أعتقد بأن القصيدة يجب أن تكون مع الناس وأن تذهب إليهم دون أن تتخلَّى عن أن تكون قصيدة وأن تتخلّى عن نفسها، يجب على الشعر أن يكون وفياً للآخرين دون أن يتخلّى عن نفسه، ودون أن يخون نفسه. والذين يظنون أن الوفاء للشعر.
يقتضي خيانة الآخرين مخطئون، والذين يظنون أن الوفاء للحياة والواقع يغفر خيانة الشعر هؤلاء أيضاً مخطئون.
قد يبدو المشهد الشعري، العربي، لامعاً وصخاباً، لكنه لا يتمتع، في الغالب، إلا بعافية مصطنعة، حيث يدب الدجل والغبار والنميمة الثقافية. وعندما تفرغ الحياة الإبداعية من فتوتها الجياشة، ويختار بعض المبدعين، اضطراراً، نصيبهم الشاق من الصمت أو الموت أو النسيان، يسارع كتبة المدائح النقدية ليجعلوا من تلك الحالة الطارئة واقعاً موضوعياً.
إذا كان الشعر تجربة فالكلام تجل لتلك التجربة ولعواطف الشاعر وأحاسيسه في تلك التجربة، فالشاعر يعي العالم جمالياً ويعبّر عن هذا الوعي تعبيراً جمالياً ومن هنا كان الشعر بنية لغوية معرفية جمالية وتحليل بنية اللغة الشعرية يسمح بالكشف عن حيازة الشاعر الجمالية للعالم أي يسمح بالربط بين اللغة والرؤية .. وإذا كانت اللغة في النثر العادي، أو العلمي وسيلة للتعبير المباشر عن مقولة ترغب في إيصالها أو توضيحها فإن اللغة في الشعر غاية فنية بقدر ما هي وسيلة تؤدي معني وتخلق فناً.