جازان - أحمد حكمي:
عندما تحاول البحث عن التنوع البيئي في مناطق المملكة فإنك لن تجد بيئة متنوعة مثل بيئة منطقة جازان من خلال تميزها بتضاريس متعددة ساهمت في خلق تنوع بيئي شكل انعكاسا واضحا على طبيعتها الساحرة وبالتالي على سياحة المنطقة، فتجد الأجواء البديعة والواحات الخضراء، والجبال الشاهقة تعانق السحاب وتغازل النجوم، والسهول تتزين بألوان نباتاتها العطرية وغير العطرية التي أصبحت جزءا مهما من ثقافة المنطقة، وشلالاتها التي تعزف أنغاماً من المتعة والنقاء، وكلما اقتربت منها أكثر اكتشفت أنّها فعلاً كنزُ الطبيعة على امتداد محافظاتها وقراها من أحضان الجبال إلى وسط المدرجات الخضراء، وانتهاء بضفاف الأودية.
الطبيعة المتنوعة لبيئة منطقة جازان من خلال أرضها البكر تحتاج إلى جهود جبارة من جميع الجهات الحكومية والأهلية لكي تصل إلى مرحلة من الأمن البيئي للحفاظ على هذه الطبيعة الساحرة من التدهور وكذلك تكثيف الجهود للوصول إلى مرحلة من التساوي بين الاهتمامات السياحية والخدمات المقدمة في مواقعها السياحية المتنوعة.
وتعد البيئة الجبلية واحدة من المواطن البيئية المتنوعة التي تحتاج إلى الاهتمام للحفاظ على تنوعها الإحيائي والذي يكاد يتأثر بالعديد من المتغيرات البيئية مما يؤثر على غطائها النباتي وكذلك قدرتها على توفير الخدمات التي تساعد على الجذب السياحي ومن أهمها المواقع الجبلية التي تحتاج إلى الاهتمام
جبال فيفا
تقع جبال «فيفا» الشاهقة على ارتفاع يتجاوز 8000 قدم عن سطح البحر، وتتصل مع بعضها البعض بسلسلة جبلية تغطيها الخضرة، ما جعلها بمدرجاتها الخضراء مقصدا للسياح، وعلى مسافةٍ ليست بالبعيدة من فيفاء تقع محافظة الداير «بني مالك»، المظلّلة ُبالغيوم التي لا تكاد تفارق جبالها الشامخة، المغسولة َبزخات المطر، الموشّحة بالخضرة.
جبال الحشر
تقع جبال الحشر شمال شرق منطقة جازان وشمال جبل فيفا وتبعد عن مدينة جازان بحوالي 90 كلم وهي جبال شاهقة الارتفاع تتميز بالمباني التراثية.
جبال الريث
سلسلة جبال شمال منطقة جازان تبعد عن مدينة جازان بمسافة 110 كلم بها أروع المرتفعات الجبلية والخضرة وتتخللها الأودية الجميلة توافرت بها جمال الطبيعة والأمطار الموسمية التي أعطت جمال المرتفعات وجمال الخضرة وجمال الإنسان.
تنوع الأودية:
ما يميز التنوع البيئي في منطقة جازان وجود الأودية حيث تشتهر المنطقة بعدد من الأودية من أهمها وادي بيش ووادي جازان ووادي عناء وشهدان ووساع ووادي عتود ووادي بيض ووادي خلب ووادي الدحن وضمد ووادي قهب ووادي رزان ووادي لجب بطبيعته الساحرة ولعلنا هنا نعرج على بعض تفاصيل بعضا من هذه الأودية.
وادي لجب
يقع في الجزء الشمالي الشرقي من منطقة جازان ويبعد مسافة 120 كم ويتميز هذا الوادي بحدائقه المعلقة وشلالاته المتدفقة وذلك بسبب وقوعه بين جبلين ذوي ارتفاع شاهق ويعتبر هذا الوادي من المعالم السياحية الواعدة في منطقة جازان والذي يجد فيه الزائر المتعة في المغامرة والاستكشافات المتجددة لتشكيلاته الصخرية.
يبدأ «وادي لجب» بالتقاء واديين أحدهما يسمى «معرى» حيث يكونان الوادي الآنف الذكر الذي ما أن تدخله حتى تشعر بالخوف المشوب بالحذر، وذلك لارتفاع جانبيه وضيق مجراه، الذي تسلكه بعرض يتراوح في منعطفاته بين 4-6 أمتار، وارتفاعاته الحادة من 300-800 متر، وعندها لا تشاهد إلا ما يقابلك من السماء، ثم جريان ينابيعه الباردة العذبة المذاق، أما طوله فإنه يصل إلى هذا النحو المتعرج إلى 15 كيلومتراً، حتى يصب في وادي بيش العملاق، وعلى الرغم من ذلك فإن جوانبه خضراء، حيث تنبت الأشجار والعشب في الصخر.
وفي وسط هذا الارتفاع تشاهد الحديقة المعلقة على ارتفاع يزيد عن 200 متر من الوادي، ثم يعلوها ارتفاع آخر يصل إلى 400 متر، مشكلاً بالفعل حديقة معلقة يصل ارتفاع أشجارها إلى أكثر من 10 أمتار.
من خصائص وادي لجب أن الشمس تمر به مرور الكرام، حيث تمكث للحظات عابرة إلى جانب انكسار فريد من نوعه في الشرق الأوسط حيث ذكر بعض السياح الأجانب، الذين تعرفوا على الوادي، أن هذا الانكسار الصخري الجميل، هو الفريد من نوعه في الشرق الأوسط، وسوف يكون أهم المعالم السياحية في السعودية.
وادي وعال
ومن الأودية الشهيرة كذلك واد وعال في مركز مقزع التابع لمحافظة الريث حيث يعد من أجمل المواقع السياحية لقاصدي الرحلات والتنزه حيث يجمع المناظر الخلابة الطبيعية والصخور ذات التشكيلات الجميلة والشلالات العملاقة والزائر لهذا الوادي يجد العجب وذلك من خلال البيئة المحيطة بهذا الوادي والذي يتفرع إلى فرعين يتميز بجريانه الدائم على مدار العام وبتنوع الأشجار المعمرة فيه والممتدة على امتداد الوادي مثل أشجار نخيل الدوم وأشجار البن، وتوجد كذلك أشجار الموز والباباي والنباتات العطرية.
وادي بيش
يعتبر وادي بيش من أكبر الأودية في المنطقة حيث يبلغ عدد روافد هذا الوادي تسعة وتسعين وادياً ومن أهمها المرجفة ويخرف وقرى ويسقي هذا الوادي من المزارع ما مساحته ستون كيلاً طولاً في خمسة أكيال عرضاً عند شدة فيضانه حيث يجلب معه الطمي والذي يزيد من خصوبة الأرض الزراعية. وتصل قوة تصريف الوادي إلى 15000م3/ثانية ويبلغ طوله تقريباً 200 كم وتوجد على مشارفه العديد من المعالم الأثرية مثل مقابر الفطيحة الأثرية وقلعة الشراف مما يميز هذا الوادي أن الأرض المحيطة به تكتسي بالخضرة على مدار العام واكتسبت خصوبة زراعية جيدة.
العيون الحارة
كما تشتهر المنطقة بالعديد من العيون الحارة والتي تشكل بيئة استشفائية يقصدها الناس من أماكن متعددة لما تتميز به من ينابيع معدنية منها الحار ومنها الفاتر والمياه المعدنية تحتوي على أملاح ومواد كيميائية مذابة وتكون درجة الحرارة مرتفعة نتيجة لارتفاعها من أغوار بعيدة من طبقات الأرض أو لقربها من البراكين.
وأثبت الطب العديد من المنافع الصحية للعيون الحارة فوائد صحية ومنافع متعددة وذلك من خلال استخدامها في علاج الكثير من الأمراض.
وتوجد في المنطقة عدد من العيون الحارة ذات الخصائص المختلفة ومنها ما يلي:
العين الحارة في المعطن:
وتوجد في محافظة الحرث وتبعد عن مدينة جازان مسافة 60 كم من الناحية الشرقية الجنوبية وهي عبارة عن كتلة صخرية بركانية وتشاهد من الطريق العام خيمة من الدخان الأبيض المتصاعد من أبخرتها، وماؤها شديد الحرارة وتنساب من مجرى وادي خلب القريب منها وبالرغم من اختلاط مائها بماء الوادي فإنه لا يستطيع الإنسان أن يغتسل في الوادي في فصل الصيف.
عين الوغرة:
وهذه العين شرق العين الحارة هي شمال طريق جازان والخوبة ويقصدها الزوار بكثرة.
عين البزة:
تقع هذه العين جنوب مجرى وادي جازان على طريق جازان العارضة وهي على بعد 53 كم من مدينة جازان وهي تنبع من أكمة صخرية وتنحدر متدفقة بين شجيرات من النخيل والحلفاء وتشاهد أبخرتها المتصاعدة قبل الوصول إليها بمسافة 500 متر وأرضها سبخة وموقعها شرق أم القضيب في جهة وادي شهدان.
عين بني مالك:
وتسمى وغرة بني مالك وتقع في جبال بني مالك وهي على مقربة من الحدود اليمنية وتنبجس من جبل هناك وتنحدر إلى مجرى أحد روافده وادي ضمك وهي مرتفعة الحرارة وقد بني لها حوضان أحدهما للرجال والآخر للنساء ويقصدها كثير من الزوار وتبعد عن مدينة جازان مسافة 150 كم.
عين المدمع الحارة:
وتنبع هذه العين من صخر أسفل جبال العبادل من الناحية الغربية وتصب في نفق تشكل طبيعياً ليواصل الجريان إلى الطرف الآخر خلف الجبل من الناحية الشرقية وماؤها نقي تماماً خال من كافة الشوائب وتنفرد هذه العيون ببرودة مائها المثلج الصافي كالبلور، ولا يعرف أحد عمق النفق الذي تجتازه العين من الغرب إلى الشرق وهي جارية طوال العام لا تتأثر بالأمطار ولا بالجفاف.
أرخبيل جزر الأحلام:
ما يميز بيئة منطقة جازان وجود العديد من الجزر الساحرة تتنوع بيئتها البحرية الزاخرة بالعديد من المخلوقات البحرية إلى جانب الشعب المرجانية. وتعد الجزر محمية طبيعية للغزلان وتتميز بجمال جزرها وشواطئها المليئة بنبات الشورى والخلجان والأخوار المنتشرة بالجزيرة والآثار التاريخية العديدة التي تشهد بتاريخ الجزيرة.
فإلى الغرب من مدينة جازان على بعد 45 كلم تترامى ما يقارب 264جزيرة مشكلة أرخبيلا متناثراً من الجزر، خمس منها مأهولة فقط هي.. فرسان الكبرى وفرسان الصغرى والسقية وختب وقماح.. وفرسان هي عاصمة الأرخبيل وحاضرته وترتبط بجازان بخط ملاحي حكومي عبارة عن عبارات يومية من وإلى فرسان لنقل الأهالي والزائرين والسياح بالمجان بمتاعهم وسياراتهم.
من جانبه أكد المدير التنفيذي لفرع هيئة السياحة بمنطقة جازان رستم بن مقبول الكبيسي أن مشروع السياحة الاستشفائية بمحافظة الحُرّث هو أول مشروع من نوعه على مستوى المملكة، وينفذ على مساحة تقدر ب 4400 متر مربع، مشتملاً على عدد من المغاطس المخصصة للاستحمام بالمياه الكبريتية الحارة، وغرف التدليك والعلاج الطبيعي، إضافة إلى مسطحات خضراء ومواقف سيارات وغرف انتظار ومكتب استقبال ووحدات خاصة للاستراحة، فيما تمتد إلى جواره مساحات خضراء من الحدائق والمتنزهات العامة للمواطنين.
وأضاف الكبيسي بأن منطقة جازان تمتاز بعدد من المقومات البيئية انعكست على سياحة المنطقة منها الموقع الجغرافي المميز، والبيئة البرية، والبحرية وهذا يجعلها من المناطق المتنوعة بيئيا.