الجزيرة - الرياض:
جنى المصرفيون المتخصصون في أسواق الدين العام الماضي أتعابا كبيرة لاسيما من إصدار صكوك هجين لمصرف أبوظبي الإسلامي بمليار دولار. وتبدو خطط الإصدار ضعيفة هذا العام بسبب وفرة السيولة قصيرة الأجل.
وقال مصرفي متحدثا لخدمة آي.إف.آر التابعة لتومسون رويترز إن «البنوك المحلية تمول ميزانياتها بالديون قصيرة الأجل فقط ولديها سيولة كبيرة بفضل ودائع العملاء والقروض المباشرة لأجل سنة أو سنتين».
وسجلت ودائع العملاء بالمنطقة زيادة كبيرة. وقال بنك دبي الإسلامي مثلا مؤخرا إن ودائع عملائه بلغت 79.6 مليار درهم (21.7 مليار دولار) بنهاية سبتمبر أيلول بزيادة 19.3 في المئة عن نهاية 2012.
وبلغ إجمالي ودائع الجهاز المصرفي الإماراتي عموما 1.25 تريليون درهم في يوليو تموز بارتفاع 7.3 في المئة عن نهاية 2012. وبلغ الائتمان الممنوح من البنوك 1.08 تريليون درهم بارتفاع 5.2 في المئة حسب بيانات مصرف الإمارات المركزي.
ومن العوامل التي أسهمت في هذا النمو في الإمارات الاضطرابات التي تعيشها بعض بلاد المنطقة. فكثير من الناس في الشرق الأوسط يتطلعون إلى ملاذ آمن لأموالهم والإمارات إحدى هذه الأسواق. وإذا ظلت هذه الودائع مستقرة فقد لا يصبح لدى البنوك دوافع كافية لإصدار سندات حتى في العام القادم.
وقال شافان بوجيتا رئيس قسم استراتيجية الأسواق في بنك أبوظبي الوطني «لا أعتقد أنها طفرة قصيرة الأجل».
وتابع «هناك متطلبات تمويل و(بنوك الخليج) ستظل مصدرا رئيسيا للإصدارات الأولية بهذه السوق خصوصا. لكن في الأجل القريب قد تصدر هذه البنوك أدوات دين أقل لأن لديها سيولة قوية جدا وتطبق نهجا أكثر تعقيدا في إدارة الأصول مقابل الخصوم.»
وأفادت دراسة مالية إلى مساهمة التعقيد النسبي لصيغ الصكوك في زيادة تكلفة إصدار الصكوك لتصبح أكثر تكلفة من السندات التقليدية . وقال معظم مرتبي الصكوك (72 في المئة) إنهم يعتبرون الصكوك خيارا أعلى تكلفة عموما وتوقع نصفهم تقريبا أن تزيد الكلفة الإضافية للصك الواحد على 200 ألف دولار.
لكن معظم الجهات المقترضة (61 في المئة) قالت إنها ستصدر صكوكا حتى لو دفعت عائدا أعلى بخمسين نقطة أساس عن السندات التقليدية. وقال 26 في المئة ممن شاركوا في الاستطلاع إنهم سيصدرون صكوكا بغض النظر عن اختلاف العائد.
حيث توقعت دراسة لمؤسسة تومسون رويترز أن تبلغ الفجوة بين العرض والطلب على السندات الإسلامية (الصكوك) ذروتها عام 2014 ثم تبدأ في الانكماش تدريجيا خلال عدة سنوات مع تزايد عدد الإصدارات.
وقال المحللون الذين أعدوا الدراسة إن الطلب على الصكوك بين المستثمرين الإسلاميين في بلاد الخليج الغنية ودول جنوب شرق آسيا تجاوز العرض لعدة سنوات خلت على الأقل.
واستغرقت الشركات والبنوك بعض الوقت لكسب خبرة إصدار الصكوك وانشغلت شركات كثيرة بإصلاح ميزانياتها بعد الأزمة المالية العالمية وتمهلت في إصدار الصكوك.
وساعد هذا الخلل في خفض العائد على الصكوك كثيرا عند الطرح. وفي بعض الحالات جاء عائد الصكوك أدنى من السندات التقليدية المناظرة.
لكن هذه الصورة قد تبدأ في التغير بعد العام المقبل مع زيادة الإصدارات حسب الدراسة.
وتوقعت الدراسة اتساع الفجوة بين العرض والطلب إلى 229 مليار دولار عام 2014 من 211 مليارا هذا العام ثم انكماشها إلى 187 مليار دولار عام 2018. وتوقع التقرير أن تستهدف المؤسسات الإسلامية تخصيص نحو 30 في المئة من أموالها للصكوك.
وخلال التسعة أشهر الأولى من عام 2013 تراجعت إصدارات الصكوك بكل العملات بأكثر من الربع إلى 79 مليار دولار من 109 مليارات قبل عام مع زيادة هوامش الائتمان الدولية منذ مايو آيار بسبب توقعات بتشديد السياسة النقدية الأمريكية.
لكن التقرير توقع أن تستأنف إصدارات الصكوك ارتفاعها بسرعة العام المقبل إلى 130 مليار دولار عام 2014 و237 مليارا عام 2018.
وخلص إلى أن الجهات المصدرة للصكوك في ماليزيا تواصل الهيمنة على القطاع بسبب الاستخدام المكثف لإصدارات العملة المحلية.
أما من ناحية الطلب، فقد أشارت الدراسة إلى أن 50% من المحافظ الاستثمارية ستخصص قسطاً من استثماراتها في المنتجات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة، ومن ضمنها ما نسبته 25% إلى 35% سيتم تخصيصها للاستثمار في الصكوك.
كما أشارت الدراسة إلى أن المستثمرين ينظرون إلى سلطنة عُمان كسوق ناشئة وجذابة للاستثمار في الصكوك، فيما يتوقع مرتبو إصدارات الصكوك أن معظم الصكوك الجديدة سيتم إصدارها في السلطنة.
قال الدكتور سيّد فاروق، مدير أسواق رأس المال الإسلامية في «تومسون رويترز»:»على الرغم من التطلعات الإيجابية للعام المقبل، إلا أن العديد من التحديات التي تواجه سوق الصكوك لم تحل بعد، إذ أن هنالك قصورا في درجات الشفافية وتوحيد المعايير والمقاييس ونقص في السيولة في السوق الثانوية نظراً لمحدودية آليات التداول، إلى جانب الاختلافات في طرق التعامل مع الصكوك في الأماكن المختلفة.»
واختتم: «من اللافت أن البائعين والمشترين يفضلون دول شمال أفريقيا، مثل تونس وليبيا والمغرب ومصر، لإصدار الصكوك والاستثمار فيها. وقد أبدت هذه الأسواق اهتماماً أكبر ودعمت بصورة أقوى التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة في أعقاب ثورات الربيع العربي، وتعمل هذه الدول على تأسيس أطر تشريعية جديدة أو تعزيز تلك القائمة الخاصة بالتمويل المتوافق مع أحكام الشريعة.
وتاريخيا كان الكثير من المستثمرين يحتفظ بالصكوك حتى آجال الاستحقاق لكن هذا الوضع يتغير ببطء حسب استطلاع ضمن الدراسة لآراء 155 مستثمرا ومرتبا للصكوك في أغسطس اب وسبتمبر أيلول.
وتوقع 14.5 في المئة فقط من المستثمرين حاليا الاحتفاظ بالصكوك حتى موعد الاستحقاق انخفاضا من 25 في المئة في استطلاع العام الماضي. وينظر للصكوك بشكل متزايد على أنها خيارات استثمارية رئيسية وهو ما يشجع على تداولها.
وقال 47.3 في المئة من المستثمرين إنهم سيحتفظون بالصكوك لما بين سنة وثلاث سنوات مقارنة مع 42.4 في المئة من المشاركين العام الماضي. وتوقع 12.7 في المئة فقط الاحتفاظ بالصكوك لأقل من عام بتراجع عن نسبة 19.2 في المئة.
وتراجع تفضيل المستثمرين للإصدارات الدولية المقومة بالدولار لصالح صكوك العملات المحلية ذات العائد الأعلى. فقال نصف المستثمرين إنهم يفضلون الصكوك الدولية في أحدث استطلاع رأي مقابل ثلاثة أرباع تقريبا في العام الماضي.
ويجري تداول معظم الصكوك خارج أسواق المال. فقد تم إدراج 32 صكا فقط من إجمالي 520 صكا صدرت في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام في بورصات وهو نفس رقم العام الماضي تقريبا.