أنجز اليمنيون حلاً يُفترض أن يحفز المجتمع الدولي على استنساخ حلٍّ مشابه أو مقارب في سورية، فقد عقد مؤتمر الحوار الوطني اليمني أمس جلسته الختامية التي أظهرت أنَّ اليمنيين أنجزوا مشروعاً توافقياً، يظهر أنهم قد وضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح لإعادة اليمن إلى الاستقرار والأمن والتوقف عن الاقتتال، والتفرغ لبناء يمن جديد يعتمد على إطلاق التنمية في بلد حُرمت ومنذ عقود عن تطوير خدماتها وخدمة مواطنيها.
الإعلان عن قرارات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، والتي بُنيت على قاعدة (لا غالب ولا مغلوب)، ولا ظالم ولا مظلوم، لابد أن يكون حافزاً لأشقائهم السوريين الذين يجتمعون في جنيف منذ أيام.
اليمنيون وبمساعدة من أشقائهم دول مجلس التعاون توصلوا إلى صيغة ستعيد اللحمة لوطن كاد أن يتفتت، فقد طغت النزاعات الانشطارية والتقسيم على الكثير من دعاة الفرقة، والذين وضعوا أنفسهم في خدمة مخططات الأعداء، إلا أن مسارعة دول مجلس التعاون والتي بذلت من خلال أمانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهوداً مضنية، والأهم من ذلك صدق النية وخدمة المصلحة اليمنية فقط دون أن يكون هناك انحياز أو ميل لأي جهة أو جماعة يمنية ودون فرض أي إملاءات أو ضغوط، وهذا ما سهل مهمة استمرار التفاوض بين جميع الأطراف، ورغم محاولات التدخل من قبل أطراف إقليمية حاولت بل وعملت على تخريب جهود دول مجلس التعاون والمجتمع الدولي الذي فوض مجلس الأمن الدولي بتسهيل المباحثات بين اليمنيين، وكان لدور الممثل الدولي الدكتور جمال عمر دور مؤثر ومهم ومحايد في تعامله مع جميع الأطراف، وهذا ما أوصل المباحثات إلى النتيجة التي وصلت إليه، وهو الاتفاق على اليمن الجديد، يمن فدرالي من ستة أقاليم، تديره حكومة واحدة وطنية تجسد الشراكة الوطنية.
والنجاح النسبي الذي تحقق في اليمن جعل المحللين يؤكدون أن التجربة اليمنية تصلح أن تكون دافعاً لتكرارها على الأزمة السورية، وإذ يؤكد المحللون أن الحياد والتعامل المتكافئ مع جميع الأطراف، ووضع مصلحة اليمن العليا دون الأخذ بمصالح القوى الخارجية التي لا يهمها مصلحة اليمنيين، هو الذي أدى إلى نجاح مسيرة التفاوض اليمنية، والأهم من ذلك هو عدم استغلال الأوضاع في اليمن لمصلحة قوى خارجية مثلما يحصل في سورية، كما أن التزام دول الخليج العربية وهي الدول المجاورة والدول الكبرى بمنع وصول مقاتلين ومليشيات أجنبية رغم المحاولات التي يقوم بها نظام الملالي في إيران، وقام بها سواء في دعم محاولات الانفصال في جنوب اليمن، وتشجيع تمرد الحوثيين، إلا أن موقف دول الخليج العربية ومجلس الأمن الدولي حجّم هذا التدخل، ومنع الأطراف اليمنية المتقاتلة الاستقواء بالآخرين.
نجاح اليمنيين لابد وأن يكون حافزاً للسوريين، واستنساخ تجربة وساطة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي كانت وساطة أمينة وصادقة وهو ما يحتاجه السوريون الآن، وأن يعمل مجلس الأمن الدولي على إبعاد القوى الأجنبية من الأراضي السورية، ومنع أي وصول للمقاتلين الأجانب سواء من يقاتلون لدعم نظام بشار الأسد، أو المليشيات الإرهابية كتنظيم القاعدة أو داعش.