوية وغير الكيماوية. لم أكن متخصصاً في المختبرات، لكنها قاعدة تطبّق على جميع من يستخدم معامل الجامعة.
المؤسسات الكبرى مثل مستشفيات التخصصي والحرس كانت تفرض علينا ضمن برنامج التهيئة للموظف الجديد، اجتياز برنامج تعريفي بالإنقاذ والسلامة ونظمها بالمستشفى والتعامل مع وسائل الإنقاذ، وتكرر علينا الدورة/ التعليمات كلٌّ بقسمه بشكل دوري وإجباري من قِبل إدارة السلامة.
يلاحظ أنني أشرت إلى نماذج بسيطة ومطبّقة لدى جهات أخرى، فلماذا لا تتعلم الجامعة من الآخرين محلياً وخارجياً في هذا الشأن؟
وفاة طالبة بالجامعة لا يجب أن ينتهي بإصدار تعليق إعلامي، بل يجب أن يستفاد منه في تطوير نظام أو منظومة عملية وتطبيقية للسلامة والإنقاذ والإسعاف.