انتقد اقتصاديون حجم التداول في سوق الصكوك بالمملكة داعين إلى ضرورة فتح الآفاق أمام إصدار الصكوك. وقال الاقتصادي صلاح الشلهوب إن الصكوك الإسلامية لها مستقبل كبير بسبب حاجة السوق إلى السيولة، ولزيادة الثقة بها، واليوم نجد في السوق السعودي أن المنافسة بين المؤسسات المالية كبيرة لشراء هذه الأطروحات، وما يعرض في السوق منها قليل، وحجم التداول عليها لا يكاد يُذكر؛ وذلك بسبب حجم الطلب الكبير عليها وقلة المعروض والتحديات القائمة.
واعترف الشلهوب بوجود تحديات تواجه الصكوك، وخصوصاً في جانب شرعيتها؛ إذ إن بعض صور الصكوك التي تطرحها المؤسسات المالية يرى بعض الفقهاء أنها غير متوافقة مع الشريعة، إضافة إلى أن بعض الصور الأخرى لا يمكن تداولها بعد إصدارها إلا بضوابط محددة، تُحدّ من فرص تداولها بصورة مرنة في السوق، كما أن كثيراً من الإصدارات للصكوك تستهدف فئة محددة، هي الشركات والمؤسسات، وليس الأفراد، نظراً لغلاء سعر الوحدة الواحدة منها. وأضاف الشلهوب: الصكوك بالإمكان إصدارها من خلال عقود الإجارة أو المرابحة أو المشاركة، وغيرها من أدوات التمويل الإسلامي، أو هجين مركب من بعض هذه العقود. والصكوك الإسلامية يمكن أن توفر بديلاً عن السندات في المؤسسات التقليدية، وتمتاز بأنها تمثل ملكية في أصول، بما يعزز من كفاءة هذه الأدوات في إدارة المخاطر. وحول حجم الصكوك الإسلامية المتداولة أشار الشلهوب إلى أن الصكوك الإسلامية تُعتبر أكثر الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة نمواً خلال الفترة الماضية؛ ويعود ذلك إلى زيادة الثقة بها من قبل المستثمرين، إضافة إلى حاجة الأسواق المالية إلى السيولة بعد الأزمة العالمية، كما أنها قطاع جديد يجد فرصة أكبر للنمو في هذه المرحلة من عمر التمويل الإسلامي، إضافة إلى عنصر مهم مرتبط بجميع أدوات التمويل الإسلامي، وهو النمو الاقتصادي، الذي تشهده دول الخليج والمنطقة عموماً؛ ما عزز من فرص نمو التمويل الإسلامي.
من جهته قال الباحث المصرفي نواف يوسف أبوحجلة إن سوق الصكوك السعودية شهد تداولات متدنية خلال العام الماضي؛ إذ بلغت 227.1 مليون ريال فقط، رغم أن حجم إصدارات الصكوك والسندات المتاحة للتداول في السوق يبلغ 28 مليار ريال، نصفها للشركة السعودية للكهرباء بقيمة 14 مليار ريال، تليها صكوك شركة صدارة للخدمات الأساسية بقيمة 7.5 مليار ريال. مضيفاً بأن المملكة جاءت في المرتبة الأولى في الإصدار؛ إذ بلغ مجموع ما أصدرته من صكوك في 2013م 7.5 مليار دولار، فيما احتلت الإمارات المركز الثاني بمجموع إصدارات بلغ 5.2 مليار دولار، ثم البحرين وقطر والكويت، وهذا يرفع حجم زيادة الصكوك العالمية القائمة إلى 245.3 مليار دولار للعام 2013، أي بزيادة 7 % مقارنة مع حجم الصكوك المسجلة في نهاية 2012م، الذي بلغت فيه 229.3 مليار دولار، هذا يحدث في وقت تتوقع فيه بعض التقارير زيادة الطلب العالمي عليها ليبلغ 421 مليار دولار في 2016. وأضاف: من أهم خصائص الصكوك الإسلامية أن رأس مال الصكوك (مقدار التمويل المطلوب) من وحدات استثمارية متساوية القيمة يخول لصاحبها حصة شائعة في موجودات العملية أو المشروع موضوع التمويل بنسبة ملكيته من صكوك إلى إجمالي قيمة الصكوك. وتابع أبو حجلة: الصكوك الإسلامية ما زالت تواصل نموها وتوسعها، بالرغم من المشاكل الاقتصادية العالمية؛ إذ أكدت تقارير اقتصادية حديثة بلوغ مجموع إصدارات الصكوك عالمياً خلال 2013م 61 مليار دولار مع إمكانية قفزها إلى أكثر من 100 مليار. مشيراً إلى أن نمو هذه الصكوك وصل العام 2012 إلى معدل 85 %. ووفقاً لهذه الأرقام فإن سوق الصكوك يشهد مرونة عالية بسبب التقلبات التي شهدتها أسواق السندات العالمية، خاصة بعض الإشارات التي صدرت عن السياسة النقدية في الولايات المتحدة؛ إذ أثارت العديد من المخاوف لدى صناع القرار المالي وطالبي التمويل، إضافة إلى بعض التوقعات المتفائلة بشأن النمو الاقتصادي العالمي. وقال أبو حجلة إنه وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، فإن وتيرة نمو إصدار الصكوك الإسلامية معرضة للإبطاء بسبب الاقتصاد العالمي غير المستقر؛ إذ أشار التقرير إلى أن التمويل الإسلامي يحافظ على وتيرة نموه السريع، ويعزز صدقيته كبديل للتمويل التقليدي. مبيناً أن المشاكل البنيوية هي التي تُحدُّ من تواصل نمو قدرته الكامنة، مشيرة في بيانها إلى أن النمو الذي سجله الطاع جعلها أكثر حساسية لتذبذبات الاقتصاد العالمي.