إشارة إلى ما نشرته جريدتنا الجزيرة بتاريخ 16-3-1435هـ تحت عنوان (انطلاق حملة الذوق العام لتحويل الممارسات السلبية في المجتمع إلى إيجابية) وقد أشير من خلال هذه الحملة إلى أهمية الذوق العام للمجتمع وإلى رصد الممارسات السلبية في المجتمع وطرح مقترحات للحد منها... إلخ.
وحقيقة أن تلك انطلاقة مباركة وحملة ذات هدف رشيد، وبهذه المناسبة أود ايضاح أن من سلبيات الذوق العام الاذى ذلك الذي يصيب كثيراً من البيوت التي لا تخلو من المرضى وكبار السن خصوصا المتقاعدين والأطفال الرضع ومنهم دون سن الدراسة وأن الكل بحاجة ماسة إلى الهدوء وتوفر أسباب الراحة وحينما تبزغ شمس كل يوم يحمد القوم السرى، فكل من في البيوت يتجهزون لاداء أعمالهم فالطلاب إلى مدارسهم والموظفون إلى مكاتبهم والتجار إلى متاجرهم والصناع إلى مصانعهم والحرفيون إلى حرفهم، الكل يبحث عن مصدر رزقه ويبقى في البيوت المرضى وكبار السن والعجزة والكثير من الأمهات والأطفال الرضع، ومنهم دون سن المدرسة، هؤلاء ينعمون على فرشهم حينما يستكملون نومهم وإلى حين وقت استيقاظهم يكون الكل قد أخذ نصيبه من النوم وربما بزيادة خاصة المتقاعد الذي آلى على نفسه أن يمتعها بالنوم بعد الكد والعناء الطويل أربعون من السنين قضاها من عمره في عمله ولكنه أحياناً يبلى بمن ينغص عليه حياته ويكدر نومه ويحرمه لذة التقاعد مثلي وذلك حينما يفاجأ بالأرض البيضاء المجاورة لمنزله سيشيد عليها مبنى سكني أو مركز تجاري ليس المهم ما سلف ذكره ولكن المهم أنه من هنا تبدأ معاناة الجيران خاصة السالف ذكرهم، ومن هنا تبدأ معاناة هؤلاء ومن هنا يبدأ شقاؤهم ومن هنا تبدأ رحلة العذاب، وذلك حينما يبدأ العمل بتلك الأرض البيضاء أو البيت المعد للهدم أولاً وثم التشييد فمن فجر كل يوم يبدأ البوكلين بالهدم ولمدة تزيد عن الشهر قد تصل إلى الشهرين، بعدها إن كان هناك بدروم يبدأ البوكلين من جديد بالضرب والتكسير والحفر لشهر أو أكثر من فجر كل يوم حتى صلاة العصر، ومن ثم تبدأ ما تسمى بالكمبريشنات لترميم الهدم والحفر والشيولات لحمل الأنقاض إلى ظهور التريلات (القلابيات) حينها تجد أولئك المساكين ناشدي الراحة يحسون بتزلزل الأرض من تحت رؤوسهم.
وكان صناع يطرقون الحديد ونجارون يقطعون الأخشاب من تحت رؤوسهم، فيا عذاب سكان البيوت المجاورة خاصة وبقية سكان الحي بصفة عامة، وليس إلى هذا الحد بل هناك معاناة الجيران من الأتربة التي تكسو جدران منازلهم من الداخل، وتغطي فرشهم بل كل أثاثهم وما إن تتم عملية التنظيف صباح اليوم حتى يتجدد الغبار في اليوم الثاني، اضافة إلى المعاناة من عيون العمالة التي تتسلق بيوت الجيران وقد تدخل الغرف من خلال الشبابيك والأبواب فيحرمونهم من التمتع بأحواشهم وحدائق منازلهم وفتح نوافذهم لدخول الشمس وتجديد الهواء وفقا للنصائح الطبية، ولا يكفي هذا فهناك القلابات التي تنقل الأنقاض تملأ البيوت والشوارع التي تمر بها برائحة الديزل، هنا نسأل كيف الخلاص وأين الحل وما ذنب أولئك الساكنين حينما يحرمون الراحة التي ينشدونها دون أن يذنبوا؟ وإلى متى تستمر تلك المعاناة وأين الذوق الذي نسعى إلى الوصول إليه في كل أمور الحياة؟ وإذا كان البعض يتأذى من رفع أجهزة الصوت في المساجد حين إطلاق الأذان للصلوات الخمس، وهي دقائق قد لا تتجاوز الثلاث، وفيها ذكر لله ولرسوله وعلى فترات متباعدة، فكيف بهم ان يتحملوا أذى الساعات الطوال من تلك الآلات الضخمة؟.
وإذا كان ولابد من حصول هذا النهج فلا بد من تقييده وذلك بمنع من يريد البناء داخل الأحياء ألا يستخدم تلك الأجهزة (البوكلين والكمبريشن) بتاتاً؛ رأفة بتلك الحالات السالف ذكرها، فيراعى ذلك عند استخراج فسح البناء.
أترك الأمر إلى سمو أمير الرياض وإلى معالي أمين مدينة الرياض، وإلى هيئة حقوق الإنسان، والله المستعان.