قيمة فيلم «نادي المشترين في دالاس» تتمحور حول إثارة العديد من الأسئلة حول النظام الطبي بشكل عام في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.
قصة الفيلم تدور حول رجل حامل لفيروس «آتش اي في» أو الإيدز، يبلغه طبيبه أن المدة المتبقية لحياته هي ثلاثين يوماً لنبدأ معه رحلة الصراع مع المرض ومحاولات بشتى الطرق من قبله لإيجاد علاج للمرض.
الفيلم مبني على قصة حقيقية، ومن هذا تبرز أهيمته لتوثيق مدى البيروقراطية التي يعيشها نظام البحث الطبي الأمريكي من ناحية سلاسة الإجراءات في سبيل تسريع التشريعات الطبية الخاصة بالأدوية. من فيلم مايكل مور «سيكو» الوثائقي قبل سنوات وقبله فيلم دينزل واشنطون مع توم هانكس «فيلادلفيا» في العام 1993 طرحت العديد من الأسئلة في المجتمع الأمريكي حول أولاً النظام الطبي في أمريكا مقارنة بالعديد من دول العالم الأول مثل كندا وألمانيا، والسؤال الثاني الذي طرحه فيلم»فيلادلفيا» حول التمييز الذي يواجهه حاملو فيروس الإيدز، وهناك مشكلة يواجهها الطب في أمريكا لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب ربما حتى اليوم وهي سلاسة تشريعات الأدوية. هناك بيروقراطية مبالغ فيها، هناك سيطرة لبضعة شركات في إنتاج الأدوية، والأهم الشغف السياسي لحل تلك الإشكالية غائب أو ربما مغيب.. طوال التاريخ الطبي الأمريكي المشرف في الحقيقة نلاحظ أنه يواجه تراجعاً في سرعة إنتاج الأدوية المكتشفة حديثاً عالمياً، وهو الأمر المستغرب في ظل التقدم العلمي والطبي في المستشفيات الأمريكية ذات الإمكانات الرفيعة والكوادر الطبية والأهم قوة الطب من ناحية الأكاديمية.
المشكلة ترجع بسبب سيطرة العديد من الشركات على حقوق الأدوية، وخوفها من تراجع مبيعاتها بسبب دخول منافسين جدد خصوصاً من خارج الولايات المتحدة.. الفيلم يطرح سؤالاً هاماً وهو هل من الممكن أن تكون الحقوق الملكية والقانون سبباً في منع أو تأخير دواء تم اكتشافه حديثاً من الممكن أن يتسبب في شفاء العديد من المرضى ليس فقط داخل الولايات المتحدة بل حول العالم؟.
الفيلم بشكل مثير للدهشة يدين الجهات المسؤولة سواء في مراكز الأبحاث التي لها سلطة في تشريع العلاجات في أمريكا، أو حتى بعض السياسيين داخل مجلس الشيوخ أو مجلس النواب الذين لا يبذلون الكثير من الجهد بالضغط على شركات الأدوية المسيطرة بنسبة كبيرة على الأسواق الأمريكية ولهذا السبب يواجه برنامج «أوباما كير» الطبي العديد من الاعتراضات داخل مجلس النواب الأمريكي الذي تسيطر عليه غالبية من الجمهوريين.يركز الفيلم أيضاً على مدى تعامل بعض شرائح المجتمع الأمريكي مع المتحولين في الجنس، والأهم حاملي مرض الإيدز منهم، ولهذا الفصل العنصري قبول لدى نسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي خصوصاً الجمهوري منه .. يرجع بعض الباحثين هذا الفصل العنصري ليس لعامل ديني بل أخلاقي بالدرجة الأولى، حيث ترى العديد من الدراسات أن الذين يميزون بين حامل الإيدز له نفس النظرة الدونية لذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً.
الفيلم على عكس توقعات المنتجين نال نسبة إعجاب عالية وحقق أرباحاً عالية في شباك التذاكر، ونال عدة ترشيحات في الأوسكار بينها أفضل ممثل رئيسي ماثيو ماكونهي والذي قام بدور عميق مع بناء درامي ممتاز يؤكد على أفضليته هذا العام بثلاثة أفلام وأدوار مميزة، مع الشاب الصاعد والمثقف جاريد ليتو والذي نال ترشيحاً للأوسكار عن فئة أفضل ممثل مساعد بدور مختلف كلياً عن شخصيته، المركبة والمعقدة وصعبة التنفيذ.
أيضاً نال الفيلم ترشيحاً لأفضل فيلم في الأوسكار والذي سيعلن الفائزين مطلع شهر مارس المقبل.