التطرف الأعمى موجود في بلادنا العزيزة مثل غيرها من البلدان لدى عدد من النخب الفكرية والحركية الذين لا يتجاوزون العشرات أما أتباعهم - وهم في الغالب من الشباب والأحداث ما بين الخامسة عشرة والثلاثين من العمر- فلا يتجاوزون عشرات الألوف لا يلبث أكثرهم أن يتراجع عن هذا الفكر الضال بعد وقت وجيز من اعتناقه.
لكن التطرف في بلادنا العزيزة لم ينتشر ويتمدد ويتضخم ليغدو دموياً عنيفاً كما حدث في أقطار شقيقة مجاورة كالشام ومصر والعراق لأنه لم يستفز هنا كما استفز هناك، حيث تعاطت معه قيادتنا الرشيدة بأكفأ درجات الاحترافية المسؤولة منذ البدايات الأولى لظهوره أواخر العشرينات الميلادية وفي الجولة الثانية من ظهوره وانتشاره بين الشباب بوجه يساري في الستينات ثم في مرحلته الثالثة أواسط التسعينات الميلادية بثوب ديني، فنجحت في ذلك نجاحاً باهراً أثار إعجاب المتابعين للشأن السعودي.
التطرف بجميع ألوانه وأشكاله الديني منها والعرقي والقومي ليس من طبيعة الآدمي الفطرية التي خلقه الله عليها، إذ هو مرض نفسي طارئ على الإنسان يكتسبه من الأنماط التربوية الخاطئة والتهييج العاطفي الطائش، يمكنه في معظم الحالات الشفاء والتعافي منه ولا يكون مستعصياً إلا في حالات نادرة وظروف خاصة لها أسبابها ودوافعها المتعددة.
اتباع الفكر المتطرف هم أكثر إيماناً به من قياداتهم، إذ يكون القائد للفكر المتطرف انتهازياً في الغالب امتطى هذا الفكر للزعامة والمال وهذا ما يفسر لنا كون أبناء أولئك القادة يذهبون إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في حين يذهب الأتباع من أبناء الفقراء والمطلقات والأسر المفككة إلى خنادق الموت بالمناطق الملتهبة.