Saturday 08/02/2014 Issue 15108 السبت 08 ربيع الثاني 1435 العدد
08-02-2014

تقدير غربي لمبتعث

قال له مسؤول بالجامعة التي يتلقى بها تعليمه مبتعثاً ضمن آلاف المبتعثين من الشباب السعودي في ظل مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وتطوير التعليم؛ قال: (إنك تقدم صورة زاهية ونموذجاً راقياً لشباب بلدك وأتمنى لك التوفيق)، وحاز أكثر من شهادة تقدير من الجامعة والملحقية، هذا الشاب الدارس بالخارج يملك خصالاً وقدرات عالية من المثابرة والصبر والاحتكام للواقع، ويرى أنه هو بنفسه الذي يطوّع الظروف ويتعامل معها بحكمة ولا يجعلها تتحكم به وتثبّط عزائمه، ويؤمن بأن تنظيم الوقت وضبط المواعيد وأطْر النفس والجسد على تحمل المشاق والعناء هو برنامج لا يمكن أن يخسر معه إنسان، وهو ينهل هذه المفاهيم من تعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على الصدق في القول والعمل والنوايا مع النفس والآخرين، كما يحث على احترام الغير في التعامل والتعاطي مع سبل العيش ومقومات الحياة العادلة الراقية، منذ صغره يهتم بمظهره وطريقة كلامه وتخاطبه وحواره مع الآخر أستاذاً كان أو زميلاً كاهتمامه وحرصه على ضبط مواعيده والالتزام بالقواعد والنظم العامة، لم يكن والده ووالدته أو احد أفراد الأسرة بحاجة ليوقظه من نومه لصلاة الجمعة أو التوجه للمدرسة أو الجامعة أو حتى تذكيره بموعد مناسبة أو زيارة، هو هكذا - ما شاء الله - تبارك رب منحه وأعطاه هذه الميزات الراقية في التهذيب الذاتي وعلو الهمة، وعلمت أنه في بعثته هذه لم تفته أول صلاة جمعة في المدينة التي يدرس بها، بحث عن المسجد والمكتبة كما سأل عن المطعم والسينما والسوبر ماركت ومحل الحلاقة، الأمور عنده لا تخضع للغلو لكنها لا يمكن أن تنفلت إلى الاقتراب من احتساء البيرة أو ارتياد غرف الأضواء الخافتة، فهذه ضمن قوائم تَمُجّها ذائقته السليمة وعقليته الناضجة ونفسه السامية المرتفعة عن الصغائر، فلا تستهويه وتجتذبه سفاسف ليست له ولا يرتضيها (لقلة) من زملاء مبتعثين يؤلمه أن يشاهدهم يتلذذون بارتشاف البيرة أو تجرع الكحوليات وممارسة عادات ضارة بالصحة والعقل ومذهبة للمروءة ومُضِيعة للوقت الثمين الذي جاءوا لاستثماره، والنهل من العلم والتزوّد بثقافات القوم العالية وعاداتهم الراقية وطرح ما دون ذلك مما لا يتفق مع ديننا وثقافتنا، يتحدث بألم وحسرة عن (بعض) شباب مبتعثين يسهرون إلى قرب الفجر لا ينامون إلا بعد هجوم كاسح على (الكبسة) التي صنعوها على أنغام الألحان العربية التي تتصاعد أصواتها كلما انصرفت ساعاالليل، ثم النوم والحضور للجامعة بعد فوات الوقت المحدد وبذهن شارد وجسم متهالك ونفسية لا تُحتمل، والغياب وارد أحياناً، كيف سيتعلم هؤلاء؟! ذلكم ما يؤكده هذا الشاب النموذج ويجيب على السؤال بقوله: إنهم منذ وصولهم وهم لازالوا يمارسون عادات لا مكان لها مع مهمة الاغتراب والانصراف لطلب العلم (حب خشوم وعزائم وكبسات) وكأنهم في مضارب صحارى بني يعرب، وأضاف إن تحصيلهم العلمي يقترب من الصفر وعند البعض تحت الصفر، غير أنه أكد أن هؤلاء لا يمثّلون كل الشباب الوطني المبتعث، فهناك نماذج راقية واعية تقدر المهمة التي قدموا لأجلها وجعلوا نُصبَ أعينهم إرضاء الله والأهل وتحقيق مقاصد القيادة الرشيدة من ابتعاثهم لمصلحتهم ومصلحة أوطانهم.

t@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب