أمر مضحك ومحيّر، شرُّ بليه يثير المخاوف والإحباط، يجعلك من هوله تشكّك في قدراتك العقلية وتجلد ذاتك بأنك شخص سلبي لا ترى إلا النصف الفارغ من الكأس، والحقيقة أنّ الكأس بأكملها فارغة لا ماء فيها، وهو أمر سهولة الفساد والإفساد وصعوبة الصلاح والإصلاح!
وهو أمر يعاكس واقع جميع دول العالم السابقة واللاحقة، اذهب إلى أي دولة تشاء أول ما يتسرّب إلى نفسك قوّتها في النظام، يتسرّب إليك أنّ مسألة بناء بنية تحتية أمر سهل للغاية ، يتسرّب إليك أنّ إنشاء سكك حديدية وقطارات وأنفاق هو أمر غير معقّد بل غير مكلف وغير مضنٍ ولا يشغل سكان المدينة ولا يجعلهم يخرجون من طورهم كما هو الحال في تطوير أحد شوارع الرياض الرئيسية الذي لم ينته حتى كتابة هذه السطور منه، مكلفاً ميزانية مالية تكفي لبناء شبكة مواصلات في أي دولة أخرى غير السعودية، في أي دولة في العالم عدا بلادنا تشعر أنّ النظام العقاري والبريد وتجارة الأغذية وكل شيء لا يحتاج إلى معجزة ليصبح له نظام فاعل ودقيق محقق للعدالة بين الجميع، من سابع المستحيلات في دول العالم أن تتحكم في أسعار العقار كما تريد أو أسعار الغذاء أو أن تعلن عن مساهمات عقارية وتسرق الملايين، وتصبح حراً طليقاً بقوة الأنظمة التجارية التي لا تشبه أي نظام تجاري في العالم، نحن الدولة الوحيدة بالعالم التي وجدت أنها بحاجة إلى (سعودة)، وكالعادة تحرك المتنفعون من استشراء الفساد لتتحوّل السعودة إلى (لبننة وفلبنة وبكستنة وهنودة وأجنبة )، ليرمى المواطن السعودي في بيته مقابل اسمه في الهوية الوطنية ومبلغ زهيد لا يشتري له سمكه ولا يعلمه الصيد!
هذا الإصلاح السهل الذي يجعل شوارع المدن غير السعودية خالية من الحفر والتكسيرات والتحويلات، لماذا عندنا يصبح صعباً ومعقّداً وغير موجود من أساسه؟! حتى تبدو شوارعنا وكأنه أول ما ينشأ فيها الحفر، ثم بعد ذلك يتم تعبيدها و(زفلتتها)!
من أسهل أمورنا أن تتدارى خلف نشر مفسدة كما يحدث في أسعار الإبل ومزايينها، ومن أصعبها أن تحصل على ترخيص نشاط خيري أو مستشفى أطفال غير ربحي، لازلت أدعو للتفاؤل حيث الجيل الجديد القادم من جامعات العالم المتحضّر، علّه يحدث نقلة نوعية في ثقافة المجتمع ويتكاتف لمحاصرة الفساد واجتثاثه من جذوره، لأنّ النظر للفساد كأمر سهل يتعلّق بنسيج المجتمع وثقافته، وهذا داء لا دواء له سوى بتغيير ثقافة المجتمع!!