القاهرة - حوار - سجى عارف:
تشارك المملكة العربية السعودية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ45، وذلك عبر 18 جهة حكومية و49 جهة خاصة، تعرض أحدث إصداراتها وأبحاثها عبر الجناح السعودي.
وقد التقت (الجزيرة) المشرف العام على مشاركة المملكة بالمعرض الدكتور خالد بن محمد الوهيبي الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين بمصر؛ وذلك للوقوف على ما تم تقديمه للجهات المشاركة، والجديد في الجناح السعودي خلال هذا العام:
* بداية حدثنا عن الجهات المشاركة من المملكة (حكومية وخاصة)، هل ازداد عددها عن ذي قبل؟ وما أسباب هذه الزيادة؟
- أولاً بالنسبة لدور النشر، سواء كانت خاصة أو حكومية، زاد عددها؛ إذ تم الاتفاق هذا العام بين الملحقية الثقافية والوزارة، وتحديداً الإدارة المسؤولة عن المعارض، واتفقنا على أن نستوعب أكبر عدد ممكن من الدوائر الحكومية من المشاركين في المعرض، فاتفقنا على أن يكون التوزيع بالتساوي (25) متراً مربعاً لكل جهة، مع أن هناك جهات لديها عروض كثيرة وكبيرة، لكننا اكتشفنا أن العرض يتكرر كل عام؛ وبالتالي هم يحضرون الكتب القديمة مرة أخرى في محاولة لبيعها، ومع توافر هذه المساحة سيضطرون لإحضار الإصدارات الجديدة التي لم تُعرض من قبل. هذه من ناحية، والأمر الثاني أن العام الماضي كان هناك في قائمة الاحتياطي أكثر من سبعة عشر ناشراً، لم يتم استيعابهم، ومع ذلك هذا العام هناك أكثر من سبعة أو ثمانية ناشرين لم يتم استيعابهم فقط، بالرغم من هذه المساحة، مع أن بعض الدور شاركت في ثاني يوم، وقد سمحنا لهم، رغم أن هناك وقتاً محدداً للتقديم والمشاركة، لكننا رأينا أن ندخل الاحتياطي. والمشكلة تكمن في بعض الجامعات والدور الحكومية المشاركة، التي نعتب عليها عدم إرسال مندوبيها، وعدم المشاركة، وترك أجنحتها فارغة، بالرغم من أننا طلبنا منهم المشاركة، لكننا نقول إن ازدياد العدد أفضل من العام الماضي بكثير.
* هل توجد معوقات واجهتكم هذا العام أثناء إقامة هذا الجناح؟
- بالعكس، هذا العام لم نجد معوقات؛ إذ بدأنا في الحقيقة، والشكر بعد الله تعالى يعود للإخوة في الهيئة العامة للكتاب وأرض المعارض؛ لأنهم سلمونا الجناح مشكورين قبل الناس بنحو أربعة أو خمسة أيام؛ وبالتالي بدأنا إنشاء الخيمة والجناح تحديداً، لدرجة أننا قد سمحنا للعارضين بالدخول قبيل الافتتاح بثلاثة أيام، وليس كالعادة. لكن المشكلة التي وواجهتنا فقط هي عدم التزام بعض مندوبي الجهات الحكومية والجهات الخاصة بالحضور بأنفسهم؛ فهم يوكلون مندوبين عنهم من داخل مصر للبقاء في هذه الأماكن؛ وبالتالي المندوب الذي يشرف على جناح الجامعة لا يستطيع أن يعرف كتب الجامعة؛ فهو لا يعرفها؛ وبالتالي يجلس فقط لحماية المكان، وليس للتعريف بالكتاب، وهذه من الأشياء التي نعتب على بعض الدور الحكومية فيها.
* من خلال تفقدك لأرجاء الجناح، كيف ترى الإقبال على الجناح؟ وما يجتذب ويشد انتباه الزوار في الجناح السعودي؟
- أكثر العروض التي شدت انتباه الجميع هي الإقبال الشديد على الكتب الشرعية المؤلفة والمطبوعة في المملكة العربية السعودية؛ لأسباب، منها: أولاً: معرفة مصادر هذه الكتب، وثانياً: أن الكتاب الإسلامي الناتج من المملكة العربية السعودية مبني على الدليل من القرآن والسنة، وعلى الوسطية؛ وبالتالي تجد الإقبال عليه بشكل كبير جداً. النقطة الثانية هي التزام كثير من الدور بتوزيع الكتب الخاصة بهم أو بدور النشر المسموح لهم بالنشر بها. أيضاً تنوُّع بعض المكتبات النوعية التي تتلاءم في الحقيقة بشكلها العام، إلا أنها حاولت أن تدخل في الجناح السعودي، ودخلت وهي تبيع كتباً تقنية وعلمية. وأيضاً وجود الكتب المتخصصة في إحدى الدور الموجودة هنا، مثل كتب الاقتصاد والقانون، وهي كتب متخصصة فعلاً، وأي طالب يريد كتباً متخصصة سيجدها في الجناح السعودي.
* هل تعتقد أن الكتب الدينية الأكثر جاذبية لرواد الجناح، أكثر من مثيلاتها من الكتب الأخرى؟
- نعم، فأكثر الكتب جاذبية للجمهور هي الكتب الدينية السعودية، خاصة من دول المغرب العربي وشمال إفريقيا.
* الجماهير المثقفة اعتادت على الاحتفاليات الثقافية من ندوات وأمسيات ثقافية في الجناح السعودي، لماذا أُرجئت هذا العام؟
- أُرجئت هذا العام؛ فلا يخفى على أحد الوضع العام، فحتى الجناح الرئيسي بمركز الاستثمار لا توجد به مشاركات كبرى كالعادة؛ فلا توجد فيه مشاركات ثقافية كبرى كالعام الماضي، والدعوة جاءتنا على استحياء؛ وبالتالي رأينا إرجاءها هذا العام، ولعل العام القادم يكون الوضع أفضل بإذن الله.
* هل تعتقد أن الحالة الأمنية في مصر تؤثر في الإقبال الجماهيري على الجناح؟
- نعم، من الواضح أن الحالة الأمنية كانت سبباً في ذلك، وهذا ما نسمعه من الناس، وأنا أتحدث عن المعرض بشكل عام. وبالنسبة للجناح السعودي، لم ألحظ قلة في عدد الزوار، وإن كانت أقل من العام الماضي.
* هل وزارة التعليم العالي أوقفت الدراسة لجميع الطلاب بمصر؟ وما أسباب ذلك مع أن الدراسة في سوريا مستمرة بالرغم من الحالة الأمنية الأشد خطراً هناك؟
- لا أدري شيئاً عن الدراسة في سوريا، لكن لدينا من الممكن أن تكون هناك إعادة تقييم للوضع العام للطلاب الخريجين والجامعات، ثم لا يخفى على أحد - وبشكل عام - أن الجامعات السعودية وصلت بالأمور الأكاديمية إلى درجة كبيرة؛ فقد صُنفت أربع أو خمس جامعات من الجامعات السعودية من ضمن ثلاثمائة جامعة على مستوى العالم، لكن جهة الإيقاف وإعادة النظر والدراسة هذه لا تعود لنا في الملحقية الثقافية السعودية؛ فنحن جهة تنفيذية، لا نعلم إن كان هناك إيقاف، ولكن مع ذلك فالمتقدمون نحو (300) طالب أو (340) طالباً سعودياً، يقدمون للدراسة هذا العام ضمن الوافدين.
* العلاقات السعودية المصرية وثيقة وعريقة في المستويات كافة، فما طموحكم لتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدَيْن؟
- أقوى علاقة تمر بين البلدين أظنها في هذه الفترة؛ فهي علاقات قوية جداً. أما من الناحية الثقافية فأنا أتصور أن يكون هناك زيارات متبادلة، تتبناها وزارة الثقافة والإعلام في المملكة؛ فهي المسؤولة عن هذا الجانب لتعريف الجانب المصري بحضارتنا، وكيف يتعامل المواطن المصري مع المواطن السعودي، والعكس أيضاً. وهكذا، من خلال إقامة برامج جديدة، إضافة إلى البرامج الثقافية الأخرى، مثل الندوات والمحاضرات التي تثري العلاقات بين البلدين. هذا من جانب، أما الشق الآخر فعن طريق الجامعات والتبادل المعرفي بينهما. أيضاً أرى أن الجامعات المصرية عليها واجب أن تخاطب الجامعات السعودية لإقامة ندوات ومؤتمرات للمشاركة بأساتذة باحثين، والعكس صحيح. كما أحب أن أضيف بأن هذا العام تمت زيادة المساحة لنا (25) متراً في جناح الاستثمار، وهذا نابع من الحب الحقيقي المتبادل بين مصر والمملكة العربية السعودية، الذي زاد في الآونة الأخيرة بفضل الله تعالى ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين والوقفات الصريحة الواضحة مع مصر التي انعكست بشكل إيجابي في هذه العلاقة.
* وكيف ترى دعم خادم الحرمين الشريفين لمصر في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها؟
- تكفي كلمات خادم الحرمين الشريفين في كل مرة يقولها، التي تمثل تأكيده لوقوفه مع مصر في الأحداث الأخيرة، وكيف أن خادم الحرمين الشريفين كلماته واضحة، وتكررت في أكثر من موقف صريح لدعم مصر.
* وماذا عن دعمه - حفظه الله - للثقافة بشكل عام؟
- خادم الحرمين الشريفين - أطال الله في عمره - دائماً يقول: «يداي مفتوحتان»؛ فلا يدخر جهداً لدعم الجميع، فما من أحد طلب دعماً لإقامة مؤتمرات أو ندوات ولقاءات.. إلى آخره، إلا ووافق عليها؛ لأنه يرى أن المصلحة في إقامة مثل هذه البرامج والمؤتمرات واللقاءات.
* كيف ترى حالة الثقافة والمثقف السعودي في معرض الكتاب بمصر؟ وإلى أين وصلت؟
- عندما يأتي بعض الكتاب السعوديين ويوقعون كتبهم في مصر فمعنى ذلك أن الكاتب السعودي وصل. فالعام الماضي كانت هناك مشاركات كثيرة في بعض الندوات للإخوة السعوديين، وكان أكثر الحضور من المصريين، وأكثر المداخلات كانت منهم، بل إن إحدى الندوات تحدثت عن العلاقات السعودية - المصرية؛ وبالتالي الكاتب السعودي وصل إلى مرحلة - حسب ظني - أنه أصبح معروفاً، سواء كان روائياً أو شاعراً أو كاتباً، إلى آخره من التخصصات العامة، ووصل إلى درجة أنه أصبح معروفاً سواء على مستوى الجامعات أو المؤتمرات. فلو أتينا إلى الجمعيات مثل جمعية التاريخ أو مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنجد أسماء سعودية لامعة معروفة.
* كيف تجد تطور المكتبات العامة في المملكة؟ وهل تعتقد أنها تخدم جميع شرائح المجتمع؟
- المكتبات العامة تقريباً لدينا شبه محصورة حالياً في الجامعات لكثرتها؛ وبالتالي الجامعات فيها من الكتب - ولله الحمد - ما يغني الطالب أن يذهب إلى مكان آخر أو إلى جامعة أخرى. فالدعم السخي من لدن خادم الحرمين الشريفين للجامعات جعلها تدعم مثل هذه المكتبات، وآخر مكتبة لدينا حالياً هي المكتبة الإلكترونية، التي تستطيع الجامعات كلها دون استثناء أن يدخل طلابها الباحثون بالماجستير والدكتوراه؛ ليبحثوا عن الكتب، ويطلبوها عن طريق المكتبة الإلكترونية إعارة، وتأتي إليهم. أيضاً يستطيعون الطباعة وتصوير أجزاء معينة حسب نظام هذه المكتبات. وجميع الجامعات السعودية تشترك في هذه المكتبة الإلكترونية، ناهيك عن أن لكل جامعة من الجامعات السعودية مكتبة، ولا تقوم جامعة إلا وينشأ معها مبنى خاص للمكتبة، وتأمين خاص للكتب.
* هل ترى أن الكتاب الورقي ما زال له تأثيره بالرغم من التطوُّر التكنولوجي والتقني الآن؟
- أقول دائماً إن الكتاب مثل الأكل والشرب، وبصراحة لا يمكن أن يُستغنى عن الكتاب الورقي مهما كان، وإن كان بعض طلابنا السعوديين في أوروبا وأمريكا بدأت أعرف منهم الآن أن الكتاب أصبح إلكترونياً، فهو يُقرأ ويُتصفح إلكترونياً، ولا نستطيع تسميته إلكترونياً، لكن مع ذلك أقول إن الكتاب الورقي مثل الذات، لا يمكن أن يستغني أحد عنه؛ والدليل الآلاف الذين نراهم في المعرض لشراء الكتاب الورقي؛ فالناس ما زالوا يرغبون في الكتاب الورقي.
* لماذا يحرص الجناح السعودي على توزيع هدايا تذكارية على رواده؟
- أهم الأسباب أنها ذكرى تعلق في أذهان الجمهور، وهناك كتب توزع وهي ليست من الملحقية الثقافية؛ حتى نعيد الفضل لأصحابه، فكلها من وزارة التعليم العالي ومن بعض الجامعات التي تطلب أن نوزع بعض مطبوعاتها، وأيضاً من وزارة الشؤون الإسلامية التي زودتنا بمجموعة كبيرة من الكتب التي بها التوجيه الصحيح وما يعانيه العالم الآن من هذا الفكر السيئ لتصحيح هذا الفكر، ونوزع تقريباً نحو (100) شنطة تقريباً يومياً.
* هناك الكثير من الزائرين من الجمهوريات والدول الإسلامية غير العربية، يطلبون نسخاً من القرآن المترجمة معانيه إلى لغاتهم، فما سبل الاستعداد؟
- هذه تعود إلى مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وهم لديهم ترجمات، لكنهم لا يوزعون إلا المصحف المقروء باللغة العربية، وربما نطلب منهم - بإذن الله - بعض الكتب المترجمة، وهذه فكرة سندخلها ضمن التطوير الذي سيشمل الجناح بإذن الله.
* كلمة أخيرة يوجهها د. خالد الوهيبي؟
- أتوجه بالشكر لله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله؛ فالشكر لوزارة التعليم العالي، وعلى رأسها معالي الوزير؛ لدعمه اللا محدود، وأيضاً نائب وزير التعليم العالي، ومَن ساهم في إنجاح هذا المعرض كافة، ثم أشكر بشكل خاص فريق العمل المتكامل، بداية من المشرف الأستاذ عبد الله الرحمة مروراً بجميع الإخوة الإداريين السعوديين، سواء مشاري الطرباق وعبدالله إبراهيم الراشد وناصر الحسيني والإخوان المشاركون معنا في المعرض، وكل من ساهم سواء في تركيب هذه الخيمة أو الديكورات أو الاستعداد الورقي أو الإلكترونيات .. أقدِّم شكري للجميع؛ فهم عملوا كفريق من النحل، يعمل لهدف واحد، هو خدمة الملحقية الثقافية التي هي مرآة للمملكة العربية السعودية.