يطرح فيلم «The Wolf of Wall Street» للمخرج مارتن سكرسيزي قصة أحد أشهر المحتالين داخل السوق المالية في وول ستريت بمدينة نيويورك، ونرى بالفيلم طوال ساعاته الثلاث القصة الكاملة لأحد أشهر أغنياء سوق التعاملات الورقية ليس داخل الولايات المتحدة فحسب إنما حول العالم.
الفيلم مبني لقصة حقيقية لرجل يدعى جوردن بيلوفرت والذي أثارت شخصيته العديد من الأسئلة حول شرعية التعاملات المالية في العديد من الشركات داخل سوق الأسهم وخارجه وتورط البعض منهم في غسيل الأموال وتهريبها للخارج للهروب من دفع الضرائب والتي تقدر بمئات الملايين.
الفيلم يستعرض بتأن قصة جوردن منذ أن كان موظفاً عادياً في سوق وول ستريب المالي، قبل أن يستقيل من عمله ويؤسس شركته الخاصة والتي من خلالها استطاع جمع مئات الملايين من الدولارات من خلال صفقات وصفها البعض بالوهمية والخادعة.
يميل الفيلم أيضاً بعنف لحياته الخاصة وربما «الخاصة جداً» وكيف أثرت المادة على تعامله مع الناس ومع زوجته وعشيقته وأصدقائه المقربين، وللفيلم أيضاً بديهة واضحة في البناء الدرامي للشخصيات كعادة مارتن سكورسيزي والنص بلا شك الطريف وغير الممل.. هناك بعض النقاط التي ربما فقد الفيلم بعضاً من أسهمه منها مبالغة المخرج مارتن سكورسيزي في مشاهد الترف التي يعيشها أثرياء وول ستريت، ربما يرى البعض أنها منطقية لحسابات خاصة ببناء الشخصيات، لكن الرد هناك أن المبالغة في بناء الشخصيات هي عدم ثقة المخرج بنصه أو ضعف النص من الأصل.
هناك أيضاً أداء متوسط في طاقم الفيلم الإنتاجي في تقديم عمل يكمل المسيرة المتكاملة للمخرج مارتن سكورسيزي طوال أكثر من أربعة عقود في السينما، فلا نلاحظ أية جهود في التصوير كما هي العادة مع أفلام سكورسيزي، وليس هناك قوة كافية في المونتاج على عكس المتوقع من المحررة سلما سكولماكر، وبلا شك الفيلم يفشل جذرياً في الأزياء والديكور وبقية التفاصيل الإنتاجية، ولكن نعود للنقطة الأهم في الفيلم وهي أهمية الموضوع والنص المتماسك على الرغم من بعض الثغرات مثل المبالغة في شرح والتعمق في الشخصيات.
الفيلم في الجانب الآخر شكل صدمة للعديد من المشاهدين بسبب بعض العبارات التي يراها البعض غير مناسبة للذوق العام، وضعت قناة CNN الفيلم بجانب أفلام مثل «بلب فكشن» وغيره على أساس عدد الكلمات البذيئة على وصف القناة والتي تعدت 400 كلمة، في الوقت الذي وجد الفيلم مقص الرقيب له بالمرصاد في العديد من دول الشرق الأوسط أثناء عرضه في دور السينما، حيث تقلصت مدة عرضه من ثلاث ساعات إلى ساعتين وأربعين دقيقة.
ترشح الفيلم لعدة جوائز في الأوسكار منها أفضل فيلم ومخرج وممثل رئيسي لينارديو ديكابريو وأفضل ممثل مساعد للشاب الظريف والصاعد جونا هيل والذي قدم أحد أفضل أدواره، لكن لا يمكن أن نغفل عن الدور المتميز والقصير الذي قدمه الممثل الممتاز هذا العام ماثيو ماكونهي والذي لطالما كان حضوره بالدقائق المعدودة في الفيلم ممتعاً وظريفاً والأهم عمقاً من الناحية الدرامية البنائية، الفيلم ممتع، وربما صادم أوكلشيهياً للبعض ولكن حتماً لن تخسر بمشاهدته.