ليس لدي أدنى شك؛ أن هناك قوى؛ تسعى بكل ما أوتيت من قوة، لزعزعة أمن واستقرار المملكة، وبث الفرقة والخلاف بين طبقات المجتمع فيها، انطلاقاً من تشويه واستغلال مواقفها السياسية في المنطقة، وتوظيف حوادث أو سياسات داخلية بحتة..
..وتكثيف الضوء على قضايا خلافية تبرز من خلال السعوديين أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فيتلقفها المتربصون بنا، ليجعلوا منها دوائر نارية مشتعلة، حتى يقع فيها بعض السعوديين بحسن نية أحياناً، فيتحولوا إلى وقود يشعلها كلما خبت نارها.
- مثال واحد فقط على ما نقول في هذا الصدد: فقد نظم بعضهم قبل عدة أسابيع، حملة (Hashtag) على الشبكة عن مطالب قيادة المرأة للسيارة، وهذه قضية داخلية تخص المجتمع السعودي، وتنقسم الآراء حولها بين مؤيد ومعارض، حتى بين النساء السعوديات المعنيات بالأمر، ففيهن من تقبل ومن ترفض، وهو أمر ليس بالجديد علينا، فقد أثيرت هذه القضية مرات عدة في سنوات خلت، ومع ذلك؛ كان من الطبيعي أن يكون معظم الملتقين للحوار في هذه الحملة؛ من السعوديين، إن لم ينحصر الحوار بينهم، لكن المدهش في الأمر؛ هو عدد (المهشتقين) من غير السعوديين، حيث شارك من إيران (170 ألفاً)، ومن الولايات المتحدة (150 ألفاً)، ومن مصر الشقيقة (500 ألف)..!! بينما لم يتجاوز عدد السعوديين عشرات الآلاف، إضافة إلى أعداد قليلة من أوروربا ومن بعض البلدان.
- هذه الأعداد الكبيرة القادمة من إيران وأميركا ومصر تحديداً، من نظمها..؟! ومن جمعها..؟! ومن جعلها تصوت على رأي واحد ضد الدولة السعودية، إذا لم تكن موجهة مخابراتياً من جهات معادية، تضمر لنا ولبلادنا السوء، وتتمنى اليوم الذي ترى فيه الدماء والاقتتال بين السعوديين، وأن ينالهم ما نال غيرهم في تونس وليبيا ومصر واليمن وسورية وخلافها، فهي كلها التقت هنا من أجل تسييس القضية، ومذهبتها، وأن تجعل منها مفصلاً لنقد الدولة السعودية، وتحريض الشعب السعودي على حكومته، وتصوير القضية على أنها قضية حرية منتهكة، وكرامة مهانة، وفي هذا إيحاء بضرورة اتخاذ مواقف مضادة، إلى ما هنالك من سوء نية مبيتة، وخبث دفين، وتدخل سافر؛ حتى في الطريقة التي يفكر بها أبناء وبنات هذه البلاد.
- من أنتم يا أيها (المهشتقون) ضد هذه البلاد حكومة وشعباً..؟!
- إن أكثر الأعداد كما هو ملاحظ؛ جاءت من مصر ومن إيران، وإذا تفهمنا العدد الإيراني بناءً على مواقف إيران الدولة، وتوجيهها المخابراتي الدائب للتخريب في دول الجوار، فإن العدد المصري الكبير؛ لا يمكن أن يُربط بالشعب المصري الشقيق، الذي تقف المملكة معه ومع حكومته، خاصة في الوقت الحاضر، بعد أن انتصر على نفسه لنفسه، واستعاد عافيته، ولا يمكن أن يأتي عفوياً بهذه الصورة التي لا تعنيه في الأساس، إلا أن يكون التنظيم الإخواني الدولي، هو الذي زج بهذا العدد الكبير من أرض الكنانة للإضرار بالمملكة، كما أني لا أستبعد التنسيق مع قوى إيرانية وفروع إخوانية هنا وهناك، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، إذ ماذا تعني مسألة قيادة المرأة للسيارة في دولة شرق أوسطية للمواطن الأميركي..؟!
- أنا أتحدث عن حالة واحدة فقط من حالات كثيرة؛ يجد فيها أعداؤنا فرصتهم للنيل منا حكومة وشعباً، وهذا لا يعني أني أدعو إلى عدم الخوض في قضايانا الداخلية والتحاور حولها، فقائد هذه البلاد الملك المفدى- حفظه الله-، هو صاحب الريادة في الحوار والنقاش، والداعي إلى طرح الخلافات مهما كانت على بساط البحث من خلال مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وما يعرض ويبث على قنوات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، والصحافة؛ وحتى القنوات الفضائية، حول قضايانا الحياتية، هو ظاهرة صحية، لأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية كما يقال، هذا إذا بقيت كل قضية في إطارها، ولكن المهم في هذا الخصوص؛ هو الانتباه جيداً، إلى الثغرات التي يمكن استغلالها من قبل المتربصين بنا ليلاً ونهاراً، وشغلهم الشاغل التشكيك والتشويش، وتشويه الصورة التي تجمع الشعب بقيادته، ومن ثم تكوين صورة ذهنية وهمية بديلة، مما قد يُغتر به ضعاف النفوس والبسطاء من الناس، ويركب موجته المغرضون منا.
- إن ما وقع لعدد من البلاد العربية، ووصل بها إلى حالات التشرذم والاقتتال وانعدام الأمن، كان مبعثه شرارة فتنة أوقدها أشرار منظمون على إدارة الفتن، ويتبعون أحزاباً ومنظمات إقليمية ودولية، ولهم أجندات بدأت تظهر معالمها للعيان، وأخذت الشعوب المنكوبة في المنطقة العربية؛ تعض أصابع الندم، وتندب حظها العاثر.. وحالهم كما قال الشاعر العربي:
عَجَبا لِلَّزمانِ في حَالَتَيْه
وبلاء ذهبت منه إليه
رُبَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ مِنْهُ فلمّا
صرت في غيره بكيت عليه