القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج:
اهتمت وسائل الإعلام المصرية على مدى الأيام السابقة بزيارة رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي للمملكة العربية السعودية، وأفردت صفحتها عن العلاقات القوية والمتينة بين الرياض والقاهرة، حيث قالت صحيفة الأهرام شبه الرسمية أمس: ليس كمثل المملكة العربية السعودية شقيق، وإذا كان الصديق الحق تعرفه وقت الضيق، فالمملكة خير الصديق، سواء في وقت الضيق أو في غير أوقات الضيق، إن المملكة هي المملكة، كلمة واحدة، مواقف ثابتة، سياسة خارجية تحكمها أخلاق الإسلام، والحب الجارف لمصر والمصريين هو هو لا يتغير، وكيف يتغير والدولتان ـ بما لهما من ثقل ـ هما رمانة الميزان في تلك المنطقة الملتهبة بالتغيرات والمشكلات والتحديات أضافت الصحيفة في افتتاحيتها: الببلاوي في السعودية، ما الجديد؟ هو في بلده الثاني، أخ كريم وابن أخ كريم، أهلا به ومرحبا، جاء يبحث عن استثمارات سعودية جديدة لمصر، وما الغريب؟ وهل كانت استثمارات المملكة يوما في منأى عن مصر آخر الإحصاءات تشير إلى أنها بلغت حتى الآن 5.7 مليار دولار، بما يعادل 27% من كل استثمارات الدنيا كلها في مصر، ويتحدثون عن حزمة مساعدات جديدة من المملكة للشقيقة مصر، وفيها إيه؟ وهل توقفت السعودية يوما عن مساندة مصر؟ يقولون: بل جاء يشكر جلالة الملك عبدالله وشعب السعودية على المواقف المشرفة تجاه الكنانة، لكن.. هل بين الشقيق وشقيقه شكر الواجب هو الواجب، ودائما السعودية «صاحبة واجب»، وإن نسينا نحن المصريين ما نسينا، فهل ننسى كلمات الوالد المؤسس، الملك عبدالعزيز، رحمة الله عليه، عندما أوصى أبناءه بمصر وأهل مصر؟ وهل يمكن أن ننسى الموقف التاريخي للراحل الفذ الملك فيصل مع مصر خلال حرب 73، عندما وضع البترول، وما وراء البترول، تحت أمر الحق العربي، والشرف العربي، والكرامة العربية ثم ها هي الأيام تدور دورتها، ويثور الشعب في 30/6 على الذين حاولوا خداعه، فإذا بالمملكة تعلنها مدوية: نحن مع ما يريده الشعب المصري، ولن نخذله، وكان موقف سعود الفيصل في باريس قاطعا كالسيف: لن نسمح لأحد بانتهاك كرامة مصر، هكذا يعرف الرجال، وتعرف مواقف الحكماء، الذين يعرفون جيدا ألاعيب الصغار، الببلاوى في السعودية، أهلا وسهلا، الزيارات تروح وتأتي، لكن ثوابت الأمم ومبادئها وأخلاقها تبقي، ومن أهم الثوابت أن مصر لا يمكنها الاستغناء عن السعودية، ولا يمكن للمملكة أن تستغني عن مصر، تلك كلمة التاريخ وإرادة الغرافيا، تتغير السياسات «الوقتية» حسب مقتضيات الحال، لكن يبقى للتاريخ والجغرافيا الكلمة الفصل!
وبشأن زيارة الببلاوي للسعودية أبرزت صحيفة «الأهرام» تأكيد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء السعودي، استمرار دعم السعودية لمصر بكل قوة، وأن أمن واستقرار مصر يهم الدول العربية كلها، وأن ما يضر مصر يضر السعودية وما يسعد مصر يسعد المملكة، وذلك خلال مباحثات الببلاوي مع ولي العهد السعودي بحضور الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، ومن الجانب المصري وزراء النقل والاستثمار والتخطيط والبترول والإسكان.
ويقول الدكتور مأمون فندى في مقاله بصحيفة الأهرام: بعد الدعم المادي الذي تلقته مصر من الشقيقتين السعودية والإمارات بعد ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم الإخوان في مصر وإلى الأبد، ظن البعض أن الدعم المادي هو سقف هذا التحالف، ولكن الناظر إلى الصورة ثلاثية الأبعاد لمواقف كل من المملكة العربية السعودية والإمارات يدرك أن لهذا التحالف عمقا إستراتيجيا ورؤية فكرية حاكمة تجعله تحالفا يكتب له البقاء على المدى الطويل، وأضاف فندى القرار الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والذي وضع جماعة الإخوان ومعها جماعات التطرف الأخرى على قائمة الإرهاب يمثل رؤية حاكمة لنظرة التحالف الجديد لشكل المنطقة العربية بعد جماعات التطرف. من هنا تكون قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي جرمت جماعة الإخوان ومعها كل الجماعات التي خرجت من رحمها وآخرها القاعدة، تمثل دعما استراتيجيا لمصر يفوق الدعم المادي. قرارات العاهل السعودي تقول ببساطة إننا حلفاء في مواجهة الفئات الضالة وجماعات الإرهاب التي تتخذ من الدين ستارا لتقويض الاستقرار في بلداننا لخدمة قوى غير عربية طامعة في منطقتنا العربية، وأوضح فندى أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ضد الجماعة الإرهابية هو اختبار لمدى جدية باراك أوباما في أخذ المصالح العربية في الاعتبار عندما يأتي لمناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأكد الكاتب المصرى: «ليس لدى أدنى شك في صلابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما يتخذ موقفا فهو رجل معروف بصلابته، فقد أتيحت لي فرصة لقاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز ثلاث مرات في لقاءات بهدف إجراء حوارات معه» وتابع الكاتب «الملك عبدالله بن عبدالعزيز كما رأيته شخصية قائد يعرف ما يريد لا يتردد، يقود ولا ينقاد» والحوار مع جلالته «يكشف عن شخصية عربية مستنيرة وواعية ومدركة لحدود إمكانات المملكة العربية ودورها في العالم العربي والإسلامي، وليس لدي أدنى شك في حب الملك عبد الله لمصر ودعمه لها وأذكر في لقاء كان يعرض عليه أحد الوزراء البيان الختامي لجلسة مجلس الوزراء وجاء فيه اسم مصر مجردا، فصححه وقال: اكتب الشقيقة الكبرى مصر».
فيما كشف مسئول حكومي يشارك في المباحثات المصري السعودية لصحيفة «الشروق» أنه يتوقع مفاجأة من المملكة عقب انتهاء المباحثات وفي الأغلب ستكون زيادة المنحة التمويلية المخصصة لدعم الاقتصاد المصري، بعد نجاح جزء من خارطة الطريق، لكن المؤكد أن هذه المنحة الإضافية ستكون عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لتدخل في موازنة العام القادم بعد 30 يونيو المقبل.
وقالت مصادر دبلوماسية: إنه من المنتظر الاتفاق خلال زيارة الببلاوي على زيادة حجم الاستثمارات السعودية لمصر من 4ر5 مليار دولار إلى 2ر6 مليار دولار، والتي ستدرجها الحكومة المصرية ضمن خطة تحفيز وتنشيط الاقتصاد التي وضعتها لضخ المزيد من الموارد المالية في قطاعات الاقتصاد المختلفة وتنفيذ قرارات الحكومة الخاصة بالفئات المهمشة. وأضافت المصادر أن مسئولين سعوديين أبلغوا القاهرة أن المساعدات الاقتصادية من المملكة قد تضاعفت إلى 4 مليارات دولار أخرى حال الانتهاء من الانتخابات الرئاسية وتشمل قائمة المشروعات الجديدة التي تمت مناقشتها الجسر البري بين السعودية ومصر الذي يهدف إلى تعزيز حركة التجارة بين البلدين .